الموسوعة الحديثية


- عن أنسٍ أنَّ رجلًا من أهلِ الباديةِ كان اسمُه زاهرًا يُهدي النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الهديةَ من البادية فيُجهِّزه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أراد أن يخرجَ فقال رسولُ اللهِ إنَّ زاهرًا باديتُنا ونحن حاضروه وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحبُّه وكان رجلًا دميمًا فأتاه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يبيعُ متاعَه فاحتضَنه من خلفِه ولا يُبصرُه الرجلُ فقال أَرْسِلْني من هذا؟ فالتفت فعرف النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فجعل لا يألو ما ألصق ظهرَه بصدرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين عرفه وجعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول من يشتري العبدَ فقال يا رسولَ اللهِ إذَنْ واللهِ تجدُني كاسدًا فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لكن عند اللهِ لستَ بكاسدٍ أو قال لكن عند اللهِ أنت غالٍ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية | الصفحة أو الرقم : 6/48 | خلاصة حكم المحدث : إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط الصحيحين

عن أنسٍ أنَّ رجُلًا مِن أهلِ البادِيَةِ اسمُه زاهِرٌ كان يُهدي للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم … قول النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم: زاهِرٌ بادِيَتُنا ونحنُ حاضِرَتُه ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم يُجَهِّزُه إذا أراد الخُروجَ إلى البادِيَةِ ، وكان زاهِرٌ دَميمَ الخِلقَةِ فأتاه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم وهو يَبيعُ شيئًا له في السُّوقِ فاحتَضَنه مِن خَلفِه ، فقال له: مَن هذا ؟ أَرسِلْني ، والتَفَت فعرَف النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم فجعَل النبي صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم يقولُ: مَن يَشتَري مِنِّي هذا العبدَ ؟ وجعَل هو يَلصِقُ ظهرَه بصدرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم ويقولُ: إذًا تَجِدُني كاسِدًا ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم: ولكنَّكَ عِندَ اللهِ لستَ بكاسِدٍ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الإصابة في تمييز الصحابة
الصفحة أو الرقم: 1/542 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَدودًا لَطيفًا، يُداعِبُ أصحابَهُ، ويُلاطِفُهم، ويُمازِحُهم، ويَضْحَكُ معَهم، ولا يَقولُ إلَّا صِدْقًا.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رَجُلًا من أهْلِ البادِيَةِ اسْمُهُ زاهِرٌ" وهُوَ زاهِرُ بنُ حَرامٍ الأَشْجَعيُّ شَهِدَ بَدْرًا "كان يُهْدِي لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم" والمَعْنى: أنَّه كان يَأْتي بالهَديَّةِ إليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّا يُوجَدُ فيها منَ الأَزْهارِ، والأَثْمارِ، والنَّباتِ، وغَيرِها، وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم: "زاهِرُ بادِيَتُنا"، أي: هو سَاكِنُ بَادِيَتِنَا، والبادِيَةُ: الصَّحْراءُ، والمَعْنى: أنَّ هذا الرَّجُلَ يَأْتينا مِنْ أمْتِعَةِ البادِيَةِ بما نُريدُ، وقيل مَعْناهُ: صَديقُنا مِنَ البادِيَةِ، "ونحنُ حاضِرَتُهُ"، أي: أَهْلُ بَيتِ النُّبوَّةِ أو الجَمْعُ لِلتَّعْظيمِ، حَاضِرو المَدينَةِ له، وفيه كَمالُ الاعتِناءِ به، والاهتِمامِ بِشأْنِه، والمَعْنى: ونحنُ نُعِدُّ له ما يَحْتاجُ إليه في بادِيَتِهِ من البَلَدِ، وإنَّما ذَكَرَهُ مع ما فيه من إيهامِ ذِكْرِ المُنعِمِ بإنْعامِهِ لِكَوْنِه مُقْتَضَى المُقابَلَةِ الدَّالَّةِ على حُسْنِ المُعامَلةِ تَعليمًا لأُمَّتِه في مُتابَعَةِ هذه المُجامَلَةِ. وقيل مَعْناهُ: نحنُ نُهديهِ ما يُريدُ من أمْتِعَةِ البَلَدِ، فكأنَّا بَلَدٌ له، وقيل مَعْناهُ: ونحنُ أصْدِقاؤُهُ مِنَ الحَضَرِ، "وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم يُجهِّزُهُ إذا أرادَ الخُروجَ إلى البادِيَةِ"، أي: يُعِدُّ وَيُهيِّئُ له ما يَحْتاجُ إليه في البادِيَةِ من أمْتِعَةِ البُلْدانِ من المدينةِ، وغَيْرِها، "وكان زَاهِرٌ دَميمَ الخِلْقَةِ"، أي: قَبيحَ الوَجهِ، "فأتاهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم، وهو يَبيعُ شيئًا له في السوقِ، فاحْتَضَنَهُ من خَلْفِهِ"، أي: أحاطَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأَمْسَكَ زاهِرًا من ظَهْرِهِ مُداعِبًا ومازِحًا معه، فقال له زاهِرٌ: "مَنْ هذا؟ أَرْسِلْنِي،"، أي: اُتْرُكْني، قال أنسٌ رضِيَ اللهُ عنه: "والْتَفَتَ"، أي: بِبَعْضِ بَصَرِهِ، "فعَرَفَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم، فجَعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم يقولُ: مَنْ يَشْتَري مِني هذا العَبْدَ؟"، أي: مَنْ يَشْتَري مِثْلَ هذا العَبْدِ مِنِّي، ولا يَلْزَمُ من هذا القَوْلِ -لاسِيَّما وَالْمَقامُ مَقامُ المُزَاحِ- إِرادَةُ تَحَقُّقِ بَيْعِهِ، "وجَعَلَ هو يُلْصِقُ ظَهْرَهُ بصَدْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم"، أي: فبَدَأَ زاهِرٌ لا يُقصِّرُ فِي أنْ يُلْزِقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَبَرُّكًا، وَتَدَلُّلًا على مَحْبُوبِهِ، "ويقولُ: إذًا تَجِدُني كاسِدًا"، أي: إِنْ عَرَضْتَنِي على البَيْعِ، إِذًا تَجِدُني مَتاعًا رَخيصًا أَوْ غَيْرَ مَرْغُوبٍ فِيهِ " فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم: ولكِنَّك عندَ اللهِ لسْتَ بكاسِدٍ"، أي: أنَّك بإيمانِكَ تكونُ غاليًا عندَ اللهِ.
وفي الحديثِ: مَنْقَبةُ وفَضْلُ زاهِرِ بنِ حَرامٍ رضِيَ اللهُ عنه.
وفيه: أنَّ المُؤْمِنَ قِيمَتُه غالِيَةٌ عندَ اللهِ.
وفيه: تَواضُعُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وحُسنُ عِشرتِه لأصحابِه .