الموسوعة الحديثية


- لا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ. [وفي رواية]: وزادَ في حَديثِ شُعْبَةَ، فقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: ما صَلاحُهُ؟ قالَ: تَذْهَبُ عاهَتُهُ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1534 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (2183)، ومسلم (1534).

أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: لا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، ولَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ بالتَّمْرِ. قالَ سَالِمٌ: وأَخْبَرَنِي عبدُ اللَّهِ، عن زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَخَّصَ بَعْدَ ذلكَ في بَيْعِ العَرِيَّةِ بالرُّطَبِ، أوْ بالتَّمْرِ، ولَمْ يُرَخِّصْ في غيرِهِ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2183 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (1539) باختلاف يسير


مَنْعُ الغِشِّ في البُيوعِ، وقَطْعُ النِّزاعِ والخُصومةِ بيْن البائعِ والمُشتَرِي؛ مَقصِدٌ مِن المَقاصِدِ الشَّرعيَّةِ؛ ولذلك نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَعضِ البُيُوعِ التي تُؤدِّي إلى وُقوعِ الغِشِّ والخِدَاعِ، ويَترتَّبُ عليها الخُصومةُ بيْن البائعِ والمُشتَرِي.
وفي هذا الحديثِ نَهَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَيْعِ الثِّمارِ الَّتي على الشَّجرِ أو على رُؤوسِ النَّخلِ مُنفرِدةً وحْدَها عن الشَّجرِ أو النَّخلِ حتَّى تَنضَجَ، ويَظهَرَ صَلاحُها، بظُهورِ مَبادئِ الحَلاوةِ؛ بأنْ يَتلوَّنَ ويَلِينَ أو نحْوِ ذلك؛ لأنَّه إذا احمَرَّتْ أو اصفَرَّتْ كان ذلك عَلامةً على تَمامِ نُضوجِها؛ فإنَّه حينئذٍ يَأمَنُ مِن العاهةِ التي هي الآفةُ التي قدْ تُذهِبُ بالثَّمَرِ أو تُقلِّلُه. والفائدةُ مِنَ النَّهْيِ عن هذا البَيْعِ تَعُودُ على البائعِ والمُشترِي معًا؛ فأمَّا البائعُ فلِأَنَّ ثَمَنَ الثَّمَرةِ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ قَلِيلٌ، فإذا تَرَكَها حتى يَظْهَرَ صَلاحُها زاد ثَمنُها، وفي تَعجُّلِه القليلَ نَوْعُ تَضيِيعٍ للمالِ، وكذا قدْ يَتلَفُ الثَّمَرُ قبْلَ أنْ يَنضَجَ، فيكونُ أكَلَ مالَ أخيه المسلمِ بغيرِ حقٍّ. وأمَّا المُشترِي فإنَّه إذا اشترَى الثَّمَرَ قبْلَ نُضْجِه فإنَّه قد يَفقِدُ مالَه إذا لم يَخرُجِ الثَّمَرَ على النَّحْوِ المَطلوبِ، فيكونُ قد خاطَرَ بمالِه. بالإضافةِ إلى فائدةٍ أُخرى تَعودُ على الطَّرَفينِ، حيث إنَّ النَّهيَ عن هذا البَيْعِ يَقْطَعُ التَّشاحُنَ والإثمَ الَّذي قد يَقَعُ بيْنهما عندَ فَسادِ الثَّمَرةِ.
ونَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيضًا عن بَيْعِ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ، والمقصودُ: بَيعُ الثَّمَرِ في رُؤوسِ النَّخْلِ قبْل جَنْيِه خَرْصًا -أي تقديرًا- بالتَّمْرِ على الأرض، وهو المعروفُ ببَيْع المُزَابَنةِ.
وقدْ أخبَرَ زَيدُ بنُ ثابتٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ رخَّصَ بعْدَ ذلك في صُورةٍ واحدةٍ من هذا البَيْعِ؛ وهي بَيْعُ العَرِيَّةِ بالرُّطَبِ، أوْ بالتَّمْرِ، ولَمْ يُرَخِّصْ في غَيرِهِ. وصُورتُها: أنَّ مَن لا نَخْلَ له مِن ذَوي الحاجةِ يُدْرِكُ الرُّطَبَ ولا نَقْدَ بِيَدِه يَشتري به الرُّطَبَ لِعيالِه، ولا نَخْلَ له يُطعِمُهم منه، ويكونُ قدْ فَضَلَ له مِن قُوتِه تَمْرٌ، فيَجيءُ إلى صاحِبِ النَّخْلِ فيَقولُ له: بِعْنِي ثَمَرَ نَخلةٍ أوْ نَخلَتينِ بِخرْصِها مِنَ التَّمْرِ، فيُعْطِيهِ ذلك الفاضِلَ مِنَ التَّمْرِ بثَمَرِ تلك النَّخَلاتِ؛ ليُصِيب مِنْ رُطَبِها مع النَّاسِ، فرَخَّصَ فيه إذا كان دُونَ خَمْسةِ أوْسُقٍ، كما في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه، والوَسْقُ: وِعاءٌ مُعيَّنٌ يَسَعُ سِتِّينَ صاعًا.