- كان رسولُ اللهِ إذا بعَث سَريَّةً أو جيشًا قال اغزوا في سبيلِ اللهِ قاتِلوا مَن كفَر باللهِ لا تغُلُّوا ولا تغدِروا ولا تُمثِّلوا ولا تقتُلوا وليدًا ولا شيخًا كبيرًا يقولُ لأميرِهم إذا أنتَ حاصَرْتَ حِصنًا أو أهلَ قريةٍ فادعُهم إلى إحدى ثلاثٍ إلى أنْ يدخُلوا الإسلامَ أو يُعطوا الجِزيةَ أو تُقاتِلَهم وإذا أنتَ حاصَرْتَ أهلَ حِصنٍ أو أهلَ قريةٍ فأرادوا أنْ ينزِلوا على حُكمِ اللهِ فلا تُنزِلْهم على حُكمِ اللهِ فإنَّكَ لا تدري أتُصيبُ فيهم حُكمَ اللهِ أم لا ولكنْ أنزِلْهم على حُكمِكَ وحُكمِ أصحابِكَ وإذا أنتَ حاصَرْتَ أهلَ حِصنٍ أو أهلَ قريةٍ فأرادوكَ أنْ تُعطيَهم ذِمَّةَ اللهِ وذِمَّةَ رسولِه فلا تُعطِهم ذِمَّةَ اللهِ وذِمَّةَ رسولِه ولكنْ أعطِهم ذِمَّتَكَ وذِمَمَ أصحابِكَ فإنَّكم أنْ تُخفِروا ذِمَمَكم وذِمَمَ آبائِكم خيرٌ لكم مِن أنْ تُخفِروا ذِمَّةَ اللهِ وذِمَّةَ رسولِه
الراوي : بريدة | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط
الصفحة أو الرقم: 1/48 | خلاصة حكم المحدث : لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن أبي هلال إلا خالد بن يزيد تفرد به ابن لهيعة
اغْزُوا بِاسْمِ الله، أي: مُستعِينِينَ بذِكْرِه، في سَبِيلِ الله، أي: لِأَجْلِ مَرْضاتِه وإعلاءِ دِينِه، قاتِلُوا مَن كَفَر بالله، اغْزُوا "فلا تَغُلُّوا" أي: لا تَخُونوا في الغَنِيمَةِ، "ولا تَغدِروا" أي: لا تَنقُضوا العَهْدَ، وقيل: لا تُحارِبوهم قَبْلَ أن تَدْعُوهم إلى الإسلامِ، "ولا تُمَثِّلوا" أي: لا تَقطَعوا أطرافَ القَتِيلِ مِنَ الأَنْفِ والأُذُنِ والمَذاكِيرِ وغيرِها، ولا تَقتُلوا "وَلِيدًا" أي: صَبِيًّا، والمرادُ: مَن لم يَبلُغْ سِنَّ التكليفِ.
وإذا لَقِيتَ عَدُوَّك مِنَ المشركين فادْعُهُمْ إلى ثلاثِ خِصَالٍ أو خِلَالٍ، مُرَتَّبة، فأيُّ الخِصالِ أجابوك، أي: قَبِلوها منك، فاقْبَلْ مِنهم، "وكُفَّ" أي: امْتَنِعْ، عنهم، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسلامِ؛ فإنْ أجابوك فاقْبَلْ مِنهم وكُفَّ عنهم، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى التحوُّلِ، أي: الانتِقالِ مِن دارِهم، أي: مِن بلادِ الكُفْرِ، إلى دارِ المُهاجِرِينَ، أي: إلى دارِ الإسلامِ، وأَخْبِرْهم أنَّهم إنْ فَعَلوا ذلك، أي: التحوُّلَ، فلَهُمْ ما لِلمُهاجِرِينَ، أي: مِنَ الثَّوَابِ واستِحقاقِ مالِ الفَيْءِ، وعليهم ما على المُهاجِرِينَ، أي: مِنَ الغَزْوِ، فإنْ أَبَوْا أن يَتحوَّلوا منها، أي: مِن دارِهم، فأَخْبِرْهُم أنَّهم يكونون كأَعْرَابِ المسلمين، أي: الَّذِينَ لازَمُوا أوطانَهم في البادِيَةِ لا في دارِ الكُفْرِ، يَجْرِى، أي: يَمْضِى، عليهم حُكْمُ الله الَّذِي يَجْرِي على المؤمنين، أي: مِن وُجوبِ الصلاةِ والزَّكاةِ وغيرِهما، والقِصاصِ والدِّيَةِ ونحوِهما، ولا يكون لهم في الغَنِيمَةِ والفَيْءِ شيءٌ إلَّا أن يُجاهِدوا مع المسلمين، فإنْ هم أَبَوْا، أي: فإنِ امْتَنَعوا عن الإسلامِ، فسَلْهُم، أي: فاطْلُبْ مِنهم، الجِزْيَةَ، وهي الخَصْلَةُ الثانيةُ، فإنْ هم أجابوك، أي: قَبِلوا بِذُلِّ الجِزْيَةِ، فَاقْبَلْ مِنهم وكُفَّ عنهم، أي: امْتَنِعْ عنهم، فإنْ هم أَبَوْا، أي: عن قَبولِ الجِزْيَةِ، فاسْتَعِنْ بالله وقاتِلْهم، وهذه هي الخَصْلَةُ الثالِثَة.
وإذا حاصَرْتَ أهلَ حِصْنٍ، أي: مِنَ الكُفَّارِ، فأرادوك، أي: طَلَبوا منك، أن تَجْعَلَ لهم "ذِمَّةَ الله وذِمَّةَ نَبِيِّه"، أي: عَهْدَهُما وأَيْمَانَهُما، فلا تَجْعَلْ لهم ذِمَّةَ الله ولا ذِمَّةَ نبيِّه، أي: لا بِالاجتِماع ولا بالانفِرادِ، ولَكِنِ اجْعَلْ لهم ذِمَّتَكَ وذِمَّةَ أصحابِك، فإنَّكُمْ أَنْ "تُخفِروا" أي: تَنقُضوا، ذِمَمَكم وذِمَمَ أصحابِكم، أَهْوَنُ مِن أنْ تُخفِروا ذِمَّةَ الله وذِمَّةَ رسولِه؛ وذلك لأنَّهم لو نَقَضوا عهدَ الله ورسولِه لم يُدْرَ ما يُصنَعُ بهم حتَّى يُؤذَنَ لهم بِوَحْيٍ ونحوِه فيهم، وقد يَتعذَّر ذلك عليه، بِخِلافِ ما إذا نَقَضوا عهدَ الأميرِ أو عهدَ أصحابِه، فإنَّه إذا نزَل عليهم فَعَل بهم مِن قَتْلِهم أو ضَرْبِ الجِزْيَةِ عليهم أو استِرقاقِهم أو المَنِّ أو الفِدَاءِ بِحَسَبِ ما يَرَى مِن المصلحةِ في حقِّهم.
وإنْ حاصَرْتَ أهلَ حِصْنٍ فأرادوك أن تُنْزِلَهم على حُكمِ الله، فلا تُنْزِلْهم على حُكمِ اللهِ، أي: ولا على حُكمِ رَسولِه، ولكنْ أَنْزِلْهُم على حُكمِكَ؛ فإنَّك لا تَدرِي: أَتُصِيبُ حُكمَ الله فيهم أم لا؟ فهذا النهيُ؛ لأنَّه ربَّما يُخطِئ في حُكم اللَّهِ، أو لا يفِي به فيأثَمَ، فيكون ذلك إذا أنزلَهم على حُكمِ نَفْسِه أهونَ منه إذا أنزلَهم على حُكمِ اللهِ تعالى ورسوله. وإذا نَقَضوا حُكمَك فيهم، فلَكَ أن تَفْعَلَ بهم مِن قَتْلِهم أو ضَرْبِ الجِزْيَةِ عليهم أو استِرقاقِهم أو المَنِّ أو الفِداءِ بِحَسَبِ ما تَرَى مِنَ المَصْلَحَةِ في حقِّهم.
في الحديثِ: بيانُ آدابِ الغَزْوِ.
وفيه: وَصِيَّةُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لِأُمَراءِ الجُيوشِ قَبْلَ الغَزْوِ.
وفيه: تأميرُ الإمامِ الأُمَراءَ على البُعوثِ.