الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: إحدادُ المُطَلَّقةِ البائِنِ


لا يجِبُ الإحدادُ على المُطَلَّقةِ البائِنِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [451]     ((التاج والإكليل)) للمواق (4/154)، ((كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي)) (2/124). ، والشَّافِعيَّةِ [452]     عند الشَّافِعيَّةِ: يُستحَبُّ الإحدادُ للمُطَلَّقةِ البائِنِ. ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 256)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/398). ، والحَنابِلةِ [453]     ((الإنصاف)) للمرداوي (9/221،222)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/428). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [454]     قال ابنُ قدامة: (... الثانية: لا يجِبُ عليها. وهو قولُ عطاء، وربيعة، ومالك، وابن المنذر). ((المغني)) (8/164). ، وحُكِيَ الإجماعُ على جوازِه [455]     قال ابنُ قدامة: (فأمَّا الحديثُ فإنَّما مدلولُه تحريمُ الإحدادِ على مَيِّتٍ غيرِ الزَّوجِ، ونحن نقولُ به؛ ولهذا جاز الإحدادُ هاهنا بالإجماعِ). ((المغني)) (8/164). وقال ابنُ مفلح: (لهذا جاز الإحدادُ من هنا بالإجماعِ، لكن لا يُسَنُّ). ((المبدع)) (8/124). وقال المرداوي: (حيثُ قلنا لا يجِبُ الإحدادُ فإنَّه يجوزُ إجماعًا، لكِنْ لا يُسَنُّ). ((الإنصاف)) (9/222).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن زَينبَ بنتِ أبي سَلَمةَ أخبَرَتْه، قالت: ((دخَلْتُ على أمِّ حَبيبةَ زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ تُحِدُّ على مَيِّتٍ فوقَ ثلاثٍ إلَّا على زَوجٍ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا )) [456]     أخرجه البخاري (1281)، ومسلم (1486).
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ فيه دَلالةٌ على أنَّ الإحدادَ إنَّما يجِبُ في عِدَّةِ الوَفاةِ لا في غَيرِها [457]     ((المغني)) لابن قدامة (8/164).
ثانيًا: لأنَّها مُعتَدَّةٌ عن غَيرِ وَفاةٍ، فلم يجِبْ عليها الإحدادُ؛ كالرَّجعيَّةِ، والموطوءةِ بشُبهةٍ [458]     ((المغني)) لابن قدامة (8/164).
ثالثًا: لأنَّ الإحدادَ في عِدَّةِ الوَفاةِ لإظهارِ الأَسَفِ على فِراقِ زَوجِها ومَوتِه، فأمَّا الطَّلاقُ فإنَّه فارَقَها باختيارِ نَفسِه، وقَطَع نِكاحَها؛ فلا مَعنى لِتَكليفِها الحُزنَ عليه [459]     ((المغني)) لابن قدامة (8/164)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/429).
رابِعًا: لأنَّ المُتوَفَّى عنها لو أتَت بوَلَدٍ لَحِقَ الزَّوجَ، وليس له مَن يَنفِيه؛ فاحتِيطَ عليها بالإحدادِ؛ لئلَّا يَلحَقَ بالميِّتِ مَن ليس منه، بخِلافِ المُطَلَّقةِ؛ فإنَّ زَوجَها باقٍ، فهو يَحتاطُ عليها بنَفسِه، ويَنفي ولَدَها إذا كان مِن غَيرِه [460]     ((المغني)) لابن قدامة (8/164)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/429).

انظر أيضا: