الموسوعة الحديثية


- خرَجْتُ إلى الطُّورِ فلقيتُ كعبَ الأحبارِ فجلَسْتُ معه فحدَّثَني عن التَّوراةِ وحدَّثْتُه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكان فيما حدَّثْتُه أنْ قُلْتُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ( خيرُ يومٍ طلَعَت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعةِ فيه خُلِق آدَمُ وفيه أُهبِط وفيه مات وفيه تِيبَ عليه وفيه تقومُ السَّاعةُ وما مِن دابَّةٍ إلَّا وهي مُصِيخةٌ يومَ الجمعةِ مِن حينِ تُصبِحُ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ شفَقًا مِن السَّاعةِ إلَّا الجِنَّ والإنسَ وفيه ساعةٌ لا يُصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو يُصلِّي يسأَلُ اللهَ شيئًا إلَّا أعطاه إيَّاه قال كعبٌ: ذلك في كلِّ سنةٍ يومٌ ! فقُلْتُ: بل في كلِّ جمعةٍ قال: فقرَأ كعبٌ التَّوراةَ فقال: صدَق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال أبو هُريرةَ: فلقيتُ بَصرةَ بنَ أبي بَصرةَ الغِفاريَّ فقال: مِن أينَ أقبَلْتَ ؟ فقُلْتُ: مِن الطُّورِ فقال: لو أدرَكْتُك قبْلَ أنْ تخرُجَ إليه ما خرَجْتَ إليه سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ ( لا تُعمَلُ المَطيُّ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجدَ: إلى المسجدِ الحرامِ وإلى مسجدي هذا وإلى مسجِد إيلياءَ أو بيتِ المقدسِ - شكَّ أيُّهما - ) قال: قال أبو هريرةَ: ثمَّ لقيتُ عبدَ اللهِ بنَ سلَامٍ فحدَّثْتُه بمجلسي مع كعبِ الأحبارِ وما حدَّثْتُه في يومِ الجمعةِ فقُلْتُ له: قال كعبٌ: وذلك في كلِّ سنةٍ يومٌ فقال عبدُ اللهِ بنُ سلَامٍ: كذَب كعبٌ قُلْتُ: ثمَّ قرَأ التَّوراةَ فقال: بل هي في كلِّ جمعةٍ فقال عبدُ اللهِ بنُ سلَامٍ: صدَق كعبٌ ثمَّ قال عبدُ اللهِ بنُ سلَامٍ: قد علِمْتُ أيَّةَ ساعةٍ هي قال: ثمَّ قال أبو هُريرةَ: فقُلْتُ له: فأخبِرْني بها ولا تضنَنْ علَيَّ فقال عبدُ اللهِ بنُ سلَامٍ: هي آخِرُ ساعةٍ في يومِ الجمعةِ قال أبو هريرةَ: وكيف تكونُ آخِرَ ساعةٍ مِن يومِ الجمعةِ وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( لا يُصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو يُصلِّي ) وتلك ساعةٌ لا يُصلَّى فيها فقال عبدُ اللهِ بنُ سلَامٍ: ألم يقُلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( مَن جلَس ينتظِرُ الصَّلاةَ فهو في صلاةٍ حتَّى يُصلِّيَها ) قال أبو هريرةَ: بلى قال: فهو ذاك
الراوي : أبو هريرة وبصرة بن أبي بصرة الغفاري وعبدالله بن سلام | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 2772 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين

خيرُ يومٍ طلَعت فيهِ الشَّمسُ يومُ الجمُعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ أُهْبِطَ وفيهِ تيبَ عليهِ وفيهِ ماتَ وفيهِ تقومُ السَّاعةُ وما من دابَّةٍ إلَّا وَهيَ مُسيخةٌ يومَ الجمُعةِ مِن حينَ تُصبحُ حتَّى تطلعَ الشَّمسُ شفقًا منَ السَّاعةِ إلَّا الجنَّ والإنسَ وفيهِ ساعةٌ لا يصادفُها عبدٌ مسلمٌ وَهوَ يصلِّي يسألُ اللَّهَ حاجةً إلَّا أعطاهُ إيَّاها قالَ كعبٌ ذلِكَ في كلِّ سنةٍ يومٌ فقلتُ بل في كلِّ جمعةٍ قالَ فقرأ كعبٌ التَّوراةَ فقالَ صدقَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ. قالَ أبو هُرَيْرةَ ثمَّ لقيتُ عبدَ اللَّهِ بنَ سلامٍ فحدَّثتُهُ بمجلسي مع كعبٍ فقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ قد عَلِمْتُ أيَّةَ ساعةٍ هيَ قالَ أبو هُرَيْرةَ فقُلتُ لَه فأخبِرني بِها فقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ هيَ آخرُ ساعةٍ من يومِ الجمعةِ فقُلتُ كيفَ هيَ آخرُ ساعةٍ من يومِ الجمُعةِ وقد قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا يصادِفُها عبدٌ مسلِمٌ وَهوَ يصلِّي وتِلكَ السَّاعةُ لا يصلِّي فيها فقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ ألَم يقُلْ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ من جلسَ مجلِسًا ينتظرُ الصَّلاةَ فَهوَ في صلاةٍ حتَّى يصلِّيَ قالَ فقلتُ بلَى قالَ هوَ ذاكَ
الراوي : أبو هريرة وعبدالله بن سلام | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 1046 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه أبو داود (1046) واللفظ له، والترمذي (491)، والنسائي (1430) باختلاف يسير، وقوله: "خير يوم طلعت ... وفيه تقوم الساعة" أخرجه مسلم (854) باختلاف يسير.وقوله: "وفيه ساعة ... حاجة إلا أعطاه إياها" أخرجه البخاري (935)، ومسلم (852) باختلاف يسير


يومُ الجُمُعَةِ جعَله اللهُ عزَّ وجلَّ خيرَ الأيَّام، وفضَّله على سائرِ الأيَّام؛ لِمَا وقَع فيه مِن أحداثٍ عِظام، وعن تلك الأحداثِ يُخبِر النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيقول: "خيرُ يومٍ طلَعت فيه الشَّمسُ: يومُ الجُمُعَةِ؛ فيه خُلِق آدَمُ"، وآدمُ عليه السَّلامُ هو أوَّلُ خَلْقِ الله مِن البَشَرِ، وهو الَّذِي باهَى اللهُ بِخِلقَتِه ملائكتَه، "وفيه أُهبِط"، أي: وفي يوم الجمعةِ هَبَط آدَمُ عليه السَّلامُ بأمرِ الله عزَّ وجلَّ إلى الأرضِ، وهو يومُ خُروجِه مِن الجَنَّةِ، "وفيه تِيبَ عليه"، أي: وفي يومِ الجمعةِ تابَ اللهُ على آدمَ بعدَما عصاه وأكَل مِن الشَّجرةِ، "وفيه مات"، أي: وفي يومِ الجمعةِ أيضًا مات أبو البَشَر آدمُ عليه السَّلام.
"وفيه تقومُ السَّاعةُ"، أي: يومُ القِيامَةِ، وهذا وحْدَه يَكفي لِتَفضِيلِ هذا اليومِ؛ لأنَّ لِأحداثِ السَّاعةِ شأنًا عظيمًا، قال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وما مِن دابَّةٍ"، أي: في الأرضِ "إلَّا وهي مُسِيخَةٌ يومَ الجمعةِ"، أي: مُصغِيَة ومُستَمِعة "مِن حِين تُصبِحُ حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ شفقًا مِن السَّاعةِ"، أي: خوفًا مِن السَّاعةِ؛ وذلك لِمَا جَبَلها اللهُ عليه، "إلَّا الجِنَّ والإنسَ"، أي: فإنَّهم لا يَترقَّبون ولا يَخافون قيامَ السَّاعةِ في هذا اليومِ؛ لعِظَمِ غفلتِهم.
"وفيه"، أي: وفي يوم الجُمُعةِ "ساعةٌ لا يُصادِفُها"، أي: لا يُوافِقُها "عبدٌ مُسلِمٌ وهو يصلِّي يَسأَلُ اللهَ حاجةً"، أي: يَدعُو ويَطلُب مِن الله عزَّ وجلَّ حاجتَه وهو في صلاتِه، "إلَّا أعطاه إيَّاها"، أي: استَجَاب اللهُ عزَّ وجلَّ له. قال كَعْبُ الأحبار (وهو مِن التابعين): ذلك في كلِّ سَنَةٍ يومٌ؟ أي: هل تأتي تلك الساعةُ في يومِ جُمُعَةٍ واحدٍ مِن السَّنَةِ؟ قال أبو هُرَيْرَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "فقلتُ: بَلْ في كلِّ جُمُعَةٍ"، أي: أنَّ تلك الساعةَ في كلِّ جُمُعَةٍ مِن جُمعاتِ السَّنةِ، "قال أبو هُرَيْرَةَ: "فقَرأ كَعْبٌ التَّوراةَ"، أي: قرَأ منها ما يُصدِّق هذا الكلامَ؛ "فقال: صدَق النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"!
قال أبو هُرَيْرَةَ: "ثُمَّ لَقِيتُ عبدَ الله بنَ سَلَامٍ، فحدَّثتُه بِمَجلِسي مع كَعْبٍ"، أي: بحديثِه معه وما قاله كعبٌ مِن التَّوراةِ، "فقال عبدُ الله بنُ سَلَامٍ رضِيَ اللهُ عنه: قد عَلِمْتُ أيَّةَ ساعةٍ هي"، أي: أَعرِفُ وقتَها تحديدًا مِن يومِ الجُمُعةِ، "قال أبو هُرَيْرَةَ: فقلتُ له: فأخبِرْني بها"، أي: أَعلِمْني بموعدِها، "فقال عبدُ الله بنُ سَلَامٍ: هي آخِرُ ساعةٍ مِن يومِ الجُمُعةِ، فقلتُ: كيفَ هي آخِرُ ساعةٍ مِن يومِ الجمعةِ؟ وقد قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا يُصادِفُها"، أي: يُوافِقُها "عبدٌ مُسلِمٌ وهو يصلِّي، وتلك السَّاعةُ لا يصلَّى فيها"؟! أي: إنَّ السَّاعةَ الَّتِي ذَكَرْتَها لا يكونُ فيها صلاةٌ، "فقال عبدُ الله بنُ سَلَامٍ: ألَمْ يَقُلْ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن جَلَس مَجلِسًا"، أي: جَلَس في المسجدِ "يَنتظِرُ الصَّلاةَ، فهو في صلاةٍ"؟! أي: كأنَّه في حالةِ صلاةٍ، وله أَجْرُ انتظارِها بِمِثلِ الأجرِ الَّذِي يكونُ له على صلاتِه فِعلِيًّا، "حتَّى يُصلِّيَ!" قال أبو هُرَيْرَةَ: "فقلتُ: بلى"، قال عبدُ الله: "هو ذاك"، أي: أنَّ المرادَ بِمُصادفةِ تلك السَّاعةِ، هو الانشِغالُ بالدُّعاءِ والذِّكر حالَ انتظارِ الصَّلاةِ في المسجدِ في ذلك اليومِ، وخاصَّة في آخِرِ يومِ الجُمعةِ.