الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: حُكْمُ بَيْعِ الحاضِرِ للبادي


يَحْرُمُ بَيْعُ الحاضِرِ للبادي، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ في الجُملةِ اشتَرَطَ أصحابُ المَذاهِبِ شُروطًا كما سَيَأتي، لَكِنْ ذَهَبَ ابنُ حَزْمٍ والشَّوكانيُّ وابنُ عُثَيمين إلَى التَّحريمِ مُطلَقًا؛ لِظاهرِ الحَديثِ. ينظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/380)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (5/195)، ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (3/579). : الحَنَفيَّةِ صَرَّحَ الحَنفيَّةُ بِكَراهَتِه مَعَ الضَّرَرِ، والكَراهةُ إذا أطلِقَت عِندَهم فهيَ التَّحريميَّةُ. واشتَرَطوا فيما لَو كانوا في قَحْطٍ وعَوَزٍ، أمَّا إذا لَم يَكونوا في قَحْطٍ وعَوَزٍ فيجوزُ؛ لِانعِدامِ الضَّرَرِ. ((العناية)) للبابرتي (6/478)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/102)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (6/476). ، والمالِكيَّةِ اشتَرَطَ المالِكيَّةُ أن يَكونَ البادي جاهِلًا بِالسِّعرِ.. ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (5/162)، ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/378)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (3/69). ، والشَّافِعيَّةِ اشتَرَطَ الشَّافِعيَّةُ لِلحُرمةِ بِأن يَكونَ عالِمًا بِالنَّهيِ فيه، وأن يَكونَ المَتاعُ المَجلوبُ مِمَّا تَعُمُّ الحاجةُ إلَيه، كالأطعِمةِ ونَحوِها، فأمَّا ما لا يُحتاجُ إلَيه إلَّا نادِرًا فلا يَدخُلُ في النَّهيِ، وأن يَعرِضَ الحَضريُّ ذلك على البَدَويِّ ويَدعوه إليه. ((فتح العزيز)) للرافعي (8/217)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/414). ، والحَنابِلةِ واشتَرَطَ الحَنابِلةُ أن يَكونَ الحاضِرُ قَد قَصَدَ الباديَ؛ ليَتَوَلَّى ذلك، وأن يَكونَ البادي جاهلًا بِالسِّعرِ؛ لِأنَّه إذا كانَ عالِمًا بِه فهوَ كالحاضِرِ، وأن يَكونَ جَلَبَ السِّلعةَ لِبَيعِها، فإنْ جَلَبَها ليَدَّخِرَها، فلا ضَرَرَ على النَّاسِ، وأن يَقصِدَ بيعَها بِسِعرِ يَومِها، وأن يَتَضَرَّرَ النَّاسُ بِتَأخيرِ بيعِه. ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/384)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/184)، ويُنظر: ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (2/16).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1 - عن جابِرٍ قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يَبِعْ حاضِرٌ لبادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرزُقُ اللهُ بَعضُهم مِن بَعضٍ )) أخرجه مسلم (1522).
2- عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَلَقَّوُا الرُّكبانَ، ولا يَبِعْ حاضِرٌ لبادٍ ))، قال: فقَلتُ لابنِ عَبَّاسٍ: ما قَولُه ((لا يَبيعُ حاضِرٌ لبادٍ )) قال: لا يَكونُ لهُ سِمسارًا أخرجه البخاري (2158) واللَّفظُ له، ومسلم (1521).
ثانيًا: أنَّهُ لو تُرِكَ القادِمُ يَبيعُ سِلعَتَه اشتَراها النَّاسُ مِنهُ برُخصٍ، فإذا تَوَلَّى الحاضِرُ بَيعَها لم يَبِعْها إلَّا بغَلاءٍ، فيَحصُلُ الضَّرَرُ للنَّاسِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/184).

انظر أيضا: