الموسوعة الحديثية


- قلتُ يا رسولَ اللهِ فما الطاعونُ ؟ قال غُدَّةٌ كغُدَّةِ الإبلِ ، المقيمُ فيها كالشهيدِ والفارُّ منها كالفارِّ منَ الزحفِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر | الصفحة أو الرقم : 10/198 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن وله شاهد

الطاعونُ غُدَّةٌ كغُدَّةِ البعيرِ ، المقيمُ بها كالشهيدِ ، والفارُّ منها كالفارِّ منَ الزَّحْفِ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 3948 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه أحمد (25161) واللفظ له، وأبو يعلى (4408) باختلاف يسير


جعَلَ اللهُ سُبحانَه الأمْراضَ والأوْبِئةَ من المُكفِّراتِ لذُنوبِ المُسلِمينَ الصابِرينَ المُحتَسِبينَ، ومع ذلك أقامَ الشَّرعُ قَواعِدَ الحِمايةِ الصِّحِّيةِ وأُسُسَها؛ حتى لا تَنتَشِرَ الأوْبِئةُ من مَكانٍ لآخَرَ، كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ، حيث يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "الطَّاعونُ غُدَّةٌ"، أي: مَرَضُ الطَّاعونِ يَكونُ في الجِسمِ على شَكْلِ وَرَمٍ يَظهَرُ في المَناطِقِ الرَّقيقةِ من الجِسمِ وتحتَ الآباطِ، وقد يَخرُجُ في الأيدي والأصابِعِ وحيثُ شاءَ اللهُ، "كغُدَّةِ البَعيرِ"، بمَعْنى أنَّه يُشبِهُ النُّتوءَ البارِزَ خَلْفَ أقْدامِ الجِمالِ، "المُقيمُ بها كالشَّهيدِ"، أي: الشَّخصُ الذي يَمكُثُ في المَكانِ المُصابِ بوَباءِ الطَّاعونِ صابِرًا مُحتَسِبًا ثُمَّ يَموتُ به فله أجْرُ الشَّهيدِ، "والفَارُّ منها كالفارِّ من الزَّحْفِ"، بمَعْنى أنَّ الهارِبَ من مَكانِ الوَباءِ مع ظَنِّه أنْ يَفِرَّ من قَدَرِ اللهِ، وأنَّ هُروبَه سيُنْجيهِ فإنَّه يُشبِهُ الهارِبَ من أرضِ المَعرَكةِ ومن الحَرْبِ ضِدَّ الأعْداءِ، وهذه كَبيرةٌ من الكَبائِرِ ولا بُدَّ لها من تَوبَةٍ؛ لأنَّه قد يكونُ مُصابًا بالمَرَضِ فيَنقُلُه إلى مَكانٍ آخَرَ، ويَنشُرُ الوَباءَ فيَتَسبَّبُ في ضَرَرٍ بالِغٍ للنَّاسِ مع ما في ذلك من الهُروبِ من قَدَرِ اللهِ مع سُوءِ الظَّنِّ باللهِ سُبْحانَه، والتَّعلُّقِ بأسْبابِ الدُّنيا فقط.
وهكذا فإنَّ هذا التَّشريعَ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقيمُ نِظامَ الحِمايَةِ والحَجْرِ الصِّحيِّ حتى لا يَنتَشِرَ الوَباءُ، ومع ذلك فقد جَعَلَ للصَّبْرِ والاحتِسابِ أجْرًا عَظيمًا كما حذَّرَ من الانتِقالِ من مَكانِ الوَباءِ فعالَجَ الموضوع من جِهَةِ الطِّبِّ، ومن جِهَةِ الوازِعِ الأخْلاقيِّ، وجَعَلَ الضَّميرَ الإنْسانيَّ مَسْؤولًا عن أفْعالِه.
وفي الحَديثِ: بَيانُ اهتِمامِ الشَّرعِ بحِمايةِ المُجتَمَعاتِ من الأوْبِئةِ.
وفيه: سَبْقُ الإسْلامِ في وَضْعِ نِظامِ الحَجْرِ الصِّحيِّ؛ لتَحْجيمِ الوَباءِ .