الموسوعة الحديثية


- جزى اللهُ الأنصارَ عنا خيرًا ، و لا سيما عبدَ اللهِ بنَ عمرو بنَ حرامٍ و سعدَ بنَ عبادةَ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة | الصفحة أو الرقم : 461 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (1746) واللفظ له، وأبو يعلى (2079)، وابن حبان (7020) مطولاً

جزى اللهُ الأنصارَ عنا خيرًا ، و لا سيَّما عبدُ اللهِ بنُ عَمرو بنِ حَرامٍ ، و سعدُ بنُ عُبادةَ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 3091 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (1746) واللفظ له، وأبو يعلى (2079)، وابن حبان (7020) مطولاً


كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعيشُ في المدينةِ بيْنَ الأنصارِ عِيشةَ الوُدِّ والتَّآخي بيْن جميعِ المسلمينَ؛ مِن المهاجرينَ والأنصارِ، وقد قدَّمَت الأنصارُ أروَعَ الأمثلةِ في الكرَمِ والتَّضحيةِ، والبَذْلِ للهِ ولرسولِه، وقد بادَلَهم النَّبيُّ حُبًّا بحُبٍّ، فجعَلَ المُهاجَرَ والمَحْيا والمماتَ بيْنهم.
وهذا المتْنُ جُزءٌ مِن حديثٍ لابنِ حِبَّانَ، وفيه قِصَّةٌ كانتْ سببًا له، يَرْويها جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما، فيقولُ: "أمَرَ أبي بخَزِيرةٍ فصُنِعَت"، أي: أمَرَ أهْلَه بطبْخِ الخَزيرةِ، وهي لَحمٌ يُقطَّعُ صِغارًا ويُصَبُّ عليهِ الماءُ الكثيرُ، فإذا نَضِجَ ذُرَّ عليه الدَّقيقُ، فإنْ لم يكُنْ فيها لحمٌ فهي عَصيدةٌ، "ثم أمَرَني، فأتَيتُ بها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: ذهَبْتُ بها وأحضَرْتُها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فقال: ما هذا يا جابرُ؟ ألَحمٌ هذا؟" وهذا الاستفهامُ لمَعرفةِ ما جاء به، وكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَشتهي اللَّحمَ، "قلْتُ: لا، ولكنَّ أبي أمَرَ بخَزيرةٍ فصُنِعَت، وأمَرَني فأتَيْتُك بها، فأخَذَها"، أي: قبِلَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هديَّةً مِن عبدِ اللهِ بنِ حرامٍ، "ثم أتَيتُ أبي، فقال: هلْ قال لك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شيئًا؟" وهذا السُّؤالُ مِن عبدِ اللهِ بنِ حرامٍ؛ لمَعرفةِ رَدِّ فِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهلْ قال عن الطَّعامِ شيئًا، أو اشتهى شيئًا آخَرَ؟ "فأخبَرْتُه، فقال أبي: عَسى أنْ يكونَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اشتَهى اللَّحمَ"، وكأنَّه شعَرَ مِن سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألَحْمٌ هذا؟ أنَّه يَشتاقُ إلى أكْلِ اللَّحمِ، "فقام إلى داجنٍ له"، وهي الشاةُ مِن الغنَمِ أو الماعزِ التي تألَفُ البيوتَ، "فأمَرَ بها فذُبِحَت، ثم أمَرَ بها فشُوِيَت له، ثم أمَرَني فأتَيتُه بها وهو في مَجلسِه، أي: أحضَرْتُها إلى النَّبيِّ في مَجلسِه، أو في بَيتِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما هذا؟ فذكَرْتُ له القصَّةَ" وما كان مِن شأْنِ سُؤالِ عبدِ اللهِ بنِ حرامٍ، وأنَّه سارَعَ في تَلبيةِ رَغبةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واشتِهائه اللَّحمَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "جَزى اللهُ الأنصارَ عنَّا خيرًا"، وهذا دُعاءٌ عامٌّ لكلِّ الأنصارِ، ويُرادُ بهم الأوسُ والخَزْرَجُ، ثم خصَّصَ الدُّعاءَ فقال: "ولا سيَّما عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ حرامٍ وسَعدُ بنُ عُبادةَ" اللَّذينِ كانا دائمًا ما يُهْديانِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الطَّعامَ وفيه اللَّحمُ وغيرُه، وعبدُ اللهِ بنُ عمرٍو بنِ حرامٍ رضِيَ اللهُ عنه قد استُشْهِدَ في أُحدٍ، وسَعدُ بنُ عُبادةَ رضِيَ اللهُ عنه هو سيِّدُ الخَزْرجِ، وكان أحَدَ النُّقباءِ في بَيعةِ العَقَبةِ، وفي رِوايةِ النَّسائيِّ في الكُبرى: "لا سيَّما آلُ عمْرٍو"؛ لأنَّهم أهلُ الهَديَّةِ المرسَلةِ، وهذا مِن حُسنِ أدَبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع مَن أهْدى إليه شيئًا؛ فإنَّه يُكافِئُه بأفضلَ مِن هَديَّتِه؛ بأنْ يَدعُوَ له، وهو مُستجابُ الدَّعوةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ حُبِّ الأنصارِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وحُبِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم.
وفيه: مَنقبةٌ وفَضلٌ لعَبدِ اللهِ بنِ حَرامٍ وسَعدِ بنِ عُبادةَ رضِيَ اللهُ عنهما( ).