الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: انعِقادُ اليَمينِ على المُستَحيلِ عادةً [74]   يُسَمِّيه الحنفيَّةُ: مُتصَوَّرَ الوجودِ وهو عند المالِكيَّة: الممكِنُ العقليُّ وعند الشَّافعيَّةِ: الممتنِعُ البِرِّ وعند الحنابلةِ: المستحيلُ الذَّاتيُّ


اختلَفَ العُلَماءُ في انعقادِ اليَمينِ على المُستَحيلِ عادةً؛ على قولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: تَنعقِدُ اليَمينُ على المُستحيلِ عادةً، ويحنَثُ في الحالِ، وهو باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّةِ [75]   من أمثلةِ المستحيلِ عادةً عند الحنفيَّةِ: أن يحلِفَ لَيَصعَدَنَّ السَّماءَ، أو لَيَقلِبنَّ الحَجَرَ ذَهَبًا. ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/135)، ((البناية شرح الهداية)) للعَيْني (6/192). ، والمالِكيَّةِ [76]   من أمثلةِ المستحيلِ عادةً عند المالكيَّةِ: أن يحلِفَ لَيَصعَدَنَّ السَّماءَ، أو لَيشرَبَنَّ البَحرَ. ((الشرح الكبير وحاشية الدسوقي)) (2/126)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/3). ، والشَّافِعيَّةِ [77]   مِن أمثلةِ المستحيلِ عادةً عند الشَّافعيَّةِ، ويسمَّى عندهم ممتَنِعَ البِرِّ: أن يحلِفَ لَيقتُلَنَّ زيدًا الميِّتَ، أو لَيصعدَنَّ السَّماءَ، أو لَيشرَبنَّ من الكوزِ الفارغِ. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/3). ويُنظر: ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (5/190). ، والحَنابِلةِ [78]   فرَّق الحنابلةُ بين النفيِ والإثباتِ؛ فمَن حَلف نافيًا على المستحيلِ عادةً أو حقيقةً، كان من اللَّغوِ، ومَن حَلف مثبِتًا على المستحيلِ عادةً أو حقيقةً، كان يمينًا يُكَفَّرُ في الحالِ، مِثلُ: واللهِ لَيَشربَنَّ ماءَ الكوزِ، ولا ماءَ فيه. ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/333)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6 /236)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/368).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّها يمينٌ مَيؤوسٌ منها؛ فأشبَهَت المُنعَقِدةَ [79]   ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6 /236).
ثانيًا: لِهَتكِه حُرمةَ الاسمِ [80]   ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/3).
القَولُ الثَّاني: لا تَنعقِدُ اليَمينُ على المُستَحيلِ عادةً، وهو قَولُ زُفَرَ مِن الحَنفيَّةِ [81]   ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبي)) (3/135)، ((البناية شرح الهداية)) للعَيْني (6/192). ، ووَجهٌ للحَنابِلةِ [82]   ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/231). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمين [83]   قال ابنُ عُثَيمين: (الشرطُ الثالثُ: أن تكونَ على أمرٍ مُمكِنٍ، فإن كان غيرَ ممكنٍ لم تنعقِدْ، والممكِنُ ضِدُّه المستحيلُ، والمستحيلُ تارةً يكونُ مُستحيلًا لذاتِه، وتارة يكونُ مُستحيلًا عادةً، وكلاهما على حَدٍّ سواءٍ؛ فإذا أقسَمَ على شيءٍ مُستحيلٍ، فإنَّ يمينَه غيرُ مُنعقِدةٍ؛ فلا كفَّارةَ عليه، سواءٌ حَلَف على فِعلِه أم على تركِه). ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (15/128).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه مُستحيلٌ عادةً؛ فأشبَهَ المُستحيلَ حقيقةً [84]   ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/135).
ثانيًا: لأنَّه لو كان مُنعَقِدًا لَما حَنِث في الحالِ، ولحَنِثَ عند تحقُّقِ اليأسِ [85]   ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/135).
ثالثًا: لأنَّه لن يكونَ، فبِحَلِفِه يتأكَّدُ عَدَمُ وُجودِه [86]   ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) لابن عُثَيمين (15/128).

انظر أيضا: