الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الثَّاني: التَّسوِيةُ بين الزَّوجاتِ في ميلِ القَلبِ والجِماعِ


لا يجِبُ على الرَّجُلِ التَّسويةُ بينَ زَوجاتِه في مَيلِ القَلبِ والجِماعِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1145]   ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/251)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/202). ، والمالِكيَّةِ [1146]   ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/339)، ((منح الجليل)) لعليش (3/535). ، والشَّافِعيَّةِ [1147]   عند الشَّافِعيَّةِ: يُستحَبُّ العَدلُ فيه. ((روضة الطالبين)) للنووي (7/345)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/251). ، والحَنابِلةِ [1148]   نصَّ الحَنابِلةُ على أنَّ العدلَ فيه أحسَنُ وأَولى. ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/200)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/52)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/273،274). ، ونُقِلَ الإجماعُ على عَدَمِ وجوبِ التَّسويةِ في الجِماعِ [1149]   قال ابنُ قدامة: (لا نعلَمُ خِلافًا بين أهلِ العِلمِ في أنَّه لا تجِبُ التَّسويةُ بين النِّساءِ في الجِماعِ). ((المغني)) (7/308). وقال قاضي صفد: (لا تجِبُ التَّسويةُ في الجِماعِ بالإجماعِ). ((رحمة الأمة)) (ص: 224). وقال الكمال ابن الهمام: (الوَطآتُ والقُبُلات والتَّسويةُ فيهما غيرُ لازمةٍ إجماعًا). ((فتح القدير)) (3/432). وقال: (التَّسويةُ المُستحَقَّةُ في البيتوتةِ لا في المجامَعةِ؛ لأنَّها تَبتني على النَّشاطِ، ولا خلافَ فيه). ((فتح القدير)) (3/434). وقال ابن نجيم: (الوَطآتُ والقُبُلات والتَّسويةُ فيهما غيرُ لازمةٍ إجماعًا). ((البحر الرائق)) (3/234). وقال ابن عابدين: (ممَّا يجِبُ على الأزواجِ للنِّساءِ العَدلُ، والتَّسويةُ بينهنَّ فيما يملِكُه، والبيتوتةُ عندهما... لا في المجامَعةِ؛ لأنَّها تَبتني على النَّشاطِ، ولا خِلافَ فيه). ((حاشية ابن عابدين)) (3/202).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء: 129]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا العَدلَ الذي ذكَرَ تعالى هنا أنَّه لا يُستطاعُ: هو العَدلُ في المحبَّةِ والميلِ الطبيعيِّ، بخلاف العَدلِ في الحُقوقِ الشَّرعيَّةِ؛ فإنَّه مُستطاعٌ [1150]   ((تفسير البغوي)) (2/295)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/317).
ثانيًا: أنَّ الميلَ الطبيعيَّ بمَحبَّةِ بَعضِهنَّ أكثَرَ مِن بَعضٍ: غيرُ مُستطاعٍ دَفعُه، وليس تحت قُدرةِ البشَرِ؛ لأنَّه انفِعالٌ وتأثُّرٌ نَفسانيٌّ، لا فِعلٌ [1151]   ((أضواء البيان)) للشنقيطي(3/22) و (1/317).
ثالثًا: لأنَّ الجِماعَ طَريقُه الشَّهوةُ والمَيلُ، ولا سَبيلَ إلى التَّسويةِ بينهنَّ في ذلك؛ فإنَّ قَلبَه قد يَميلُ إلى إحداهما دونَ الأخرى [1152]   ((المغني)) لابن قدامة (7/308).
رابعًا: لأنَّ العَدلَ يكونُ فيما يَملِكُه الزَّوجُ، والمَيلُ القلبيُّ والجِماعُ مِمَّا لا يَملِكُه [1153]   ((حاشية ابن عابدين)) (3/202).

انظر أيضا: