الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: انقِضاءُ عِدَّةِ مَن طُلِّقَت طَلقةً أو طَلقتَينِ


إذا خرَجَت المرأةُ مِن عِدَّةِ الطَّلقةِ أو الطَّلقَتَينِ، فلا تحِلُّ لِزَوجِها إلَّا بعَقدٍ جَديدٍ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ  [البقرة: 228، 229]
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ  [البقرة: 231]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن الحَسَنِ: ((أنَّ مَعقِلَ بنَ يَسارٍ كانت أختُه تحتَ رَجُلٍ فطَلَّقَها، ثمَّ خَلَّى عنها حتى انقَضَت عِدَّتُها، ثمَّ خَطَبَها، فحَمِيَ مَعقِلٌ مِن ذلك أنَفًا، فقال: خلَّى عنها وهو يَقدِرُ عليها، ثمَّ يَخطُبُها! فحال بينه وبينها، فأنزل الله: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ [البقرة: 232] إلى آخِرِ الآيةِ، فدعاه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقرَأَ عليه، فتَرَك الحَمِيَّةَ واستقاد لأمرِ اللهِ )) [1944]   أخرجه البخاري (5331).
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذِرِ [1945]   قال ابنُ المنذر: (أجمع أهلُ العِلمِ على أنَّ مَن طَلَّق زَوجتَه طَلقةً واحِدةً، وهي طاهِرٌ مِن حَيضةٍ لم يكُنْ طَلَّقَها فيها، ولم يكُنْ جامَعَها في ذلك الطُّهرِ: أنَّه مُصيبٌ للسُّنَّةِ، وأنَّ له الرَّجعةَ إذا كانت مَدخولًا بها ما لم تَنقَضِ العِدَّةُ، فإذا انقَضَت عِدَّتُها فهو خاطِبٌ من الخُطَّابِ). ((الأوسط)) (9/138). ، والقُرطبيُّ [1946]   قال القرطبي: (أجمع العُلَماءُ على أنَّ الحُرَّ إذا طَلَّق زَوجتَه الحُرَّةَ -وكانت مدخولًا بها- تطليقةً أو تطليقتينِ: أنَّه أحَقُّ برَجعتِها ما لم تَنقَضِ عِدَّتُها وإن كَرِهَت المرأةُ، فإنْ لم يُراجِعْها المطَلِّقُ حتى انقَضَت عِدَّتُها فهي أحَقُّ بنَفسِها وتصيرُ أجنبيَّةً منه، لا تحِلُّ له إلَّا بخِطبةٍ ونكاحٍ مُستأنَفٍ بوَليٍّ وإشهادٍ، ليس على سُنَّةِ المراجَعةِ، وهذا إجماعٌ مِن العُلَماءِ). ((تفسير القرطبي)) (3/120). ، وابنُ تَيميَّةَ [1947]   قال ابنُ تَيميَّةَ: (الطَّلاقُ ثلاثةُ أنواعٍ باتِّفاقِ المُسلِمينَ: الطَّلاقُ الرَّجعيُّ: وهو الذي يُمكِنُه أن يَرتَجِعَها فيه بغيرِ اختيارِها، وإذا مات أحدُهما في العِدَّةِ وَرِثَه الآخَرُ. والطَّلاقُ البائِنُ: وهو ما يبقى به خاطِبًا مِنَ الخُطَّابِ، لا تُباحُ له إلَّا بعَقدٍ جَديدٍ...). ((الفتاوى الكبرى)) (3/278). ، وابنُ حَجرٍ [1948]   قال ابنُ حجر: (أجمعوا على أنَّ الحُرَّ إذا طَلَّق الحُرَّةَ بعد الدُّخولِ بها تطليقةً أو تطليقتَينِ: فهو أحَقُّ برَجعتِها ولو كَرِهَت المرأةُ ذلك، فإنْ لم يراجِعْ حتى انقَضَت العِدَّةُ فتصيرُ أجنبيَّةً فلا تحِلُّ له إلَّا بنِكاحٍ مُستأنَفٍ). ((فتح الباري)) (9/483).

انظر أيضا: