الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: المُستحيلُ عَقلًا


اختلَفَ العُلَماءُ في انعقادِ اليَمينِ بالمستحيلِ عَقلًا؛ على قولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: تَنعقِدُ اليَمينُ على المُستحيلِ عَقلًا، ويَحنَثُ في الحالِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [87]   مِن أمثلةِ المستحيلِ عَقلًا عند المالكيَّةِ: أن يحلِفَ لَيَجمعَنَّ بين الضِّدَّينِ، ولَيقتُلَنَّ زيدًا الميِّتَ. ((الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي)) (2/126)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/3). ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (2/196). ، والشَّافِعيَّةِ [88]   ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/3)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/174). ، والحَنابِلةِ [89]   الحنابِلةُ يَفصِلونَ بين النَّفي والإثباتِ؛ فمَن حلف نافيًا على المستحيلِ عادةً أو حقيقةً كان من اللَّغوِ، ومَن حَلَف مُثبِتًا على المستحيلِ عادةً أو حقيقةً كان يمينًا يُكفَّرُ في الحالِ، مثلُ: والله ليشرَبَنَّ ماءَ الكوزِ، ولا ماءَ فيه. ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/368)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/236). ، وأبي يوسُفَ مِن الحَنفيَّةِ [90]   ((الفتاوى الهندية)) (2/51). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/11).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه انتَهَك حُرمةَ اليَمينِ؛ فلَزِمَتْه [91]   ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/3).
ثانيًا: لأنَّه مَعجوزٌ عن فِعلِه؛ فوَجَبت الكفَّارةُ في الحالِ [92]   ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/368).
القَولُ الثَّاني: لا تَنعقِدُ اليَمينُ على المستحيلِ عَقلًا، وهو مَذهَبُ الحَنفيَّةِ [93]   من أمثلة الممتنعِ عَقلًا عند الحنفيَّةِ: الحَلِفُ على شربِ الماءِ في الكوزِ الفارغِ، فهو غير متصوَّرِ الوجودِ عندهم. ((الفتاوى الهندية)) (2/51)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/135). ، ووَجهٌ عند الحنابلةِ [94]   ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/231)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/15). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمين [95]   قال ابنُ عُثَيمين: (الشَّرطُ الثَّالثُ: أن تكونَ على أمرٍ مُمكِنٍ، فإن كان غيرَ مُمكِنٍ لم تنعقِدْ، والممكِنُ ضِدُّه المستحيلُ، والمستحيلُ تارةً يكونُ مُستحيلًا لذاتِه، وتارةً يكونُ مُستحيلًا عادةً، وكلاهما على حَدٍّ سواءٍ، فإذا أقسَمَ على شيءٍ مُستحيلٍ، فإنَّ يمينَه غيرُ مُنعَقِدةٍ؛ فلا كفَّارةَ عليه، سواءٌ حَلَف على فعلِه أم على تركِه؛ لأنَّه مُستحيلٌ، والمستحيلُ لا تتعلَّقُ به كفَّارةٌ). ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (15/128).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ المستحيلَ لا تتعَلَّقُ به كفَّارةٌ [96]   ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) لابن عُثَيمين (15/128).
ثانيًا: لأنَّه بالحَلِفِ عليه لن يكونَ، وبنَفيِه تأكيدٌ لِعَدمِه؛ فكان لَغوًا [97]   ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) لابن عُثَيمين (15/128).

انظر أيضا: