الموسوعة الفقهية

المطلبُ الثَّاني: حُكمُ الصَّداقِ في الرَّجعةِ


ليس للمُطَلَّقةِ الرَّجعيَّةِ صَداقٌ إذا راجَعَها الزَّوجُ في وَقتِ عِدَّتِها [2095]   والإجماعُ مُنعقِدٌ على أنَّها لو أنهت عِدَّتَها فهو خاطِبٌ مِن الخُطَّابِ بَعقدٍ ومَهرٍ وشُهودٍ. قال ابنُ المنذر: (أجمع أهلُ العِلمِ على أنَّ مَن طلَّق زوجتَه طلقةً واحدةً، وهي طاهِرٌ مِن حيضةٍ لم يكُنْ طَلَّقها فيها، ولم يكُنْ جامَعَها في ذلك الطُّهرِ: أنَّه مُصيبٌ للسُّنَّةِ، وأنَّ له الرَّجعةَ إذا كانت مدخولًا بها ما لم تَنقَضِ العِدَّةُ، فإذا انقَضَت عِدَّتُها فهو خاطِبٌ مِن الخُطَّابِ). ((الأوسط)) (9/138).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 228]
وَجهُ الدَّلالةِ:
بيَّن سُبحانَه أنَّ المرأةَ في العِدَّةِ زَوجةٌ، وليس للزَّوجةِ مَهرٌ على مَهرِها الأوَّلِ [2096]   ((التفسير البسيط)) للواحدي (4/219)، ((فتح القدير)) للشوكاني (1/271).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ [2097]   قال ابنُ المنذر: (أجمعوا أنَّ الرَّجعةَ بغيرِ مَهرٍ ولا عِوَضٍ). ((الإجماع)) (ص: 127). ، وابنُ حَزمٍ [2098]   قال ابنُ حزم: (اتَّفقوا أنَّ من طلَّق امرأتَه التي نكحها نكاحًا صَحيحًا طلاقَ سُنَّةٍ، وهي ممَّن يلزَمُها عِدَّةٌ من ذلك، فطَلَّقها مرَّةً، أو مرةً بعد مرةٍ: فله مراجعتُها شاءت أو أبت، بلا وليٍّ ولا صَداقٍ ما دامت في العِدَّةِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 75). ، وابنُ قُدامةَ [2099]   قال ابنُ قدامة: (الرَّجعةَ لا تفتَقِرُ إلى وليٍّ، ولا صَداقٍ، ولا رِضا المرأةِ، ولا عِلْمِها: بإجماعِ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (7/522). ، والزَّركشي [2100]   قال الزركشي: (صَرَّح الخرقي -رحمه الله- بأنَّه لا يُشتَرَطُ في الرَّجعة وليٌّ ولا صَداقٌ، وهو إجماعٌ). ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (5/452). ، والبُهوتي [2101]   قال البهوتي: («وليس مِن شَرطِها» أي: الرَّجعةِ «الإشهادُ» عليها؛ لأنَّها لا تفتقِرُ إلى قَبولٍ كسائر حقوقِ الزَّوجِ، وكذا لا تفتقِرُ إلى وَليٍّ ولا صَداقٍ ولا رضا المرأة -كما مَرَّ- ولا عِلمِها: إجماعًا). ((شرح منتهى الإرادات)) (3/148). ، والرحيباني [2102]   قال الرحيباني: (وكذا لا تفتقِرُ إلى وَليٍّ ولا صَداقٍ ولا رضا المرأةِ -كما مَرَّ- ولا عِلمِها: إجماعًا). ((مطالب أولي النهى)) (5/478).
ثالثًا: لأنَّ الرَّجعةَ إمساكٌ؛ فلا يَلزَمُ منها صَداقٌ [2103]   ((المغني)) لابن قدامة (7/522)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/148).

انظر أيضا: