الموسوعة الحديثية


- دخل الحبشةُ المسجدَ يلعبون فقال لي يا حُمَيراءُ أتُحبِّينَ أنْ تنظُري إليهم فقلتُ نعم فقام على البابِ وجئتُه فوضعتُ ذقْني على عاتقِه فأسندتُ وجهي إلى خدِّه قالت ومن قولهم يومئذٍ أبا القاسم طَيِّبًا فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حسبُكِ فقلتُ يا رسولَ اللهِ لا تعجلْ فقام لي ثم قال حسبُكِ فقلتُ لا تعجَلْ يا رسولَ اللهِ قالتْ وما لي حبُّ النَّظرِ إليهم ولكن أحببتُ أن يبلغَ النساءَ مَقامُه لي ومكاني منه
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة | الصفحة أو الرقم : 7/818 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (8951)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (292)

دخلتِ الحبشةُ المسجدَ يلعبون في المسجدِ، فقال: يا حُمَيْراءُ، أُتُحِبِّين أن تنظري إليهم ؟ فقلتُ: نعم. فقام بالبابِ، وجئته فوضَعَتُ ذَقَنِي على عاتَقِه، وأَسْنَدْتُ وجهي إلى خَدِّه، قالت: ومِن قولِهم يومئذٍ: أباَ القاسم طيِّبًا. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكِ . فقُلْتُ: لا تَعْجَلِ يا رسولَ اللهِ. فقامَ لي ، ثم قال :حَسْبُكِ. قلتُ: لا تَعْجَلْ يا رسولَ اللهِ. قالت: وما لي حبُّ النظرِ إليهم ؛ ولكني أَحْبَبْتُ أن يَبْلَغَ النساءَ مقامُه لي ومكاني منه.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن القطان | المصدر : النظر في أحكام النظر
الصفحة أو الرقم: 360 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (8951)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (292) باختلاف يسير.


كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ زَوجَتَه عائشةَ أُمَّ المُؤمِنينَ، وكان في تَعامُلِه معها مِثالًا وقُدْوةً في حُسنِ العِشْرةِ، وعلَّمَنا كثيرًا من السُّنَنِ في مُراعاةِ سِنِّ الزَّوْجةِ وعَقْلِها، وتَلْبيةِ بعضِ حاجاتِها من المُباحاتِ.
وفي هذا الحَديثِ تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "دَخَلَتِ الحَبَشةُ"، وهذا نِسْبةٌ إلى بلادِ الحَبَشةِ، وهُم جِنسٌ من أجْناسِ السُّودانِ، "المَسجِدَ يَلعَبون في المَسجِدِ"، وفي رِوايةِ الصَّحيحيْنِ: "يَلعَبون عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِحِرابِهم"، أي: بالرِّماحِ، "فقال: يا حُمَيراءُ"، وهو نَعْتٌ لعائشةَ رضِيَ اللهُ عنها بأنَّها جَميلةٌ بَيضاءُ مُشرَبةٌ بحُمْرةِ الدَّمِ، "أتُحِبِّينَ أنْ تَنظُري إليهم؟ فقُلتُ: نَعَمْ. فقامَ بالبابِ"، أي: وَقَفَ على فُتحةِ البابِ، "وجِئتَه"، أي: وَقَفَتْ خَلفَه ساتِرًا لها، "فوَضَعتُ ذَقَني على عاتِقِه"، والعاتِقُ أعْلى الكَتِفِ ما بيْنَ الكَتِفِ والرَّقَبةِ، "وأَسنَدتُ وَجْهي إلى خَدِّه"، وهذا يَدُلُّ على تَدَلُّلِها عليه وحُبِّه لها أيضًا، "قالت: ومِن قَولِهم يَومَئذٍ: أبا القاسمِ طيِّبًا"، وهذا حِكايةُ قَولِ الحَبَشةِ يَنعِتون النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّه طيِّبٌ كَريمُ الأصْلِ، "فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: حَسْبُكِ؟" يَسأَلُها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن اكتِفائِها بهذا القَدْرِ من المُشاهَدَةِ، "فقُلتُ: لا تَعجَلْ يا رسولَ اللهِ"، أي: طَلَبَتِ البَقاءَ للمُشاهَدةِ، "فقام لي"، أي: وَقَفَ على البابِ مرَّةً أُخرى "ثُمَّ قال: حَسْبُكِ؟ قُلتُ: لا تَعجَلْ يا رسولَ اللهِ"، أي: طَلَبَتِ البَقاءَ للمُشاهَدةِ مرَّةً أُخرى، قالت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "وما لي حُبُّ النَّظَرِ إليهم؛ ولكنِّي أحْبَبْتُ أنْ يَبلُغَ النِّساءَ مَقامُه لي ومَكاني منه"، أي: أنَّها كانت تُريدُ مِن فِعْلِها ذلك أنْ يَراها زَوجاتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأُخرياتُ، ويَعْلَمْنَ بذلك، فيَعرِفْنَ قَدْرَها ومَكانَتَها العاليةَ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُ معها ذلك؛ لأنَّه يُحِبُّها ويُقدِّرُ لها قَدْرَ سِنِّها الصَّغيرةِ، فأباحَ لها النَّظَرَ إلى بعضِ اللَّعِبِ واللَّهْوِ المُباحِ في حَضْرَتِه.
وفي الحَديثِ: فَضلُ عائِشةَ، وعِظَمُ مَحلِّها عِندَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَشروعيَّةُ اللَّعبِ بالرِّماحِ، وما يُشبِهُها كالعِصيِّ، ما لم تَشتمِلْ على مُحرَّمٍ .