الموسوعة الحديثية


- أَعْظَمُ الفِرَى مَن يُقَوِّلُني ما لم أَقُلْ، ومَن أَرَى عَينَيهِ في المَنامِ ما لم تَرَ، ومَنِ ادَّعَى إلى غيْرِ أبيه.
الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 16983 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (16983) واللفظ له، وابن حبان (32)، والطبراني (22/68) (164)

إنَّ مِن أعْظَمِ الفِرَى أنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إلى غيرِ أبِيهِ، أوْ يُرِيَ عَيْنَهُ ما لَمْ تَرَ، أوْ يقولُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما لَمْ يَقُلْ.
الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3509 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

الكَذِبُ مِن أعظَمِ الذُّنوبِ الَّتي يَرتَكِبُها العَبدُ؛ فهو يُؤدِّي إلى الفُجورِ، والفُجورُ يؤدِّي إلى النَّارِ.
وفي هذا الحَديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الافْتِراءِ والكَذِبِ في أُمورٍ، ويُخبِرُ أنَّها أعظَمُ الكَذِبِ والافْتِراءاتِ، وهي: أنْ يَنتسِبَ الرَّجلُ إلى غَيرِ أَبيهِ، وفي الصَّحيحَيْنِ عن أبي ذَرٍّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِع رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «ليسَ مِن رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيرِ أبيهِ وهو يَعلَمُه، إلَّا كفَرَ، ومَنِ ادَّعَى قَومًا ليسَ له فيهم، فلْيَتبَوَّأْ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
وأيضًا أنْ يَدَّعيَ الإنسانُ أنَّه رَأى شَيئًا في المَنامِ، وهو لم يَرَه؛ وعَظُم ذَنبُه لأنَّه كذَبَ على اللهِ تعالَى؛ لأنَّه ادَّعى الرُّؤْيا الصَّادِقةَ، وهي مِنَ اللهِ تعالَى، وجُزءٌ مِن النُّبوَّةِ، بيْنما هو في الحَقيقةِ لم يَنَلْ شيئًا مِن ذلك.
وكذلك مِن أعظَمِ الفِرى أنْ يَكذِبَ المَرءُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيَدَّعي أنَّه قال شيئًا منَ الأحاديثِ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَقُلْه، وقد تَواتَرَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قال: «مَن كذَبَ عَليَّ مُتعمِّدًا فلْيَتبوَّأْ مَقْعدَه منَ النَّارِ»، وخَصَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكَذبَ عليه بالتَّحْذيرِ -وإنْ كان الكَذبُ كلُّه حَرامًا-؛ لأنَّ كَلامَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَشْريعٌ، وكَلامَ غَيرِه ليس كذلك؛ فالكَذِبُ على الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعظَمُ مَضرَّةً، وأعظَمُ إثمًا.
وقيلَ: جمَع الثَّلاثةَ في خَبرٍ واحدٍ؛ لشدَّةِ المُناسَبةِ بيْنها، وأنَّها مِن أفحَشِ أنْواعِ الافْتِراءِ، فالكَذِبُ على المُصْطَفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كذِبٌ في أُصولِ الدِّينِ، وهَدْمٌ لقاعِدةٍ مِن قَواعِدِ المُسلِمينَ، والكَذِبُ عليه كذِبٌ على اللهِ، فما يَنطِقُ عنِ الهَوى، إنْ هو إلَّا وحْيٌ يُوحَى، والرُّؤْيا جُزءٌ مِن أجْزاءِ النُّبوَّةِ، والمَنامُ طَرَفٌ منَ الوَحيِ، فإذا كذَبَ، فقدْ كذَبَ في نَوعِ الوَحيِ، ومَنِ ادَّعى لغَيرِ أبيه، فقدِ استَهْزأَ بنصِّ القُرآنِ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].
وفي الحَديثِ: التَّشديدُ في أمرِ الكَذِبِ لخُطورَتِه.
وفيه: حِرصُ الإسْلامِ على حِفظِ الأنْسابِ.
وفيه: الحِرصُ على السُّنَّةِ النَّبويَّةِ.