الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ التاسِعُ: اليانَصِيبُ


الفَرْعُ الأوَّلُ: معنى اليانَصِيب
اليانَصِيبُ: مُسابَقةُ سَحبٍ يُسهِمُ فيها عَدَدٌ مِنَ النَّاسِ، بأن يَدفَعَ كُلٌّ مِنهم مَبلَغًا صَغيرًا؛ ابتِغاءَ كَسْبِ النَّصيبِ، وهو عِبارةٌ عن مَبلَغٍ كَبيرٍ، أو أيِّ شَيءٍ آخَرَ يوضَعُ تَحتَ السَّحبِ، ويَكونُ لكُلِّ مُساهمٍ رَقْمٌ، ثُمَّ تُوضَعُ أرقامُ المُساهِمينَ في مَكانٍ، ويُسحَبُ مِنها عن طَريقِ الحَظِّ رَقْمٌ أو أرقامٌ، فمَن خَرجَ رَقْمُه كانَ هو الفائِزَ بالنَّصيبِ ينظر: ((قرارات المجمع الفقهي الإسلامي)) (ص 335)، ((معجم اللغة العربية المعاصرة)) (3/2507).
الفَرْعُ الثَّاني: حُكْمُ اليانَصِيب
يَحْرُمُ اليانَصيبُ، نَصَّ عليه قَرارُ المَجمَعِ الفِقْهيِّ الإسلاميِّ التَّابِعِ لرابِطةِ العالَمِ الإسلاميِّ القرارُ السَّابعُ، وذلك في دورته الرابعةَ عَشرةَ ((قرارات المجمع الفقهي الإسلامي)) (ص 335). ، واللَّجنةُ الدَّائِمةُ في السُّعُوديَّةِ جاءَ في فتوى اللَّجْنةِ الدَّائِمةِ: (لُعبةُ اليانَصيبِ هيَ طَريقٌ لِأكلِ أموالِ النَّاسِ بِالباطِلِ) ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (15/202). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (الرِّبحُ مِنَ اليانَصيبِ لَيسَ مِنَ الرِّبحِ الشَّرعيِّ، بل هوَ مِنَ القِمارِ، مِنَ الميسِرِ، وجَميعُ الأموالِ الَّتي تَحصُلُ مِنَ الميسِرِ مُحَرَّمةٌ) ((فتاوى نور على الدرب)) (19/302). ، وابنُ عُثَيمين سُئِلَ ابنُ عُثَيمين عَن حُكمِ اليانَصيبِ فأجابَ: (هذه العَمَليَّةُ عَمَليَّةٌ مُحَرَّمةٌ في الإسلامِ قَرنَها الله تَعالَى بِالشِّركِ وشُربِ الخَمرِ؛ لِأنَّها مِنَ المَيْسِرِ، قال اللهُ تعالَى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 90] فلا يَجوزُ لِلمَرءِ أن يُقامِرَ سَواءٌ كانَ بِهذه الطَّريقةِ أم بِطَريقةٍ أخرَى غَيرِها؛ لِأنَّ القِمارُ مَيسِرٌ بِلا شَكٍّ، مَيسِرٌ مُحَرَّمٌ، وهوَ كما سَمِعَ المُستَمِعُ مَقرونٌ بِالخَمْرِ والأنصابِ والأزلامِ، والصَّدَقةُ مِن هَذا الرِّبحِ الخَبيثِ غَيرُ مَقبولةٍ؛ لِأنَّها صَدَقةٌ مِن كسْبٍ خَبيثٍ مُحَرَّمٍ، وقَد ثَبَتَ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (إنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبَلُ إلَّا طَيِّبًا) ولَكِن مَن تابَ إلَى اللهِ مِن هَذا العَمَلِ وقَد أخَذَ رِبحًا بِهذه الطَّريقةِ فإنَّ عليه أن يَتَصَدَّقَ بِما أخذَ أو أن يَصرِفَه في مَصالِحَ عامَّةٍ تَخَلُّصًا مِنه لا تَقَرُّبًا بِه؛ تَخَلُّصًا مِنه لِأنَّه لا طَريقةَ إلَى الخَلاصِ إلَّا بِهَذا، وقَد قال الله تعالَى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ لا تَقَرُّبًا بِه لِأنَّه لَو تَقَرَّبَ بِه لَتَصَدَّقَ بِه على أنَّه مِلْكُه لا على أنَّه مُخرِجُه مِن مِلكِه، وحينَئِذٍ لا تَبرَأُ ذِمَّتُه مِنه ولا يُقبَلُ مِنه؛ لِأنَّه كسْبٌ خَبيثٌ، واللهُ تَعالَى لا يَقبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وأنا أنصَحُ إخواني المُسلِمينَ وأوصيهم بِما أوصَى بِه اللهُ عِبادَه؛ بِتَقوَى اللهِ سُبحانَه وتَعالَى بِتَركِ هذه المُعامَلاتِ المَبنيَّةِ على الغَرَرِ والقِمارِ بِأيِّ لَونٍ كانَت وبِأيِّ اسمٍ سُمِّيَت؛ فإنَّ الحَقائِقَ لا تَتَغَيَّرُ بِاختِلافِ الصُّوَرِ ولا بِالأسماءِ المُزخَرَفةِ، وفيما أباحَ اللهُ لَنا مِنَ البَيعِ والشِّراءِ والتَّأجيرِ وغَيرِ ذلك مِنَ المُعامَلاتِ فيه غِنًى عَن هذه المُعامَلاتِ المُحَرَّمةِ) ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (16/2). ، وذلك لأنَّ عَمَليَّةَ اليانَصيبِ تَدخُلُ في القِمارِ؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ المُساهِمينَ فيها إمَّا أن يَغنَمَ النَّصيبَ كُلَّه، أو يَغرَمَ ما دَفَعَه، وهَذا هو ضابِطُ القِمارِ المُحَرَّمِ القرارُ السَّابِعُ، وذلك في دورته الرابعةَ عَشْرةَ ((قرارات المجمع الفقهي الإسلامي)) (ص 335).

انظر أيضا: