الموسوعة الفقهية

الفرع الخامس: المُكث في المسجد، والمرورُ منه


المسألة الأولى: المُكثُ في المسجد
لا يجوزُ للحائِضِ الـمُكثُ في المسجِدِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (3/180)، ((الهداية)) للمرغيناني (1/31). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/551)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/379)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 31). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/385)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/384). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/347)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/107).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43]
وجه الدَّلالة:
أنَّ الجنُبَ لا يجوزُ له قِربانُ محلِّ الصَّلاة، وهي المساجِدُ، إلَّا مرورًا فقط من غيرِ مُكثٍ، وكذلك الحائِضُ؛ لأنَّها في معنى الجنُبِ ((تفسير ابن كثير)) (2/308)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (79/237)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (7/344).
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((أُمِرْنا أن نُخرِج الحُيَّضَ يومَ العيدينِ وذواتَ الخُدورِ؛ فيشهدْنَ جماعةَ المُسلمين ودَعْوتَهم، ويعتَزِلُ الحُيَّضُ عن مُصلَّاهنَّ، قالت امرأةٌ: يا رسولَ الله، إحدانا ليس لها جِلبابٌ، قال: لِتُلْبسْها صاحِبَتُها مِن جِلبابِها )) رواه البخاري (351) واللفظ له، ومسلم (890).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّها كانت تُرجِّلُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهي حائِضٌ، وهو معتكِفٌ في المسجِدِ، وهي في حُجرَتِها، يُناوِلُها رأسَه )) رواه البخاري (2046) واللفظ له، ومسلم (297).
المسألة الثَّانية: المرورُ في المسجد
يجوز مرورُ الحائِضِ في المسجِدِ إذا أمِنَت التَّلويثَ؛ وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/135)، ((المجموع)) للنووي (2/162). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/347)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/198). ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف، واختاره ابنُ جَريرٍ الطبريُّ ((تفسير ابن كثير)) (2/313). ، وابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (جائزٌ للحائض والنُّفَساء أن يتزوَّجَا، وأن يدخلَا المسجِدَ، وكذلك الجُنُب؛ لأنَّه لم يأتِ نهيٌ عن شيءٍ من ذلك). ((المحلى بالآثار)) (1/400). ، وابنُ القيِّم قال ابن القيِّم: (يجوز للحائِضِ المرورُ فيه إذا أمِنَتِ التَّلويثَ). ((أعلام الموقعين عن رب العالمين)) (3/23). ، وابنُ كثيرٍ قال ابن كثير- بعد أن نقل قولَ ابن جرير الطبريِّ في تفسيرِ عابر السَّبيل بالمجتاز: (وهذا الذي نصَره هو قولُ الجمهورِ، وهو الظَّاهِرُ مِن الآية، وكأنَّه تعالى نهى عن تعاطي الصَّلاةِ على هيئةٍ ناقصةٍ تُناقِضُ مقصودَها، وعن الدُّخولِ إلى محلِّها على هيئةٍ ناقصةٍ، وهي الجنابةُ المُباعِدة للصَّلاةِ ولِمَحلِّها أيضًا، واللهُ أعلم). ((تفسير ابن كثير)) (2/313). ، وابنُ باز قال ابن باز: (أمَّا مرورُها بالمسجِدِ لأخْذِ بَعضِ الحاجات، مع التحفُّظِ مِن نُزولِ شَيءٍ مِن الدَّم، فلا حرجَ في ذلك). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/221). ، وابنُ عثيمين قال ابنُ عثيمين: (أمَّا مرورُها بالمسجِدِ، فلا بأسَ به، بشرْطِ أن تأمَنَ تلويثَ المسجدِ ممَّا يخرجُ منها من الدَّم). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/273).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ [النساء: 43]
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الاستثناءَ مِن المنهيِّ عنه إباحةٌ، والمعنى: لا تقربوا مواضِعَ الصَّلاة- أي: المساجِدَ- وأنتم سكارى، حتَّى تُفيقوا من سُكركم، ولا تقربوها وأنتم جُنُب، حتَّى تغتَسِلوا من الجنابة، إلَّا إذا كان دخولُكم إيَّاها على وجهِ الاجتيازِ والمرورِ، فلا بأسَ به، والحائِضُ حُكمُها حُكمُ الجنُبِ في ذلك ((المغني)) لابن قدامة (1/107)، ((تفسير ابن كثير)) (2/311)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (4/110، 7/342)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (79/237).

انظر أيضا: