الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الأولُ: وَصيَّةُ الصَّبيِّ غيرِ المُميِّزِ


لا تَصِحُّ وَصيَّةُ الصَّبيِّ غيرِ المُميِّزِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ [137] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/185)، ((العناية)) للبابَرْتي (10/430). ، والمالكيَّةِ [138] ((مواهب الجليل)) للحطاب (8/514)، ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/452)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/504). ، والشَّافعيَّةِ [139] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/97)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 189). ، والحنابلةِ [140] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/6)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/140)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/336). ، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ [141] قال ابنُ قُدامةَ: (فأمَّا الطفلُ -وهو مَن له دونَ السَّبْعِ-، والمجنونُ، والمُبرسَمُ؛ فلا وَصيَّةَ لهم. وهذا قولُ أكثرِ أهْلِ العلمِ؛ منهم: حُميدُ بنُ عبدِ الرحمنِ، ومالكٌ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ رضِيَ اللهُ عنهم، وأصحابُ الرأْيِ، ومَن تَبِعَهم، ولا نَعلَمُ أحدًا خالَفَهم إلَّا إياسَ بنَ مُعاويةَ). ((المغني)) (6/216).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلاثٍ: عن النَّائِمِ حتى يَستيقِظَ، وعن الصَّغيرِ حتى يَكبَرَ، وعن المَجنونِ حتى يَعقِلَ أو يُفيقَ )) [142] أخرجه النَّسائي (3432) واللَّفظُ له، وابنُ ماجه (2041)، وأحمد (24694). ورواه أبو داود (4398) بلفظ: ((وعن المُبتلَى حتى يَبرَأَ)) بدل (المجنون). ورواه الحاكمُ (2350)، والبيهقي (11453) بلفظِ: ((وعن المَعتوهِ حتى يُفيقَ)). قال البخاريُّ -كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (225)-: (أرجو أن يكونَ محفوظًا). وصحَّحه الحاكِمُ وقال: (على شرطِ مسلمٍ). وابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/392)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/89): (إسنادُه على شرطِ مسلمٍ). وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (12/124): (له شاهدٌ، وله طرُقٌ يقوِّي بعضُها بعضًا). وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (3432)، وجوَّد إسناده شُعيبٌ الأرناؤوط في ((تخريج المسند)) (24694). وللحديث شاهدٌ مِن حديثِ عليٍّ رَضِيَ الله عنه. أخرجه الترمذيُّ (1423) بلفظ: ((المعتوه حتى يَعقِلَ))، وأخرجه أحمد (956)، والنَّسائيُّ في ((السنن الكبرى)) (7346) على الشَّكِّ: ((المعتوه أو المجنون حتى يَعقِلَ)). حسَّنه البخاريُّ، كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (226)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (2/197)، وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1423)، وصحَّحه لغيره شعيبٌ الأرناؤوط في ((تخريج المسند)) (1183).
ثانيًا: لأنَّه لا حُكمَ لكلامِه، ولا تَصِحُّ عِبادتُه، ولا شَيءٌ مِن تصرُّفاتِه، فكذا الوصيَّةُ، بل أَولى؛ فإنَّه إذا لم تصِحَّ عِبادتُه وصَلاتُه التي هي مَحضُ نفْعٍ لا ضرَرَ فيها، فلأنْ لا يصِحَّ بَذْلُه المالَ يَتضرَّرُ به وارثُه أَولى [143] ((المغني)) لابن قُدامة (6/216)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/336).
ثالثًا: لأنَّ الوصيَّةَ تَصرُّفٌ يَفتقِرُ إلى إيجابٍ وقَبولٍ، فلا يصِحُّ منه، كالبَيعِ والهِبةِ [144] ((المغني)) لابن قُدامة (6/216).

انظر أيضا: