الموسوعة الحديثية


- خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مِنَ المَدِينَةِ إلى مَكَّةَ، فَصَامَ حتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بمَاءٍ فَرَفَعَهُ إلى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فأفْطَرَ حتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وذلكَ في رَمَضَانَ، فَكانَ ابنُ عَبَّاسٍ يقولُ: قدْ صَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَفْطَرَ، فمَن شَاءَ صَامَ ومَن شَاءَ أفْطَرَ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1948 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه مسلم (1113) باختلاف يسير

أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَزَا غَزْوَةَ الفَتْحِ في رَمَضَانَ. [وفي رِوايةٍ]: صَامَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى إذَا بَلَغَ الكَدِيدَ -المَاءَ الذي بيْنَ قُدَيْدٍ وعُسْفَانَ- أفْطَرَ، فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِرًا حتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4275 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (1113) باختلاف يسير


الجِهادُ والغَزوُ مِن المَواطنِ الَّتي يُطلَبُ فيها كلُّ مَعاني الصِّحَّةِ والقوَّةِ، وخاصَّةً عندَ لِقاءِ العَدوِّ، ولقدْ رُخِّصَ في الفِطرِ للمُسافرِ؛ ليَتقوَّى به على سَفرِه، والجِهادُ أوْلى؛ لمَا يَحتاجُ مِن مَزيدِ قوَّةٍ، ولَكونِه سَببًا للنُّصرةِ على العَدوِّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ مِن المَدينةِ قاصِدًا فَتْحَ مكَّةَ في شَهرِ رَمَضانَ، وكان صائِمًا هو ومَن معَه مِن النَّاسِ، وكان هذا في العامِ الثَّامِنِ مِن الهِجْرةِ.
وفي الرِّوايةِ الثانيةِ يَحْكي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ظلَّ صائمًا، فلمَّا بلَغَ الكَديدَ -وهو الماءُ الَّذي بيْنَ قُدَيْدٍ وعُسْفَانَ، واسمُها اليومَ (الحَمضُ)، وتَبعُدُ عن مكَّةَ قُرابةَ 90 كيلومترًا- أفطَرَ، وأفطَرَ النَّاسُ معَه، وكان فِطرُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعْدَ العَصرِ، وكان قدْ شقَّ على النَّاسِ الصَّومُ، فلمْ يزَلْ مُفطِرًا حتَّى انْقَضى الشَّهرُ، فأرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرِّفقَ بهم، والتَّيْسيرَ عليهم، أخْذًا بقَولِه تعالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، فأخبَرَ تعالَى أنَّ الإفْطارَ في السَّفَرِ أرادَ به التَّيْسيرَ على عِبادِه.
ورَوى مُسلِمٌ في صَحيحِه، عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ عامَ الفَتحِ إلى مكَّةَ في رَمَضانَ، فصامَ حتَّى بلَغَ كُراعَ الغَميمِ، فصامَ النَّاسُ، ثمَّ دَعا بقَدَحٍ من ماءٍ فرفَعَه، حتَّى نظَرَ النَّاسُ إليه، ثمَّ شرِبَ، فقيلَ له بعدَ ذلك: إنَّ بعضَ النَّاسِ قد صامَ، فقال: «أولئك العُصاةُ، أولئك العُصاةُ». وكُراعُ الغَميمِ مَوضِعٌ يَبعُدُ عن مكَّةَ 64 كيلومترًا، وتُعرَفُ اليومَ ببَرْقاءِ الغَميمِ، واخْتِلافُ المَكانِ الَّذي أفطَرَ فيه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْن الحَديثَينِ؛ راجِعٌ للتَّقارُبِ النِّسبيِّ بيْن المَكانَينِ، فذكَرَ ابنُ عبَّاسٍ مَوضِعًا، وذكَرَ جابرٌ الآخَرَ، وقيلَ: قدْ يكونُ عَلِمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حالَ النَّاسِ ومَشقَّتَهم في مكانٍ، فأفطَرَ، وأمَرَهم بالفِطرِ في مكانٍ آخَرَ.
وفي الحَديثِ: الغَزوُ في رَمضانَ، ومَشْروعيَّةُ الفِطرِ في نَهارِه؛ لئِلَّا يَضعُفوا عنِ الحَربِ.
وفيه: بَيانُ ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الشَّفَقةِ بأُمَّتِه.
وفيه: سَماحةُ الشَّريعةِ، وسُهولةُ تَكاليفِها، حيث أباحَتِ الفِطرَ للمُسافِرِ؛ لمَا يَلحَقُه منَ التَّعبِ بسَببِ عَناءِ السَّفرِ.