الموسوعة الفقهية

 المَسألةُ الثَّالِثةُ: ما يُطلَقُ على اللهِ تعالى وعلى غَيرِه سَواءً


اختلَفَ العُلَماءُ في الحَلِفِ بالاسمِ الذي يُطلَقُ على اللهِ تعالى وعلى غيرِه سَواءً [147] مِثلُ: الكريمِ، والجبَّارِ، والبَصيرِ... وغيرِها. ؛ على قولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: يَقَعُ اليَمينُ بالاسمِ الَّذي يُطلَقُ على اللهِ تعالى وعلى غيرِه سَواءً، وهو مَذهَبُ الحَنفيَّةِ [148] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/109)، ((الفتاوى الهندية)) (2/52). ، والمالِكيَّةِ [149] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/261)، ((شرح الزُّرقاني على مختصر خليل)) (3/86)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/127)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/3). ، وبه قال ابنُ حَزمٍ [150] قال ابنُ حزمٍ: (لا يمينَ إلَّا باللهِ عزَّ وجَلَّ، إمَّا باسمٍ مِن أسمائِه تعالى، أو بما يُخبَرُ به عن اللهِ تعالى ولا يرادُ به غيرُه، مِثلُ: مُقَلِّبِ القُلوبِ، ووارثِ الأرضِ وما عليها، الَّذي نفْسي بيَدِه، رَبِّ العالَمينَ، وما كان من هذا النَّحوِ، ويكونُ ذلك بجميعِ اللُّغاتِ؛ أو بعِلمِ الله تعالى، أو قُدرتِه، أو عِزَّتِه، أو قُوَّتِه، أو جَلالِه، وكُلِّ ما جاء به النَّصُّ مِن مِثلِ هذا؛ فهذا هو الذي إنْ حَلَف به المرءُ كان حالِفًا، فإن حَنِثَ فيه كانت فيه الكَفَّارةُ). ((المحلى)) (6/281). ويُنظر: ((سُبُل السلام)) للصَّنْعاني (2/551).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن ابنِ عمرَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن كان حالِفًا فلْيَحلِفْ باللهِ، أو لِيَصمُتْ )) [151] أخرجه البخاري (6646)، ومسلم (1646) واللَّفظُ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحَلِفَ بسائِرِ أسماءِ الله تعالى حَلِفٌ باللهِ [152] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/109).
القَولُ الثَّاني: لا يَقَعُ اليَمينُ بالاسمِ الذي يُطلَقُ على اللهِ تعالى وعلى غيرِه سواءً، إلَّا أن يَنوِيَ به اللهَ، وهو مَذهَبُ الشافِعيَّةِ [153] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 326)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/321). ، والحَنابِلةِ [154] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/221، 222)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/230، 231).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الاسمَ المُشتَرَكَ يحتَمِلُ أن يُرادَ به اللهُ تعالى، ويحتَمِلُ أن يُرادَ به غَيرُه [155] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/222).
ثانيًا: لأنَّ الحَلِفَ الذي تجِبُ به الكفَّارةُ لم يُقصَدْ، ولا اللَّفظُ ظاهِرٌ في إرادتِه؛ فوَجَب ألَّا يترتَّبَ عليه ما يترتَّبُ على الحَلِفِ باللهِ تعالى إلَّا أن يَنويَه [156] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/222).

انظر أيضا: