الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّاني: حدُّ القيامِ


حدُّ القيامِ في الصَّلاةِ أن يقفَ منتصِبًا قال ابنُ تَيميَّة: (القيام محدودٌ بالانتصاب، بحيث لو خرج عن حد المنتصب إلى حدِّ المنحني الراكع باختياره: لم يكن قد أتى بحدِّ القيام) ((مجموع الفتاوى)) (22/544). معتدِلًا، ولا يضرُّ الانحناءُ القليلُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعة: الحنفيَّةِ حدُّ القيام عند الحنفيَّة: أن يكون بحيث إذا مدَّ يديه لا ينال رُكبتيه. يُنظر: ((الفتاوى الهندية)) (1/69)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/444). ، والمالكيَّةِ ((منح الجليل)) لابن عليش (1/242)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/264). ، والشافعيَّةِ الانحناء السالب للاسم عند الشافعيَّة: أن يصيرَ إلى الركوع أقربَ. يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (1/233)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/154). ، والحنابلةِ حدُّ القيام عند الحنابلة: أن يكون قائمًا منتصبًا ما لم يصِرْ راكعًا. يُنظر: ((الفروع)) لابن مفلح (2/245)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/81).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي حُميدٍ السَّاعديِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: (أنا أعلَمُكم بصلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالوا: فاعرِضْ، فقال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام إلى الصَّلاةِ اعتَدَل قائمًا، ورفَعَ يديه حتَّى يحاذيَ بهما مَنْكِبَيْهِ، فإذا أراد أن يركَعَ رفَع يديه حتَّى يحاذيَ بهما مَنْكِبَيْهِ، ثم قال: اللهُ أكبَرُ، وركَع، ثم اعتَدَل، فلم يُصوِّبْ رأسَه ولم يُقنِعْ، ووضَع يديه على رُكبتيه... قالوا - أي الصَّحابةُ رضيَ اللهُ عنهم -: صدَقْتَ، هكذا صلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ) رواه أبو داود (730)، والترمذي (304)، وابن ماجه (709) واللفظ له قال الترمذيُّ: حسن صحيح، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (4/91)، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/339)، والنَّووي في ((المجموع)) (3/406)، وابن القيم في ((تهذيب السنن)) (2/416)، وقال: متلقًّى بالقَبول لا علةَ له، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (304).
وجهُ الدَّلالةِ
قوله: ((اعتَدَل قائمًا))، فيه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا قام إلى الصَّلاةِ اعتدَل قائمًا، وقد قال: ((صلُّوا كما رأَيتُموني أُصلِّي )) ((تعليقات ابن عُثَيمين على الكافي لابن قدامة - الموقع الرسمي لابن عُثَيمين)). والحديث رواه البخاري (631)
ثانيًا: القيامُ محدودٌ بالانتصابِ، بحيث لو خرَج عن حدِّ المنتصِبِ إلى حدِّ المنحني الرَّاكعِ باختيارِه: لم يكُنْ قد أتى بحدِّ القيامِ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (22/544).
ثالثًا: أنَّ الانحناءَ إذا كان يسيرًا لم يمنَعِ اسمَ القيامِ والانتصابِ، وإن كان كثيرًا سلَبه معنى القيامِ ((المجموع)) للنووي (3/261)، ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 155).
رابعًا: أنَّ المعتَبَرَ في الانتصابِ المشروطِ: نَصْبُ فَقارِ الظَّهرِ، فإذا بلَغ انحناؤُه حدَّ الرَّاكعينَ لم يكُنْ منتصِبًا ((المجموع)) للنووي (3/261).

انظر أيضا: