الموسوعة الحديثية


- قالوا : يا رسولَ اللهِ أرأيت أحدَنا يُحدِّثُ نفسَه بالشيءِ الذي لأن يَخرَّ من السماءِ فيتقطعَ أحبُّ إليه من أن يتكلمَ به ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ذاك محضُ الإيمانِ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 1/38 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح إلا يزيد بن أبان الرقاشي | التخريج : أخرجه محمد بن نصر المروزي في ((تعظيم قدر الصلاة)) (784)، وأبو يعلى (4128) باختلاف يسير

أنَّ الناسَ سألوا رسولَ اللهِ عن الوسوسةِ التي يجدُها أحدُهم ، لَأنْ يسقطوا من عندِ الثُّريَّا أحبُّ إليه من أنْ يتكلمَ به قال : ذاك مَحضُ الإيمانِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الشوكاني | المصدر : رفع البأس عن حديث النفس
الصفحة أو الرقم: 37 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

مِن الأُمورِ التي تُفسِدُ القلْبَ الخواطرُ السَّيِّئةُ التي قد تصِلُ إلى التَّفكيرِ في ذاتِ اللهِ، لا في نِعَمِه وآلائِه، والتَّمادي في هذه الخواطرِ قد يُؤدِّي إلى الكُفرِ والهلاكِ، فيَجِبُ على المسلِمِ إذا خطَرَت له هذه الأفكارُ أنْ يَستعِيذَ باللهِ تعالى منها.
وفي هذا الحديثِ تحكي عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "أنَّ الناسَ سَألوا رسولَ اللهِ عن الوَسوسةِ التي يَجِدُها أحدُهم"، وهي الخواطرُ السَّيِّئةُ التي تأْتي على عقْلِ الإنسانِ، وتخُصُّ التفكيرَ في ذاتِ اللهِ، "لَأنْ يَسْقُطوا مِن عندِ الثُّريَّا"، وهو نَجمٌ عالٍ في السَّماءِ، "أحبُّ إليه مِن أنْ يَتكلَّمَ به"، أي: إنَّه مِن شَناعتِه يَوَدُّ المؤمنُ أنْ يَهلِكَ ويَسقُطَ مِن السماءِ إلى الأرضِ ولا يأْتِيه هذا الفِكرُ، ولا يُحِبُّ ولا يَرضى أنْ يُخرِجَه مِن صَدرِه على لِسانِه؛ ممَّا يَحويهِ مِن معانٍ شَيطانيةٍ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ذاك مَحضُ الإيمانِ"، بمعنى أنَّ إنكارَكم لتلك الأفكارِ السَّيِّئةِ العظيمةِ التي يَتسبَّبُ فيها الشيطانُ دليلٌ على صِدقِ الإيمانِ لَديكم؛ فالإيمانُ الخالصُ والخوفُ مِن اللهِ في قُلوبِكم هما اللَّذانِ يَمنَعانِكُم مِن قَبولِ ما يُلقِيه الشيطانُ في أنفُسِكم والتَّصديقِ به، حتى صار ما يُلْقِيه إليكم مُجرَّدَ وَسوسةٍ، ولا يَتمكَّنُ في قُلوبِكم منها شَيءٌ، ولا تَطمئنُّ إليه أنفسُكم، وما فعَلْتُموه هو الإيمانُ الحقيقيُّ في عَدِّ التَّفكُّرِ في ذاتِ اللهِ مِن الشيطانِ؛ وذلك أنَّ الشيطانَ يُلْقِي الشُّبهاتِ في قُلوبِ الناسِ بأنَّ اللهَ هو الخالقُ، فمَن الذي خلَقَه؟ والمؤمنُ الحقُّ يُلقِي هذه الشُّبهاتِ خلْفَ ظَهرِه ويَطرَحُها، ويَستعيذُ باللهِ مِن الشيطانِ.
وقد رَوى أبو داودَ مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "الحمدُ للهِ الذي رَدَّ كَيدَه إلى الوَسوسةِ"؛ فبيَّنَ أنَّ الأمْرَ انتَهى بأنْ كان حديثَ نفْسٍ ولم يَزِدْ على ذلك.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ الشَّيطانَ يُوسوِسُ لابنِ آدَمَ حتى يُخرِجَه مِن الإيمانِ؛ فلْيَحذَرِ المؤمنُ.
وفيه: بَيانُ مَوقفِ المؤمنِ مِن وَساوسِ الشيطانِ وإلْقائه الشُّبهاتِ؛ بأنْ يَصمُتَ ولا يَتكلَّمَ بذلك، ويَستعيذَ باللهِ( ).