المطلب الأول: مبدأ الرابطة عند النقشبنديين التشكيل
أول مبدأ يشدد عليه النقشبنديون هو مبدأ الرابطة يعدون به المريد بالوصول إلى الله والفناء فيه وفيض المعارف والحكمة والاتصال بسلسلة مشايخ الطريقة.
لقد أخذ النقشبنديون يبحثون للسالك عن رابطة أخرى بالله غير تلك الرابطة التي كانت قرة عين النبي صلى الله عليه وسلم أعني الصلاة. والتي كان إذا حزبه أمر نادى بلالا: ((أرحنا بها يا بلال)) رواه الطبراني (6230) وقال الهيثمي في ((المجمع)) (1/145) فيه أبو حمزة الثمالي وهو ضعيف واهي الحديث، لكن رواه أبو داود (4985) وأحمد (5/364) (23137) بلفظ ((يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها)) وسكت عنه أبو داود وقال العراقي في (تخريج الإحياء)) (453) إسناده صحيح، وصححه الألباني. . فابتدعوا الرابطة.
وهذه الرابطة مبناها على ربط القلب بغير الله أي بالشيخ محبة وطاعة وخضوعا وتذللا. والشريعة إنما طالبت بالرابطة أن تكون بالله وليس بغيره.
وزعموا أن قلب الشيخ مفتوح إلى عالم الغيب وكل لحظة يحصل فيها المدد من الله إنما تكون بواسطة الشيخ، بل إذا حدثت وسوسة فعلى المريد أن يغتسل بالماء البارد ويدخل خلوته ويتخيل صورة النبي أو صورة شيخه ((نور الهداية والعرفان في سر الرابطة والتوجه وختم الخواجكان)) 48. . ولكن: إن كان تخيل الشيخ موصل ضروري إلى الله فما المانع من تخيله في الصلوات الخمس؟
ولا تنس أنها صلة غير مباشرة يشترطون أن يكون الشيخ وسيطا فيها بل لا يمكن أن تحصل إلا به.
أما مشروعيتها عندهم فهي مستنبطة من قوله تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ [آل عمران:31] قالوا: ففي الآية إشارة إلى الرابطة لأن الاتباع يقتضي رؤية المتبوع حساً أو تخيله معنى، وهو غرضنا من الرابطة ((البهجة السنية في آداب الطريقة العلية الخالدية النقشبندية)) ص 46 لمحمد بن عبد الله الخاني. .
قالوا: «ومنكرها مكتوب في جبهته الخسران متسم بالمقت والحرمان» ((البهجة السنية في آداب الطريقة العلية الخالدية النقشبندية)) ص 48 لمحمد بن عبد الله الخاني. .
الرابطة تفيد إن كانت مع الإنسان الكامل المتصرف بقوة «الولاية» لأن الإنسان الكامل مرآة الحق سبحانه وتعالى فمن ينظر إلى روحانيته بعين البصيرة يشاهد الحق فيها ((البهجة السنية في آداب الطريقة النقشبندية)) 43. .