الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثالثُ: الفرقُ بيْنَ الوصيَّةِ والهِبة


هناك بعضُ الفروقِ بيْن الوصيَّةِ والهِبةِ، ومِن هذه الفروقِ:
1- أنَّ الهِبةَ تبرُّعٌ مُنجَزٌ في الحالِ إذا قُبِضَت في الصِّحَّةِ، وأمَّا الوصيَّةُ فغيرُ مُنجَزةٍ؛ لأنَّها لا تُملَكُ إلا بعْدَ موتِ الموصِي [21] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/333)، ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (2/296).
2- الموهوبُ له يَتملَّكُ الهِبةَ فَورَ القَبولِ والقَبضِ لها، ولا رُجوعَ للواهبِ فيها إذا قُبِضَت، أمَّا الموصَى له فلا يَتملَّكُ العَينَ الموصَى بها إلا بعْدَ موتِ الموصِي، فيَملِكُ الموصِي الرُّجوعَ فيها في حياتِه ولو قبَضَها الموصَى له في تلك الفترةِ [22] ((الأم)) للشافعي (4/102)، ((الكافي)) لابن عبد البر (2/999).
3- الهِبةُ تَخرُجُ مِن جميعِ مالِ الواهبِ، إلَّا أنْ يكونَ في مرَضِ الموتِ، فتُحَدَّ بالثُّلثِ، في حين أنَّ الوصيَّةَ لا تَتجاوزُ الثُّلثَ إلا بإجازةِ الورثةِ [23] ((المغني)) لابن قُدامة (6/146)، ((السيل الجرَّار)) للشوكاني (ص: 630).
4- لا تصِحُّ الهِبةُ مِن المحجورِ عليه، والوصيَّةُ تصِحُّ منه؛ لأنَّها لن تُنفَّذَ إلا بعدَ قضاءِ الدَّينِ [24] ((الكافي)) لابن عبد البر (2/999)، ((المغني)) لابن قُدامة (6/216).
5- لا تصِحُّ الهِبةُ مِن السَّفيهِ، في حين تصِحُّ الوصيَّةُ مِن السَّفيهِ [25] ((مختصر خليل)) (ص: 256)، ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/299)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/256).
6- لا تصِحُّ الهِبةُ للحمْلِ، في حين تصِحُّ الوصيَّةُ له؛ لأنَّ الهِبةَ تَمليكٌ مُنجَزٌ في الحالِ، والحملَ ليس أهلًا للتملُّكِ [26] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (6/186).
7- تَختصُّ الهِبةُ بالمالِ فقط، أمَّا الوصيَّةُ فتَشمَلُ المالَ والحقوقَ، فيصِحُّ للموصِي أن يُولِّيَ أحدَهم ليَقضيَ ما له وما عليه مِن حُقوقٍ [27] ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (11/134، 65).
8- الهِبةُ تصِحُّ للوارثِ، ولا تصِحُّ الوصيَّةُ لوارثٍ إلا أنْ يُجيزَها بقيَّةُ الورَثةِ [28] ((المغني)) لابن قُدامة (6/146).
9- يُشترَطُ في الهِبةِ -عندَ الجُمهورِ- أنْ يكونَ الموهوبُ مَوجودًا معلومًا مَقدورًا على تَسليمِه، بخِلافِ الوصيَّةِ، فتصِحُّ بالمعدومِ والمجهولِ والمعجوزِ عن تَسليمِه؛ كالآبِقِ. وقيل: لا فرْقَ بيْنهما في ذلك، فلا يُشترَطُ شَيءٌ مِن ذلك؛ لأنَّها كلَّها مِن عُقودِ التبرُّعاتِ، والمستفيدُ إمَّا غانمٌ، وإمَّا سالمٌ [29] ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّة (5/434)، ((العناية)) للبابَرْتي (10/412)، ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/337)، ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (7/173).

انظر أيضا: