الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّالث: المُكث في المسجد


يحرُم على الجنُب المُكثُ في المسجِدِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/56)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (1/165). ، والمالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (1/131)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/137) ((الذخيرة)) للقرافي (1/314). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/160)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/85). ، والحنابلة استثنى الحنابلةُ ما إذا توضَّأ الجُنُب؛ فيجوز له المُكثُ في المسجِدِ. ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/82)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/148)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/107).  قال ابن تيميَّة: (ليس للجُنُبِ أن يلبَث في المسجِدِ، لكن إذا توضَّأ جاز له اللُّبثُ فيه، عند أحمد وغيره، واستدلَّ بما ذَكَره بإسناده، عن هشام بن سعد: أنَّ أصحابَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يتوضَّؤون وهم جُنُب، ثمَّ يجلسونَ في المسجِدِ ويتحدَّثونَ). ((الفتاوى الكبرى)) (2/148، 149).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43]
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الجُنُب لا يجوزُ له قِربانُ محلِّ الصَّلاةِ، وهي المساجِدُ، إلَّا مرورًا فقط من غيرِ مُكثٍ ((تفسير ابن كثير)) (2/308)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (79/237)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (7/344).
ثانيًا: أنَّ المساجِدَ بيوتُ الله عزَّ وجلَّ، ومحلُّ ذِكرِه، وعبادَتِه، ومأوًى لملائكَتِه، وإذا كان آكِلُ البَصَلِ والأشياءِ المكروهةِ ممنوعًا من البقاءِ في المسجد، فالجُنُب الذي تحرُمُ عليه الصَّلاةُ مِن باب أوْلى ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/351).
فرع: عُبورُ المسجد
يجوز للجُنُب عُبورُ المسجِدِ؛ وهو مذهب الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/156)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/455). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/244)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/148). ، وبه قالت طائفةٌ مِن السَّلف قال ابن قدامة: (وممَّن نُقلت عنه الرُّخصةُ في العبور: ابنُ مسعود، وابن عبَّاس، وابن المسيَّب، وابن جُبير، والحسن ومالك، والشافعيُّ). ((المغني)) (1/107). قال ابن المُنذِر: (رخَّص بعضُهم أن يمرَّ في المسجِدِ؛ فممَّن رخَّص للجنُبِ أن يمرَّ فيه: ابنُ عبَّاس، وابن مسعود، وابن المسيَّب، والحسن، وابن جبير). ((الأوسط)) (2/229). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (يحرُم عليه اللُّبثُ في المسجد بغير وضوءٍ، فأمَّا العبورُ فيه، فلا بأس). ((شرح عمدة الفقه لابن تيميَّة- من كتاب الطهارة والحج)) (1/388). , وابنُ باز قال ابن باز: (أمَّا المرورُ والعُبورُ، فلا بأسَ؛ للحاجةِ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/220). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (فإنْ عبَر المسجِدَ، فلا بأس به). ((الشرح الممتع)) (1/351). وقال أيضًا: (فلا يحلُّ للمَرءِ أن يبقى في المسجد ويمكثَ فيه وهو جُنبٌ، إلَّا أن يكون عابرَ سبيلٍ؛ أي: إلَّا إذا كان مارًّا بالمسجِدِ؛ فإنَّ ذلك لا بأسَ به، مثل أن يدخُلَ المسجدَ وهو على جَنابةٍ؛ ليأخذَ كتابًا له في المسجِدِ، أو ليعبُرَ من بابٍ إلى باب، أو ما أشبَهَ ذلك). ((فتاوى نور على الدرب للعثيمين)).
الدليلُ مِن الكتابِ:
قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43]
وجه الدَّلالة:
أنَّه استثنى عابِرَ السَّبيلِ مِن نهي الجُنُبِ عن قِربانِ مواضِعِ الصَّلاة، والاستثناءُ من المنهيِّ عنه إباحةٌ ((المغني)) لابن قدامة (1/107).

انظر أيضا: