الموسوعة الفقهية

المطلبُ الثاني: الزِّيادةُ في الوصيَّةِ على الثلُثِ لمَن ليس له وارثٌ


اختَلَفَ العلماءُ في الزِّيادةِ في الوصيَّةِ على الثلُثِ لمَن ليس له وارثٌ؛ على قولينِ:
القولُ الأولُ: يصِحُّ أنْ يَزيدَ الموصِي في الموصَى به على الثُّلُثِ عندَ عدَمِ وُجودِ الوارثِ، وهو مَذهبُ الحنفيَّةِ [19] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (29/17)، ((البناية)) للعَيْني (13/391). ، والحنابلةِ [20] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/10)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/145). ، وقولٌ عندَ المالكيَّةِ [21] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (5/244). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقَرافي (7/32). ، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ [22] قال العَينيُّ: (إذا لم يكُنْ له وارثٌ تجوزُ الوصيَّةُ بالكلِّ، وبه قال الحسَنُ البصريُّ، وشَرِيكٌ القاضي، وإسحاقُ بنُ راهَوَيْهِ). ((البناية)) (13/391).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
عن عامرِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، عن أبيهِ رضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَعودُني عامَ حَجَّةِ الوداعِ مِن وجَعٍ اشتدَّ بي، فقلتُ: إنِّي قد بلَغَ بي مِنَ الوَجعِ وأنا ذو مالٍ، ولا يَرِثُني إلَّا ابنةٌ؛ أفأتصدَّقُ بثُلُثَيِ مالي؟ قال: لا. فقلتُ: بالشَّطرِ؟ فقال: لا، ثمَّ قال: الثُّلُثُ، والثلُثُ كبيرٌ -أو كثيرٌ-؛ إنَّك أنْ تَذَرَ ورَثتَك أغنياءَ خيرٌ مِن أنْ تَذَرَهم عالةً يَتكفَّفونَ الناسَ... )) [23] أخرجه البخاري (1295) واللفظُ له، ومسلم (1628).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مَنَعَ مِن الزِّيادةِ على الثلُثِ؛ لتَعلُّقِه بحقِّ الورَثةِ، فإذا عُدِمَ الورثةُ جازتِ الوصيَّةُ بجَميعِ المالِ؛ لزوالِ علَّةِ المنعِ [24] ((الحاوي)) للماوَرْدي (8/195)، ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/10).
ثانيًا: لأنَّ مَن جازَت له الصَّدقةُ بجَميعِ مالِه، جازتْ وَصيَّتُه بجميعِ مالِه [25] ((الحاوي)) للماوَرْدي (8/195).
القولُ الثاني: لا يصِحُّ أنْ يَزيدَ الموصِي في الموصَى به على الثلُثِ عندَ عدَمِ وُجودِ الوارثِ، وهو مَذهبُ المالكيَّةِ -في المشهورِ عندَهم- [26] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (5/244). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقَرافي (7/32). ، والشافعيَّةِ [27] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/41). ويُنظر: ((الحاوي)) للماوَرْدي (8/195). ، وروايةٌ عن أحمدَ [28] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/10)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/145). ، والظاهريَّةِ [29] قال العَينيُّ: (وقال الشافعيُّ، ومالكٌ، وأحمدُ، وابنُ شُبْرُمةَ، والأوزاعيُّ، والحسنُ بنُ حيٍّ، وأبو سُليمانَ، وأصحابُ الظاهرِ: ليس له أن يُوصيَ بأكثرَ مِن الثُّلثِ). ((البناية)) (13/391). ، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ [30] ((البناية)) للعَيْني (13/391).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
عن عامرِ بنِ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، عن أبيهِ رضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَعودُني عامَ حجَّةِ الوداعِ مِن وجَعٍ اشتدَّ بي، فقلتُ: إنِّي قد بلَغَ بي مِنَ الوَجعِ وأنا ذو مالٍ، ولا يَرِثُني إلَّا ابنةٌ؛ أفأتصدَّقُ بثُلُثَيِ مالي؟ قال: لا. فقلتُ: بالشَّطرِ؟ فقال: لا، ثمَّ قال: الثُّلُثُ، والثلُثُ كبيرٌ -أو كثيرٌ-؛ إنَّك أَنْ تَذَرَ ورَثتَك أغنياءَ خيرٌ مِن أنْ تذَرَهم عالةً يَتكفَّفونَ الناسَ... )) [31] أخرجه البخاري (1295) واللفظُ له، ومسلم (1628).
وَجْهُ الدَّلالةِ مِن الحديثِ:
دلَّ الحديثُ بظاهرِه على عُمومِ عدَمِ جَوازِ الزِّيادةِ على الثُّلُثِ في حالةِ وُجودِ ورَثةٍ، أو عدَمِ وُجودِهم [32] ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (11/77).
ثانيًا: لأنَّ لِبَيتِ المالِ حقًّا في مالِه، فأشْبَهَ الوارثَ، فلا تَنفُذُ بأكثرَ مِن الثُّلُثِ [33] ((الممتع في شرح المقنع)) للتَّنُوخي (3/223).

انظر أيضا: