- عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو أنَّهُ مرَّ بمعاذِ بنِ جبلٍ وَهوَ قاعدٌ على بابِهِ يُشيرُ بيدِهِ كأنَّهُ يحدِّثُ نفسَهُ فقالَ لَهُ عبدُ اللَّهِ ما شأنُكَ يا أبا عبدِ الرَّحمنِ تحدِّثُ نفسَكَ قالَ وما لي يريدُ عدوُّ اللَّهِ أن يلهيَني عن كلامٍ سَمِعْتُه من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ تُكابدُ دَهْرَكَ الآنَ في بيتِكَ ألا تخرجُ إلى المجلِسِ فتحدِّثُ وأنا سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ من جاهدَ في سبيلِ اللَّهِ كانَ ضامنًا على اللَّهِ ومن جلسَ في بيتِهِ لا يغتابُ أحدًا بسوءٍ كانَ ضامنًا على اللَّهِ ومن عادَ مريضًا كانَ ضامنًا على اللَّهِ ومن غدا إلى المسجدِ أو راحَ كانَ ضامنًا على اللَّهِ ومن دخلَ على إمامٍ يعزِّرُهُ كانَ ضامنًا على اللَّهِ فيريدُ عدوُّ اللَّهِ أن يُخْرِجَني من بيتي إلى المجلِسِ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الذهبي | المصدر : المهذب
الصفحة أو الرقم: 7/3720 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
وفي هذا الحديثِ يُعدِّدُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعضَ أبوابِ الخيرِ والأعمالِ الصالحةِ ويُبيِّن أجْرها وثوابَها، فيقولُ: "مَنْ جاهَدَ في سَبيلِ اللهِ"، أي: لإعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ، "كان ضامِنًا على اللهِ"، أي: أنَّ اللهَ يَكْفِيهِ إذا عَاشَ فيُعْطِيهِ رِزْقَه، ويَكْفِيه سُبحانَه وتعالى إذا ماتَ؛ فيُعْطِيهِ الأجْرَ عندَه سُبْحانَهُ، فهذا ضَمانُ اللهِ عزَّ وجلَّ لهذا العبْدِ، "ومَنْ عادَ مَريضًا"، أي: ذَهَبَ لزيارةِ المريضِ، والاطمئنانِ عليه "كان ضامِنًا على اللهِ، ورجُلٌ دَخَلَ بيتَهُ بِسَلامٍ؛ فهو ضامِنٌ على الله" وهذا يَحتمِلُ أنَّه سَلَّمَ على أهلِه إذا دخَل بيتَهُ، والمضمونُ به أنْ يُبارَكَ عليه وعلى أهلِ بيتِه؛ لِمَا ورَد أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لأنسٍ رضِي اللهُ عنه: "يا بُنيَّ إذا دخَلتَ على أهلِك فسَلِّمْ يكُنْ برَكةً عليكَ وعلى أهلِ بيتِك". ويَحتمِلُ أيضًا أنَّه يَلزَمُ بيتَه طلَبًا للسَّلامةِ، وهرَبًا من الفِتَنِ، ورَغبةً في العُزْلةِ والإقلالِ مِن الخُلطةِ، "ومَنْ دَخَلَ على إِمامٍ يُعَزِّرُهُ" وفي نُسخةِ ابْنِ حِبانَ "يُعَزِّزُهُ" والمعنى: يُوقِّرُه ويَحْتَرِمُه، ويَنْصَحُه ويُوصِيهِ بالحَقِّ، "كان ضامنًا على اللهِ، ومَنْ جَلَسَ في بيْتِهِ لم يَغْتَبْ إنسانًا"، أي: لا يَذكُرُ أحدًا في غَيبتِهِ بما يَكْرَهُ، "كان ضامِنًا على اللهِ"، والقصْدُ مِن ذلك الحَثُّ على فِعْلِ هذه الخِصالِ وتجنُّبِ نقائِضِها( ).