الموسوعة الفقهية

الفصل الرَّابع: أواني الذَّهب والفِضَّة


المبحث الأوَّل: حُكم الأكل والشُّرب في آنية الذَّهب والفِضَّة
لا يجوزُ الأكلُ والشُّربُ في أواني الذَّهَبِ والفِضَّة، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/10)، وينظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (4/182). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/183)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/319) ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/246)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/76). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/51)، ((شرح المنتهى)) للبهوتي (1/28). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال الشوكاني: (وقد نقل الإجماعَ أيضًا ابنُ المُنذِر على تحريمِ الشُّرب في آنية الذَّهَب والفضة إلَّا عن معاويةَ بنِ قُرَّة) ((نيل الأوطار)) (1/90) وقال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّه لا يجوزُ لمسلمٍ أن يشرَب ولا يأكُل في آنيةِ الفضَّة، وآنيةُ الذَّهب عندهم كذلك أو أشَدُّ؛ لأنَّه قد جاء فيها مِثلُ ما جاء في آنيةِ الفضَّة) ((الاستذكار)) (8/350). وقال النوويُّ: (أجمع المسلمونَ على تحريمِ الأكلِ والشُّرب في إناءِ الذَّهَبِ وإناءِ الفضَّةِ، على الرَّجُلِ وعلى المرأة) ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (14/29). وقال أيضًا: (وهذان نصَّانِ في تحريمِ الأكلِ، وإجماعُ مَن قَبلَ داودَ حُجَّةٌ عليه، قال أصحابنا: أجمعت الأمَّةُ على تحريم الأكلِ والشُّرب وغيرهما من الاستعمالِ في إناءِ ذهبٍ أو فضَّةٍ إلَّا ما حُكِيَ عن داودَ، وإلَّا قولَ الشَّافعيِّ في القديم) ((المجموع)) (1/250) وقال ابن تيمية: (كما في آنيةِ الذَّهَبِ والفضَّة؛ فإنَّهم اتَّفقوا على أنَّ استعمالَ ذلك حرامٌ على الزَّوجين: الذَّكَرِ والأنثى) ((مجموع الفتاوى)) (21/84). وقال الشوكاني: (والحديثُ يدلُّ على تحريمِ الأكلِ والشُّرب في آنية الذَّهَب والفضة، أما الشُّرب فبالإجماعِ، وأما الأكل فأجازه داودُ، والحديث يَرُدُّ عليه، ولعله لم يبلُغْه) ((نيل الأوطار)) (1/90).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي ليلى ((أنَّهم كانوا عند حُذيفةَ فاستسقى، فسقاه مجوسيٌّ، فلمَّا وضَع القَدَحَ في يدِه رماه به، وقال: لولا أنِّي نهيتُه غيرَ مرةٍ ولا مرَّتين، كأنَّه يقول: لم أفعَلْ هذا، ولكنِّي سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: لا تَلْبَسوا الحريرَ ولا الدِّيباجَ، ولا تَشْرَبوا في آنِيةِ الذَّهبِ والفِضَّة، ولا تأكلوا في صِحافِها؛ فإنَّها لهم في الدُّنيا، ولنا في الآخِرةِ )) رواه البخاري (5426) واللفظ له، ومسلم (2067).
2- عن أمِّ سَلمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الَّذي يَشرَبُ في إناءِ الفِضَّةِ إنما يُجرجِرُ في بَطْنه نارَ جَهنَّمَ )) رواه البخاري (5634) واللفظ له، ومسلم (2065).
وفي روايةٍ: ((مَن شَرِبَ في إناءٍ من ذَهبٍ أو فِضَّة، فإنَّما يُجرجِرُ في بطنِه نارًا من جَهنَّم )) رواه مسلم (2065).
3- عن البَراءِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أمَرنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَبعٍ، ونهانا عن سَبعٍ: أمَرَنا باتِّباعِ الجَنائِزِ، وعيادةِ المريضِ، وإجابةِ الدَّاعي، ونصرِ المَظلومِ، وإبرارِ القَسَمِ، وردِّ السَّلامِ، وتَشميتِ العاطِسِ، ونهانا عن آنيةِ الفِضَّةِ، وخاتَمِ الذَّهَبِ، والحريرِ، والدِّيباجِ، والقَسِّيِّ، والإستبرقِ)) رواه البخاري (1239) واللفظ له، ومسلم (2066).
المبحث الثَّاني: استعمال آنية الذَّهب والفِضَّة في غير الأكل والشُّرب
يحرُم استعمالُ آنيةِ الذَّهَبِ والفضَّة، كاستعمالِهما في ادِّهانٍ، أو اكتحالٍ، ونحو ذلك ويُلحق بها الملاعِقُ والأكواب وغيرها؛ قال ابن باز: (فالذَّهَبُ والفضَّة لا يجوز اتخاذُهما أوانيَ، ولا الأكلُ ولا الشُّرب فيها، وهكذا الوضوءُ والغُسل، هذا كلُّه محرَّم بنصِّ الحديثِ عن رسول الله عليه الصَّلاة والسَّلام، والواجبُ منعُ بيعها حتى لا يستعمِلَها المسلمُ، وقد حرَّم اللهُ عليه استعمالها، فلا تُستعمَلُ في الشَّرابِ ولا في الأكلِ ولا في غيرِهما، ولا يجوز أن يُتَّخَذَ منها ملاعِقُ ولا أكوابٌ للقهوةِ أو الشاي، كل هذا ممنوعٌ؛ لأنَّها نوعٌ من الأواني). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (6/378). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/10)، وينظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (4/182)، ((الفتاوى الهندية)) (5/334). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/183)، ((حاشية العدوي)) (2/609). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/246)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/76). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) (1/55)، ((شرح المنتهى)) (1/32) كلاهما للبهوتي. ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن عبدِ البَرِّ: (العلماءُ كلُّهم لا يُجيزونَ استعمالَ الأواني من الذَّهَب، كما لا يُجيزونَ ذلك من الفضَّة) ((التمهيد)) (16/105). وقال النووي: (أجمعت الأمَّةُ على تحريمِ الأكلِ والشُّرب وغيرهما من الاستعمالِ في إناءِ ذَهَب أو فضَّة، إلَّا ما حُكي عن داود، وإلَّا قول الشافعيِّ في القديم) ((المجموع)) (1/25). وقال ابن قدامة: (لا خلاف بين أصحابنا في أنَّ استعمالَ الذَّهَب والفِضَّة حرامٌ، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي، ولا أعلَمُ فيه خلافًا) ((المغني)) (1/55). وقال ابن تيميَّة: (...كما في آنيةِ الذَّهَب والفضَّة؛ فإنَّهم اتَّفقوا على أنَّ استعمالَ ذلك حرامٌ على الزَّوجين: الذَّكر والأنثى) ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (21/84).
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن حُذيفة بنِ اليَمانِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((لا تَلْبَسوا الحريرَ ولا الدِّيباجَ، ولا تَشربوا في آنِيةِ الذَّهَبِ والفضَّةِ، ولا تأكلوا في صِحافِها؛ فإنَّها لهم في الدُّنيا، ولنا في الآخِرةِ )) رواه البخاري (5426) واللفظ له، ومسلم (2067).
وجه الدَّلالة:
أنَّه إذا نُهِيَ عَنِ الأكلِ والشُّربِ في آنيةِ الذَّهَب والفضَّة؛ لِمَا في ذلك من التشبُّهِ بالكفَّارِ- فمِثلُ ذلك إذا استعمَلَهما في غير الأكلِ والشُّربِ سواءً بسواءٍ؛ فإنَّ ذِكرَ الأكْلِ أو الشُّرب فيهما، لا يدلُّ على التَّخصيصِ؛ وذلك لأنَّه في الغالِبِ قد خرج مَخرَجَ الغالِبِ ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (16/105)، ((المغني)) لابن قدامة (1/57)، ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/511).
المبحث الثَّالث: حُكمُ اقتناءِ آنيةِ الذَّهب والفضَّةِ
يحرُم اقتناءُ المقصودُ مِن الاقتناء: أن يتَّخِذَه ويحتفِظَ به فقط دون أن يَنتفِعَ به، كأنْ يتَّخذَه للزِّينة، وغير ذلك. انظر ((الشرح الممتع)) (1/72). آنيةِ الذَّهَبِ والفضَّة؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: قال ابن حجر: (واختُلف في اتِّخاذِ الأواني دون استعمالِها كما تقدَّم، والأشهَرُ المنع، وهو قولُ الجُمهور، ورخَّصت فيه طائفة) ((فتح الباري)) (10/98). ، المالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/128)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/184). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/252)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/29). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (2/74)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/80).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عبد الرَّحمن بنِ أبي ليلى ((أنَّهم كانوا عند حُذيفةَ فاستسقى، فسقاه مجوسيٌّ، فلمَّا وضَع القَدَح في يدِه رماه به، وقال: لولا أنِّي نهيتُه غيرَ مرةٍ ولا مرَّتين، كأنَّه يقول: لم أفعَلْ هذا، ولكنِّي سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: لا تَلْبَسوا الحريرَ ولا الدِّيباجَ، ولا تَشْرَبوا في آنيةِ الذَّهبِ والفِضَّة، ولا تأكلوا في صِحافِها؛ فإنَّها لهم في الدُّنيا، ولنا في الآخِرة )) رواه البخاري (5426) واللفظ له، ومسلم (2067).
وجه الدَّلالة:
أنَّ مفهومَ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فإنَّها لهم في الدُّنيا)): أنَّها ليستْ لكم في الدُّنيا في جميعِ الحالاتِ، وهو دليلٌ على تحريمِ الاتِّخاذِ والاستعمالِ ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (7/236).
ثانيًا: أنَّ الأصل أنَّ كلَّ ما لا يجوزُ استعمالُه لا يجوز اتِّخاذُه، كآلاتِ الملاهي ((المنثور في القواعد الفقهيَّة)) للزركشي (3/139).
ثالثًا: أنَّ الاتِّخاذَ ذريعةٌ إلى الاستعمالِ، وسدُّ الذَّريعة واجِبٌ قال ابن عبدِ البَرِّ: (معلومٌ أنَّ مَن اتَّخذَها لا يَسلَمُ مِن بَيعِها أو استعمالِها؛ لأنَّها ليست مأكولةً ولا مَشروبةً، فلا فائدةَ فيها غيرُ استعماله، فكذلك لا يجوز اتِّخاذُها عند جماعةِ الفُقَهاءِ وجمهورِ العُلَماءِ) ((الاستذكار)) (8/351).
المبحث الرَّابع: حُكمُ الطَّهارةِ مِن آنية الذَّهبِ والفِضَّة
تصحُّ الطَّهارةُ مِن آنيةِ الذَّهَبِ والفِضَّة مع التَّحريمِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/211)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/341). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/79)، وينظر: ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/163). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/251)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/77). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/81)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/56). ؛ وذلك لأنَّ الإناءَ في الطَّهارةِ أجنبيٌّ عنها، فلهذا لم يؤثِّر فيها، فالتَّحريمُ إذا كان في رُكنِ العبادةِ وشَرطِها أثَّرَ فيها، والإناءُ هنا منفصلٌ عن العبادةِ، ليس شرطًا فيها، ولا تتوقَّفُ صحَّةُ الوضوءِ على استعمالِ الحَرامِ ((الفتاوى الكبرى)) (1/438)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/78).
المبحث الخامس: الإناء المضبَّب بالذَّهب والفضَّة
المطلب الأوَّل: تعريفُ الضبَّة
الضبَّة: قطعةٌ أو شريطٌ يُجمَعُ بها بين طرفَيِ المنكَسِرِ مِن الإناءِ ((تهذيب اللغة)) للأزهري (2/30)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/73).
المطلب الثَّاني: حُكمُ تضبيبِ الأواني بالفضَّةِ
يجوز التَّضبيبُ باليسيرِ مِن الفضَّةِ لحاجةٍ الحاجة: أن يتعلَّق بها غرضٌ غير الزِّينة، وليس ألَّا يجِدَ ما يَجبُر به إلَّا الفضَّة، فهذه ضرورةٌ. ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (21/81). ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة اشترط الحنفيَّة: أن يتَّقِيَ الآكل أو الشَّارب موضِعَ الضبَّةِ. ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/212)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (4/79). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/256)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/79). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/83)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/52).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ قدَحَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم انكسَرَ، فاتَّخذ مكان الشَّعْبِ سِلسلةً من فِضَّةٍ))، قال عاصم: رأيتُ القدَحَ، وشربتُ فيه رواه البخاري (3109).
ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن آنيةِ الفضَّةِ، والمضبَّبُ بالفضَّةِ ليس إناءَ فضَّةٍ، فلا يدخُلُ في النَّهيِ، والأصل الحِلُّ، حتى يرِدَ دليلٌ صحيحٌ صريحٌ على تحريمِ المضبَّبِ ((المحلى)) لابن حزم (7/421).
المطلب الثَّالث: حُكمُ تَضبيبِ الأواني بالذَّهَب
يحرُم التَّضبيبُ بالذَّهَبِ مطلقًا؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/129)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/184-185). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/255)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/79). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/79)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/57). ؛ وذلك لأنَّ الدَّليلَ جاء بجوازِ التَّضبيب بيسيرِ الفضَّة فحسبُ، فبقِيَ الذَّهبُ على أصلِه في التَّحريمِ ((المجموع)) للنووي (1/256)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (25/65).
المبحث السَّادس: حُكم استعمالِ الأواني الثَّمينة غير الذَّهب والفضَّة:
يجوز اتِّخاذُ الأواني الثَّمينةِ كالياقوت والزبرجد والعقيق. واستعمالُها، ولو في الأكلِ والشُّربِ، إذا كانت مِن غَيرِ الذَّهَبِ والفضَّة، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/11)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/211). ، والرَّاجِحُ عند المالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (1/59)، وينظر: ((حاشية الصاوي)) (1/62). ، والأصَحُّ عند الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/252)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/78). ، وهو مذهَبُ الحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/79)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/58). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ حزم: (اتَّفقوا أنَّ كلَّ إناءٍ ما لم يكن فضةً ولا ذهبًا ولا صُفرًا ولا نُحاسًا ولا رَصاصًا ولا مغصوبًا، ولا إناءَ كتابيٍّ، ولا جِلدَ مَيتةٍ ولا جلدَ ما لا يُؤكَلُ لحمه وإن ذُكِّي؛ فإنَّ الوضوءَ منه والأكلَ والشُّربَ جائزٌ) ((مراتب الإجماع)) (1/23)، وقد تعقَّبه ابن تيميَّة في حكاية الإجماع، وذلك في نوعٍ من الأواني لم يذكُره ابنُ حَزمٍ وهي الأواني الثَّمينة، وفي ذلك قال ابن تيميَّة: (قلت: الآنيةُ الثَّمينة التي تكون أغلى من الذَّهَبِ والفضَّة- كالياقوت ونحوه- فيها قولان للشافعي، وفي مذهب مالك قولان) ((نقد مراتب الإجماع)) (ص: 289). وقال ابن حجر: (يرِد عليه جوازُ استعمالِ الأواني مِن الجواهِرِ النَّفيسة، وغالِبُها أنفَسُ وأكثَرُ قيمةً من الذهب والفضَّة ولم يمنَعْها إلَّا مَن شذَّ، وقد نقل ابنُ الصبَّاغ في الشَّامل الإجماعَ على الجوازِ، وتبِعه الرافعيُّ ومَن بَعدَه، لكن في زوائد العمراني عن صاحب الفروع نقل وجهين). ((فتح الباري)) (10/98).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
1- عُمومُ قَولِه تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف: 32]
2- عُمومُ قَولِه تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا[البقرة: 29]
فالأصلُ في الأشياءِ الإباحةُ ((تفسير السعدي)) (ص: 48).
ثانيًا: أنَّ تخصيصَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنعَ بالذَّهَبِ والفضَّة يقتضي إباحةَ ما عداهما ((شرح الزركشي)) (1/159).

انظر أيضا: