الموسوعة الحديثية


- لا تسُبُّوا الدَّهرَ فإنَّ اللهَ هو الدَّهرُ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط | الصفحة أو الرقم : 5/359 | خلاصة حكم المحدث : لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن دينار إلا سفيان بن عيينة ولا رواه عن سفيان إلا إبراهيم بن محمد الشافعي وأسد بن موسى

لا يَسُبُّ أحَدُكُمُ الدَّهْرَ؛ فإنَّ اللَّهَ هو الدَّهْرُ، ولا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ لِلْعِنَبِ: الكَرْمَ؛ فإنَّ الكَرْمَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2247 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

المؤمنُ يُؤمِنُ بمَقاديرِ اللهِ تعالَى، ولا تَصرِفُه تَقلُّباتُ الدَّهرِ عن التَّأدُّبِ معَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ لأنَّه سُبحانَه خالقُ كلِّ شَيءٍ، وكذلكَ مِن الأدبِ معَ اللهِ تعالَى عدمُ تَسميةِ الأشياءِ الَّتي حرَّمَها اللهُ باسمٍ حسنٍ.
وفي هذا الحديثِ نَجِدُ جانبَيْنِ مِن الآدابِ العاليةِ الَّتي يُعلِّمُها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه، فيقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا يسُبُّ أحدُكم الدَّهرَ؛ فإنَّ اللهَ هو الدَّهرُ»، وفي رِوايةٍ لمسْلمٍ: «قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: يُؤذِينِي ابنُ آدَمَ؛ يَقولُ: يا خَيْبةَ الدَّهْرِ! فلا يَقُولَنَّ أحَدُكم: يا خَيْبةَ الدَّهْرِ؛ فإنِّي أنا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ ونَهارَهُ، فإذا شِئتُ قَبَضْتُهما» أي: إنَّ اللهَ هو الَّذي يُصرِّفُ الدَّهرَ ويُدبِّرُ الأمورَ، ويكونُ فيه ما أرادَهُ مِن خيرٍ أو شرٍّ، فحقيقةُ السَّبِّ تعودُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ؛ فمنْ سَبَّ السَّببَ فكأنَّه سبَّ الخالقَ المسبِّبَ.
وقولُه: «فإنَّ اللهَ هو الدَّهْرُ» قدْ فُسِّر برِوايةِ مسْلمٍ: «أُقَلِّبُ لَيْلَهُ ونَهارَهُ، فإذا شِئْتُ قَبَضْتُهما»، فهو سُبحانه خالقُ الدَّهرِ وما فيه، وقدْ بيَّن أنَّه يُقلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ، وهما الدَّهرُ، ولا يُمكِنُ أنْ يكونَ المقلِّبُ (بكسْرِ اللَّامِ) هو المقلَّبَ (بفتْحِها)، وبهذا تَبيَّنَ أنَّه يَمتنِعُ أنْ يكونَ الدَّهرُ في هذا الحديثِ مُرادًا به اللهُ تعالَى.
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ولا يقولَنَّ أحدُكم للعنبِ: الكَرْمَ»؛ لأنَّ هذه التَّسميةَ كانتْ تُقالُ للعنبِ وتُقالُ للخمرِ؛ لأنَّه يُتَّخَذُ منْه، فكانت العرَبُ تُطلِقُها على الخمرِ في الجاهليَّةِ؛ لأنَّهم كانوا يَدَّعون أنَّها تَحمِلُهم على الكَرَمِ والسَّخاءِ، فكَرِهَ الشَّرعُ إطلاقَ هذه التَّسميةِ على العنبِ وشَجرِه، وقولُه: «فإنَّ الكَرْمَ الرَّجلُ المسلمُ»، وفي رِوايةٍ في الصَّحيحينِ: «إنَّما الكَرْمُ قَلْبُ المُؤمِنِ» أي: إنَّما يَستحِقُّ ذلكَ الرَّجلُ المسلمُ؛ لأنَّ الكَرْمَ مُشتقٌّ منَ الكَرَمِ، وقدْ قالَ تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]؛ فأطلقَ على قلْبِ المؤمنِ كرْمًا؛ لِمَا فيه منَ الإيمانِ وهو المستحِقُّ لهذا الاسمِ.