الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الخامِسُ: الوَصيَّةُ لشخصٍ معيَّنٍ، وجَماعةٍ غَيرِ مَحدودةٍ [674] كأنْ يوصيَ لزَيدٍ وللمَساكينِ


اختَلَف العُلماءُ في الوَصيَّةِ لشَخصٍ معيَّنٍ وجَماعةٍ غيرِ مَحدودةٍ؛ على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: إذا كانتِ الوَصيَّةُ لشَخصٍ معيَّنٍ وجَماعةٍ غيرِ مَحدودةٍ، كالوَصيَّةِ لزيدٍ وللفُقَراءِ؛ تُقسَّمُ الوَصيَّةُ بَيْنَهُما نِصفَينِ، وهو مَذهبُ الحَنفيَّةِ [675] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/191)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (8/480). ويُنظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (2/701). ، والحَنابِلةِ [676] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/187)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/366)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (4/487). ، ووَجهٌ للشَّافعيَّةِ [677] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/183).
وذلك للآتي:
أولًا: لأنَّ المُوصِيَ جَعَل الوَصيَّةَ لجِهَتينِ؛ فاستَوَيا في القَدرِ، كالوَصيَّةِ لزَيدٍ وعَمرٍو [678] ((المغني)) لابن قُدامة (6/235).
ثانيًا: لأنَّه لو وصَّى لجِهَتَينِ غيرِ مَحصورَتَينِ، لم يُشرَكْ بَيْنهُم على قَدرِ عَدَدِهم، ولا على قَدرِ مَن يُعطَى مِنهُم، بل يُقسَّم بَيْنهُم على نِصفَينِ، وكذلك هاهُنا [679] ((المغني)) لابن قُدامة (6/235).
القَولُ الثَّاني: يُعطَى الشَّخصُ المعيَّنُ كالواحدِ مِنَ الجَماعةِ غَيرِ المَحدودةِ، وهو مذهبُ المالِكيَّةِ [680] نصَّ المالكيَّةُ على أنَّ الشَّخصَ المُعَيَّنَ -كزَيدِ مثلًا- يُعطى بالاجتِهادِ؛ أي: باجتِهادِ المتولِّي مِن وَصيٍّ أو قاضٍ. ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (8/329)، ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/434). ، والشَّافعيَّةِ [681] نصَّ الشَّافعيَّةُ على أنَّ الشَّخصَ المُعيَّنَ -كزَيدٍ مثلًا- يجوزُ أن يُعطى أقَلَّ مُتموَّلٍ، بشَرطِ ألَّا يُوصفَ بغيرِ صِفَتِهم، فإنْ وُصِف بغيرِ صِفتِهم -كزَيدٍ الكاتبِ مثَلًا- فله النِّصفُ، وللفُقراءِ النِّصفُ. ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 192)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/62)، ((حاشيتا قليوبي وعَمِيرة)) (3/170).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه ألحَقَه بِهِم في إضافَتِه؛ وذلك يَقتَضِي التَّسوِيةَ بيْنَ الجَميعِ [682] ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/62).
ثانيًا: لأنَّ القَرينةَ هنا دلَّت على أنَّ المُوصِيَ أعطَى المَعلومَ حُكمَ المَجهولِ، وألحَقَه به، وأَجراهُ على حُكمَه؛ حيث ضَمَّه إليه [683] ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (8/329)، ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/434).

انظر أيضا: