الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ السَّابِعُ: النَّفَقةُ لامرأةِ الغائِبِ


تجِبُ النَّفَقةُ للمَرأةِ وإن كان زَوجُها غائِبًا عنها.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال اللهُ تبارك وتعالى: قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ الأحزاب: 50.
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ دَليلٌ على وُجوبِ النَّفَقةِ على الزَّوجاتِ، ويَستوي فيه الحاضِرُ والغائِبُ [940]     ((تفسير الإمام الشافعي)) (3/1212).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الإمامُ الشَّافعيُّ [941]     قال الشافعي: (جعل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الزَّوجِ نَفَقةَ امرأتِه، وحَكَم اللهُ عَزَّ وجَلَّ بين الزَّوجَينِ أحكامًا، منها: اللِّعانُ، والظِّهارُ، والإيلاءُ، ووقوعُ الطَّلاقِ... فلم يختَلِفِ المسلِمونَ -فيما عَلِمْتُه- في أنَّ ذلك لكُلِّ زَوجةٍ على كُلِّ زَوجٍ غائبٍ وحاضِرٍ). ((الأم)) (5/255). ، وابنُ المُنذِرِ [942]     قال ابنُ المنذر: (نَفَقةُ الزَّوجةِ واجِبةٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ والاتِّفاقِ، ولا يزولُ ما وَجَب بالحُجَجِ التي ذكَرْناها إلَّا بسُنَّةٍ أو اتِّفاقٍ، ولا نعلَمُ شيئًا يدُلُّ على سُقوطِ نَفَقةِ الزَّوجةِ إلَّا النَّاشِزَ المُمتَنِعةَ؛ فنَفَقةُ الزَّوجةِ واجِبةٌ على الزَّوجِ غائبًا كان الزَّوجُ أو حاضِرًا). ((الإشراف)) (5/160). ، وشَيخي زادَه [943]     قال شَيخي زادَه: («تجِبُ النَّفَقةُ والكِسْوةُ»... «للزَّوجةِ على زَوجِها» سواءٌ كان فقيرًا أو غنيًّا، حاضِرًا أو غائبًا؛ ثبت ذلك بالكتابِ والسُّنَّة والإجماعِ). ((مجمع الأنهر)) (1/485). ، والحطَّابُ [944]     قال الحطاب: (لم يختَلِفوا أنَّ من غاب عن امرأتِه قبل الدُّخولِ غَيبةً بَعيدةً: أنَّه يُحكَمُ لها بالنَّفَقةِ في مالِه). ((مواهب الجليل)) (5/543). ، والدُّسوقيُّ [945]     قال الدسوقي: (نَفَقةُ الأبَوَينِ والأولادِ، كنَفَقةِ الزَّوجةِ؛ مِن جِهةِ فَرضِها في مالِ الغائِبِ وودَيعتِه ودَينِه، باتِّفاقٍ). ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/520).
ثالثًا: مِنَ الآثارِ
عن ابنِ عُمَرَ: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنه كتَبَ إلى أُمراءِ الأجنادِ في رجالٍ غابوا عن نسائِهم، يأمُرُهم أن يأخُذوهم أن يُنفِقوا أو يُطَلِّقوا، فإنْ طَلَّقوا بَعَثوا بنَفَقةِ ما حَبَسوا ) [946]     أخرجه الشافعي في ((الأم)) (6/236)، والبيهقي (16124). ذكر ثبوتَه الشافعي في ((الأم)) (5/339)، وجوَّد إسنادَه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/243).
رابعًا: لأنَّها استحَقَّت النَّفَقةَ بالتَّمكينِ، ولم يُوجَدْ منها ما يُسقِطُه [947]     ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/230).

انظر أيضا: