الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: خروج المنيِّ يقظةً


الفرع الأوَّل: خروج المنيِّ في اليقظة دفقًا بلذَّة 
إذا خرج المنيُّ في اليقظةِ دفقًا بلذَّة، فإنَّ الغُسلَ واجِبٌ اشترط الحنابلةُ وأبو يوسف من الحنفيَّة أن يكون دفقًا؛ لموافقة قوله تعالى: خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ **الطارق: 6**، ورأى الآخَرون أنَّه يُغني عنه اشتراطُ اللَّذَّة؛ لأنَّه لا يكون بلذَّة إلَّا إذا كان دفقًا. ((حاشية ابن عابدين)) (1/160)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/139)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/334). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة قال السَّرخسيُّ: (المعتبَر عند أبي حنيفة ومحمَّد- رحمهما الله تعالى- مفارقةُ المنيِّ عن مكانه على وجه الشَّهوة والدَّفق، وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى، المعتبَر ظُهوره) ((المبسوط)) (1/120)، ((الهداية)) للمرغيناني (1/16). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/445)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/47)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 23). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/227)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/146).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6]
وجه الدَّلالة:
أنَّ الجُنُبَ هو الذي خرج منه المنيُّ دفقًا بلذَّةٍ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/333).  
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا فَضختَ الماءَ فاغتسِلْ )) رواه أبو داود (206)، والنسائي (193)، وأحمد (1/109) (868) صحَّحه النووي في ((المجموع)) (2/143)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (2/161)، وصححه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (206)
وجه الدَّلالة:
أنَّ الفَضخَ هو خروجُ المنيِّ دفقًا ((لسان العرب)) لابن منظور (3/46)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (12/87).
الفرع الثَّاني: خروجُ بقيَّة المنيِّ بعد الغُسلِ
إذا خرَجت بقيَّة المنيِّ بعد الاغتسالِ، فلا يجِبُ إعادةُ الغُسل، وإنَّما يجِبُ الوضوءُ فقط، وهو مذهَبُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/445)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/219). ، والحنابلةِ على المشهورِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/141)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/147)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/201). ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلَف قال ابنُ المُنذِر: (رُوي هذا القول عن عليٍّ، وابن عبَّاس، وعطاء...، وبه قال الزهريُّ، ومالك، واللَّيث، وسفيان، وأحمد، وإسحاق، وقال ابنُ جبير: لا غُسلَ إلَّا عن شهوةٍ، وقال الحَكم وحمَّاد: يَغسِلُ ذَكَره). ((الأوسط)) (2/234). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (منيُّ الرَّجلِ إذا خرج من فرْجِ المرأةِ بعد اغتسالها، أو خرَجت من الرَّجُلِ بقيَّة المنيِّ، وجَب الوضوءُ دون الغُسل). ((شرح عمدة الفقه لابن تيميَّة- من كتاب الطهارة والحج)) (728) (1/293). , وابنُ باز سُئل ابن باز: عن رجلٍ خرج منه المنيُّ بعد الاغتسالِ؛ هل يُعيدُ الاغتسالَ؟ علمًا بأنَّ المنيَّ بقيَّة المنيِّ الذي قبل الاغتسالِ. فأجاب: (ليس عليه إعادةُ الغُسل، وإنَّما عليه إعادةُ الاستنجاءِ والوضوءِ؛ لأنَّ خروجَ المنيِّ بدونِ شَهوةٍ مصاحِبةٍ لخروجه لا يوجِبُ الغُسلَ، وإنَّما يوجِبُ الاستنجاءَ والوضوءَ، كالبَولِ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/188). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عُثيمين: (الذي يخرُج بعد الغُسلِ، إذا لم يكن هناك شهوةٌ جديدةٌ أوجبت خروجَه، فإنَّه بقيَّةُ ما كان من الجَنابةِ الأولى، فلا يجب الغُسل منه، وإنَّما عليه أن يَغسِلَه ويَغسِلَ ما أصابه ويُعيدَ الوضوءَ فقط) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/221-222).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا فضختَ الماءَ فاغتسلْ )) رواه أبو داود (206)، والنسائي (193)، وأحمد (1/109) (868) صحَّحه النووي في ((المجموع)) (2/143)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (2/161)، وصححه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (206)
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الفَضخَ هو خروجُ المنيِّ بالغَلَبة، وإذا تكرَّر خروجُ المنيِّ بدونِ شَهوةٍ توجِبُ خروجَه، فإنَّه يخرُجُ بغيرِ غَلَبةٍ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/139).
ثانيًا: أنَّه خارِجٌ لغيرِ شَهوةٍ، والجَنابة لا تتحقَّقُ بخروجِ المنيِّ لغير شَهوةٍ ((شرح العمدة)) لابن تيميَّة (1/355)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/142).
ثالثًا: أنَّ المنيَّ المتكرِّر إنَّما هو منيٌّ واحدٌ خرَج على دَفعتينِ أو أكثر، فلا يوجِبُ أكثرَ من غُسلٍ، كما لو خرج دَفعةً واحدةً ((شرح العمدة)) لابن تيميَّة (1/355)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/142).

انظر أيضا: