الموسوعة الحديثية


- يكونُ في آخرِ الزَّمانِ فتنٌ كقطَعِ اللَّيلِ المظلِمِ أنجي النَّاسِ منها صاحبُ شاهقَةٍ فأَكَلَ رَسلَ غنمِهِ أو من رَسلِ غنمِهِ ورجلٌ آخذٌ بعنَانِ فرسِهِ يأكلُ من فَيءِ فرسِهِ أو رُمحِهُ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البزار | المصدر : البحر الزخار | الصفحة أو الرقم : 15/44 | خلاصة حكم المحدث : لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، بهذا الإسناد، ولا نعلم أسند نافع بن سرجس عن أبي هريرة إلا هذا الحديث

غشِيَتْكمُ الفِتَنُ كقِطَعِ الليلِ المظلِمِ ، أنْجَى الناسِ فيه رجلٌ صاحِبُ شاهِقةٍ ، يأكلُ من رَسَلِ غنَمِه ، أوْ رجلٌ آخِذٌ بعنانِ فرسِهِ من وراءِ الدَّرب ، يأكلُ من سيفِهِ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 4156 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه الحاكم (8569)


كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كثيرًا ما يُحذِّرُ أصحابَه رِضْوانُ اللهُ عليهم، من الفِتَنِ والبلايا، ويَذكُرُ لهم السبيلَ والمَخرَجَ من هذه الفِتَنِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "غَشِيَتْكم الفِتَنُ"، والفِتَنُ مُشتَرَكةٌ بين مَعانٍ كثيرةٍ، وكُلُّها مُحتمَلَةٌ هنا: فتُطلَقُ على الحَيرةِ والإعجابِ بالشَّيءِ، والضَّلالِ والكُفرِ، والفَضيحَةِ والعَذابِ، والمالِ والأولادِ، واختِلافِ الناسِ في الآراءِ، ولعلَّه المرادُ هنا؛ لأنَّ الخِلافَ مَنشَأُ كُلِّ شرٍّ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ لكلِّ قومٍ نَوعٌ مِن هذه الفِتَنِ، وهذه الفتن كثيرةٌ وشديدةٌ "كقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ"، يَعني: أنَّ شِدَّةَ الفِتَنِ يَكونُ المَرءُ في الْتِباسٍ مِنها؛ لأنَّها تَكونُ كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ لا يَتميَّزُ بَعضُها مِن بَعضٍ، فتُحيِّرُ الناسَ في عَدَمِ اهتدائِهم إلى وجهِ الصَّوابِ والخلاصِ، وكما أنَّها تعُمُّ كُلَّ الناسِ مِثلَ غَشَيانِ اللَّيلِ الآفاقَ وعُمومِه الأقطارَ، "أنجَى الناسِ فيه"، يعني: أكثَرُ الناسِ نَجاةً من هذه الفِتَنِ، "رَجُلٌ صاحِبُ شاهِقَةٍ"، أي: مُقيمٌ بجَبَلٍ عالٍ، وعبَّر بالشاهِقَةِ؛ لأنَّها أبعَدُ مَحَلٍّ يتَّصِلُ به الناسُ، كأنَّه يقولُ: لا ينجو من الفِتَنِ إلَّا مُنعزِلٌ عن الناسِ في أبعَدِ مَحَلٍّ عنهم، "يأكُلُ من رَسَلِ غَنَمِه"، أي: لَبَنِ أغنامِه، "أو رَجُلٌ آخِذٌ بعِنانِ فَرَسِه"، أي: مُنطَلِقٌ بِفَرَسِه آخِذٌ بلِجامِه، "من وراءِ الدَّرْبِ"، أي: الطَّريقِ، "يأكُلُ من سَيفِه"، أي: مما يغنَمُه من قتالِ الكُفارِ؛ لأنَّ القتالَ المطلوبَ في زَمَنِ الفِتَنِ هو ما يختصُّ بالكُفارِ لا المشاركَةُ في القِتالِ الذي يقَعُ بين المُسلِمينَ، والمرادُ بذلك: أنَّه يأكُلُ من الجِهادِ الحَقِّ من الأموالِ التي أُبيحَتْ، أو أنَّه يَحْمي الدُّروبَ والطُّرُقَ عن قُطَّاعِها؛ ويغنَمُ من القُطَّاعِ، وهو في ذلك يُجاهِدُ على فَرَسِه أو غيرِها من الدَّوابِّ إلَّا أنَّه أَتى به على الأغلَبِ. وفي التعرُّضِ لذِكرِ ما يأكُلُه هذانِ الرَّجُلانِ إعلامٌ بأنَّه يَعِزُّ كَسْبُ الحلالِ في زَمَنِ الفِتَنِ، وبأنَّه لا يَحسُنُ الاعتزالُ والجِهادُ إلَّا بإعدادِ الحَلالِ من الزادِ.
وفي الحديثِ: الحضُّ على اعتِزالِ الفِتَنِ، والحثُّ على الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ وأنَّه سَببٌ للنَّجاةِ مِن الفِتَنِ( ).