الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الخامس: الفُرقةُ بسَبَبِ اللِّعانِ


إذا وقَعَت الفُرقةُ باللِّعانِ يجِبُ الصَّداقُ كامِلًا على المُلاعِنِ بعد دُخولِه.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال للمتُلاعِنَينِ: ((حِسابُكما على اللهِ، أحَدُكما كاذِبٌ، لا سبيلَ لك عليها. قال: يا رسولَ الله، مالي؟ قال: لا مالَ لك؛ إنْ كنتَ صَدَقْتَ عليها فهو بما استحلَلْتَ مِن فَرجِها، وإنْ كُنتَ كَذَبْتَ عليها فذاك أبعَدُ وأبعَدُ لك منها )) [2055]   أخرجه البخاري (5350) واللفظ له، ومسلم (1493).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((لا مالَ لك؛ إن كنتَ صَدَقْتَ عليها فهو بما استحلَلْتَ مِن فَرجِها)) دليلٌ على أنَّ الملاعِنةَ المدخولَ بها تستَحِقُّ المهرَ المُسمَّى كامِلًا [2056]   ((الأوسط)) لابن المنذر (9/452)، ((معالم السنن)) للخطابي (3/271)، ((الشافي في شرح مسند الشافعي)) لابن الأثير (5/38).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك: النَّوويُّ [2057]   ((شرح النووي على مسلم)) (10/126). ، وابنُ تَيميَّةَ [2058]   قال ابنُ تَيميَّةَ: (صَداقُها باقٍ عليه لا يَسقُطُ باللِّعانِ، كما سَنَّ ذلك رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا كلُّه باتِّفاقِ الأئمَّةِ). ((مجموع الفتاوى)) (34/184). ، والشَّوكانيُّ [2059]   ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/322). ونَقَل الإجماعَ على أنَّ الصَّداقَ يجِبُ بالدُّخولِ: الماوَرديُّ [2060]   ((الحاوي الكبير)) للماوردي (9/540). ، والكاساني [2061]   قال الكاساني: (المهرُ يتأكَّدُ بأحدِ معانٍ ثلاثةٍ: الدُّخولِ، والخَلوةِ الصَّحيحةِ، وموتِ أحَدِ الزَّوجَينِ... أمَّا التأكُّدُ بالدُّخولِ فمُتَّفَقٌ عليه). ((بدائع الصنائع)) (2/291). ، وابنُ رشدٍ [2062]   قال ابنُ رشد: (اتَّفق العُلَماءُ على أنَّ الصَّداقَ يجِبُ كُلُّه بالدُّخولِ أو الموتِ). ((بداية المجتهد)) (3/48). ، وابنُ جُزي [2063]   قال ابنُ جُزي: (يجِبُ جميعُه [أي: الصَّداقُ] بالدُّخولِ أو بالموتِ، اتِّفاقًا). ((القوانين الفقهية)) (ص: 58). ، وابنُ حجرٍ [2064]   قال ابنُ حجر: (قد انعقد الإجماعُ على أنَّ المدخولَ بها تستحِقُّ جميعَه). ((فتح الباري)) (9/456). ، والعينيُّ [2065]   قال العيني: (انعقد الإجماعُ على أنَّ المدخولَ بها تستَحِقُّ جميعَ الصَّداقِ). ((عمدة القاري)) (20/300).
ثالثًا: لأنَّ المهرَ يجِبُ بالعقدِ، ويستَقِرُّ بالدُّخولِ؛ فلا يَسقُطُ بحادثٍ بعدَه [2066]   ((المغني)) لابن قدامة (7/585).

انظر أيضا: