الموسوعة الفقهية

المبحثُ الثَّاني: الهِبَةُ للأولادِ


تَجوزُ الهِبةُ للأولادِ.
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
عن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رضِيَ اللهُ عنهُما، قال: ((انطَلَق بي أبي يَحمِلُني إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ، اشهَدْ أنِّي قد نَحَلتُ النُّعمانَ كذا وكذا مِن مالي، فقال: أكُلَّ بَنِيكَ قد نَحلْتَ مِثلَ ما نَحلْتَ النُّعمانَ؟ قال: لا. قال: فأَشهِدْ على هذا غَيري، ثم قال: أيَسُرُّكَ أنْ يكونُوا إليكَ في البِرِّ سواءً؟ قال: بلى. قال: فلا إذَنْ )) [303] أخرجه مسلم (1623).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ فيه دَلالةٌ على صحَّةِ الهِبةِ؛ لأنَّه إنَّما أنكَرَ عليه عدَمَ العدلِ بيْنَ الأولادِ، ولم يُنكِرِ الهِبةَ [304] ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/227).
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّها قالت: (إنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ كانَ نَحَلها جَدادَ عِشرين وَسْقًا مِن مالِه بالغابةِ، فلمَّا حَضَرَتْه الوفاةُ قال: واللهِ يا بُنيَّةُ، ما مِنَ النَّاسِ أحدٌ أحبَّ إلَيَّ غِنًى مِنكِ، ولا أعزَّ الناسِ علَيَّ فقرًا بعدي مِنكِ، وإنِّي كنتُ نَحَلتُك جَدادَ عِشرين وَسْقًا، فلو كُنتِ جَدَدتِيه وأحَرزْتِيه كانَ لكِ، وإنَّما هو اليومَ مالُ وارِثٍ، وإنَّما هما أخَواكِ وأُختاكِ، فاقسِموه على كِتابِ الله. فقالت عائشةُ: واللهِ يا أبتِ، لو كانَ كذا وكذا لَتَركتُه، إنَّما هي أسماءُ، فمَنِ الأُخرى؟ فقال أبو بكرٍ: ذو بَطْنِ بنتِ خارجةَ؛ أُراها جاريةً ) [305] تقدم تخريجه (ص: 377).
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على جَوازِ الهِبةِ للولدِ الطِّفلِ: ابنُ المُنذرِ [306] قال ابنُ المُنذرِ: (أجمَعَ كلُّ مَن نَحفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على أنَّ الرجُلَ إذا وَهَبَ لولدِه الطفلِ دارًا بعَينِها، أو عبدًا بعَينِه، أو شَيئًا مَفروزًا معلومًا، وقبَضَه له مِن نفْسِه، وأشهَدَ عليه؛ أنَّ الهبةَ تامَّةٌ، عاش الولدُ أو مات). ((الأوسط)) (12/42).



انظر أيضا: