الموسوعة الفقهية

المطلَبُ الخامِسُ: هِبةُ المُكرَهِ


لا تَصِحُّ هِبةُ المُكرَهِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [82] يَرى الحنفيَّةُ أنَّ هِبةَ المكرَهِ فاسدةٌ، يعني: إذا زال الإكراهُ فهو بالخيارِ؛ إنْ شاء أمضى الهِبةَ، وإن شاء فسَخَها. ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/91)، ((الفتاوى الهندية)) (5/38). ويُنظر: ((عمدة القاري)) للعَيْني (24/102). ، والمالِكيَّةِ [83] ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (2/369). ويُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (1/524)، ((النوادر والزيادات)) للقَيْرَواني (10/290، 291)، ((التهذيب في اختصار المدونة)) للبَراذِعي (1/478). ، والشَّافعيَّةِ [84] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/236، 300)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/254). ويُنظر: ((نهاية المطلب في دراية المذهب)) لإمام الحرمين الجُوَيني (14/160)، ((إعانة الطالبين)) للدِّمياطي (3/71). ، والحَنابِلةِ [85] ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/399). ويُنظر: ((دليل الطالب لنيل المطالب)) للكَرمي (ص: 193). ، وحُكيَ الإجماعُ على عدَمِ جَوازِها [86] قال المهلَّبُ: (أجمَعَ العلماءُ أنَّ الإكراهَ على البَيعِ والهِبةِ لا يَجوزُ). ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (8/300).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِنَ الكتابِ
قال تَعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
قَولُه تعالَى: تَرَاضٍ مِنْكُمْ نصٌّ على إبطالِ أفعالِ المُكرَهِ؛ كالبَيعِ، والهِبةِ، ونَحوِهِما [87] ((أحكام القرآن)) لابن العربي (1/524).
ثانيًا: مِن السُّنةِ
1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((إنَّ اللهَ وَضَع عن أُمَّتي الخَطَأَ، والنِّسيانَ، وما استُكرِهُوا عليه )) [88] تقدم تخريجه (ص: 58).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((وما استُكرِهُوا عليه)) دليلٌ على رَفْعِ أحكامِ المُكرَهِ عن هذه الأُمَّةِ، ومنها هِبَتُه [89]  ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (2/182)
2- عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوَى )) [90] أخرجه البخاري (1) واللفظُ له، ومسلم (1907).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المُكرَهَ لم يَنوِ الهِبةَ مُختارًا لها؛ فلا تَصِحُّ [91] ((المحلى)) لابن حزم (7/203).
ثالثًا: لأنَّ الرِّضا مِن شُروطِ الهِبةِ؛ فلا تَصِحُّ منَ المُكرَهِ [92] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/47).

انظر أيضا: