- أتَيْتُ ليلةَ أُسْرِي بي على سَماءِ الدُّنيا فإذا فيها رِجالٌ تُقرَضُ ألسنتُهم وشِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ فقُلْتُ يا جِبريلُ مَن هؤلاءِ فقال هؤلاءِ خُطَباءُ أُمَّتِكَ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط
الصفحة أو الرقم: 3/170 | خلاصة حكم المحدث : لم يرو هذا الحديث عن المغيرة عن مالك إلا هشام
التخريج : أخرجه أحمد (13445) بنحوه، وأبو يعلى (4160) واللفظ له
وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لبعضِ ما حدَثَ في هذه الرِّحلةِ العَظيمةِ، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أتيتُ على سَماءِ الدُّنيا لَيلَةَ أُسريَ بي"، أي: رَأيتُ وأبصَرتُ في السَّماءِ الدُّنيا يَومَ أنْ أسْرى اللهُ عزَّ وجلَّ بي، وكان منها أنْ أطلَعَه اللهُ عزَّ وجلَّ على نارِ جَهنَّمَ، "فرَأيتُ فيها رِجالًا تُقطَّعُ أَلسِنَتُهم وشِفاهُهم بمَقاريضَ من نَارٍ"، أي: إنَّ هؤلاءِ كانوا يُعذَّبونَ، وصِفَةُ عَذابِهم أنَّهم كانوا يُقطَّعونَ من أَلسِنَتِهم وشِفاهِهم بمَقاريضَ من نارٍ، والمَقاريضُ جَمعُ مِقراضٍ، وهي آلةٌ مَعروفةٌ بالقَطعِ كالمِقَصِّ الآنَ، "فقُلتُ: يا جِبريلُ، ما هؤلاءِ؟"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا رآهم هالَه حالُهم، واستَنكَرَهم ولم يَعرِفْهم، فسأَلَ جِبريلَ، وهو المَلَكُ المُقرَّبُ هو الرُّوحُ الأمينُ، يا جِبريلُ، مَن هؤلاءِ؟ وإنَّما قصَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَعرِفَةَ أصنافِهم لا أسمائِهم، وكأنَّه أرادَ أنْ يقولَ: مِن أيِّ صِنفٍ هؤلاءِ النَّاسُ؟ فأجابَه جِبريلُ بقَولِه: "هؤلاءِ خُطَباءُ من أُمَّتِكَ"، أي: إنَّ هؤلاءِ الخُطَباءَ والوُعَّاظَ من أُمَّتِك يا مُحمَّدُ، والخُطَباءُ جَمعُ خَطيبٍ، وهو المُتكلِّمُ عن قَومِه، المُتحدِّثُ بلِسانِهم؛ فهؤلاءِ علماؤُهم ووُعَّاظُهم ومَشايِخُهم، يَأمُرونَ النَّاسَ بالبِرِّ، وَيَنسَوْنَ أنْفُسَهم، كما جاءَ في رِوايَةٍ لأحمدَ، وسَبَبُ هذا العَذابِ هو: أنَّهم يَقولونَ ما لا يَفعَلونَ، ويَقرَؤون كِتابَ اللهِ ولا يَعمَلون به.
وفي الحديثِ: تحذيرٌ شديدٌ للدُّعاةِ والخُطباءِ الذين تُخالِفُ أفعالُهم أقوالَهم( ).