الموسوعة الفقهية

المطلَبُ السَّابعُ: اشتِراطُ أن يكونَ المَوهوبُ مَقدورًا على تسليمِه


لا يُشترَطُ في المَوهوبِ أنْ يكونَ مَقدورًا على تَسليمِه وقتَ الهِبةِ [233] كهِبةِ الطيرِ في الهواء، والبعيرِ الشاردِ، والنخلِ قبْلَ بُدُوِّ صلاحِه، وهِبةِ المغصوبِ لغَيرِ غاصبِه ممَّن لا يَقدِرُ على أخْذِه. ، وهو مَذهبُ المالِكيَّةِ [234] ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (7/173). ، وقَولٌ للحَنابِلةِ [235] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/101). ، واختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [236] قال ابنُ تيميَّةَ: (تصِحُّ هِبةُ المعدومِ؛ كالثمَرِ واللَّبنِ بالسَّنةِ، واشتِراطُ القدرةِ على التسليمِ هنا فيه نظرٌ، بخلافِ البَيعِ). ((الفتاوى الكبرى)) (5/434). ، وابنِ عُثَيمينَ [237] قال ابنُ عُثيمينَ: (وبِناءً على هذا نقولُ: يَتخرَّجُ صِحَّةُ هِبةِ ما لا يُقدَرُ على تَسليمِه؛ لأنَّه إذا كانت الوصيَّةُ تصِحُّ بما لا يُقدَرُ على تَسليمِه، فالهِبةُ أيضًا مِثلُها؛ لأنها كلَّها تَبرُّعٌ، وهذا هو الصحيحُ: أنَّه يجوزُ هِبةُ ما لا يُقدَرُ على تَسليمِه، كالآبِقِ والطَّيرِ في الهواءِ؛ لأنَّه إنْ حَصَلَ فهو غانمٌ، وإنْ لم يَحصُلْ فليس بغارِمٍ، وإنَّما هو سالمٌ). ((الشرح الممتع)) (11/171). وقال: (يَجوزُ أنْ يَتبرَّعَ الإنسانُ بثَمرِ النخلِ قبْلَ بُدُوِّ صلاحِه؛ لأنَّ المنهيَّ عنه إنَّما هو البَيعُ، وأمَّا الهِبةُ والتبرُّعُ فإنَّ الموهوبَ له والمتبرَّعَ له إمَّا غانمٌ، وإمَّا سالمٌ؛ إمَّا غانمٌ إنْ بقِيَ الثمَرُ وصلَحَ، وإلَّا سالمٌ، فليس فيه غرَرٌ ولا جَهالةٌ ولا مَيسِرٌ). ((الشرح الممتع)) (9/33).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لي: لو قد جاءَنا مالُ البَحرَينِ قد أعطَيتُك هكذا وهكذا وهكذا. فلمَّا قُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجاءَ مالُ البَحرَين، قال أبو بَكرٍ: مَن كانَت له عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِدَةٌ فلْيَأتِنِي، فأتَيتُه فقلتُ: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد كان قال لي: لو قد جاءَنا مالُ البَحرَينِ لَأعطَيتُك هكذا وهكذا وهكذا، فقال لي: احثُهُ. فحثَوتُ حَثْيَةً، فقال لي: عُدَّها، فعَدَدتُها فإذا هي خَمسُ مِئةٍ، فأعطاني ألْفًا وخَمسَ مِئةٍ )) [238] أخرجه البخاري (3164) واللفظُ له، ومسلم (2314).
ثانيًا: أنَّ العجزَ عن تَسليمِ الشَّيءِ المُتبرَّعِ به لا يَضرُّ؛ فالمُتبرَّعُ له إمَّا غانِمٌ، وإمَّا سالمٌ؛ فليس فيه غرَرٌ ولا جَهالةٌ ولا مَيْسِرٌ [239] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/33).

انظر أيضا: