الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الأوَّلُ: حكم استِعمالِ المَعازِفِ في الأعراسِ


يَحرُمُ استِعمالُ المعازِفِ إلَّا ما استَثناه الشَّرعُ، كالدُّفِّ [1387]   سيأتي الحديثُ عنه مفصَّلًا (ص: 265). وقد اشتَهَر بين النَّاسِ -وخاصَّةً في أوساطِ النِّساءِ- استِخدامُ آلةِ (الدي جي) (D. J) وهي اختصارٌ للكلمة الإنجليزية (دِيْسْكْ جُوكِيْ) (Disc Jockey‏) وهي آلة كغيرها من آلات مكبِّراتِ الصوت وتفخيمِه، إن استُخدِمَت في الإنشاد الخالي من المحرَّمات -كالمعازف، وكَلِمات الفُحشِ والمجونِ، والألحانِ الشبيهة بالغناء المحرَّم، وما فيه تشبُّهٌ بالغربِ- فلها حكمُ الإنشاد الجائز، وإلَّا فحُكمُها كحُكمِ الغناءِ المحَرَّم. في العُرسِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1388]   ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/88). ، والمالِكيَّةِ [1389]   المالكيَّةُ لهم تفصيل في أنواع الدُّف والطَّبْل. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/248)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/433)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/339). ، والشَّافِعيَّةِ [1390]   ((روضة الطالبين)) للنووي (11/228)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/429). ، والحَنابِلةِ [1391]   ((الإقناع)) للحجاوي (3/238)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/183).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قَولُه تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [لقمان:6]
وَجهُ الدَّلالةِ:
وقد فُسِّر لهوُ الحديثِ بأنَّه الغِناءُ أو المزاميرُ والمعازِفُ [1392]   ((تفسير الطبري)) (18/539)، ((تفسير ابن أبي حاتم)) (9/3096)، ((تفسير السمعاني)) (4/226)، ((تفسير ابن كثير)) (6/330)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (20/256).
2- قَولُه تعالى: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ [الإسراء: 64]
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه تعالى: بِصَوْتِكَ فسَّر ابنُ عبَّاسٍ -رَضِيَ الله عنهما- صوتَ الشَّيطانِ بكُلِّ داعٍ إلى مَعصيةِ اللهِ [1393]   ((تفسير الطبري)) (17/491)، ((تفسير ابن كثير)) (5/93). ، والمزاميرُ والملاهي داخِلةٌ في معنى صوتِ الشَّيطانِ.
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّه قال: سَمِعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((لَيَكونَنَّ من أمَّتى أقوامٌ يَستَحِلُّونَ الحِرَ، والحَريرَ، والخَمرَ، والمعازِفَ، ولَينزِلَنَّ أقوامٌ إلى جَنبِ عَلَمٍ يروحُ عليهم بسارحةٍ لهم، يأتيهم لحاجةٍ، فيقولوا: ارجِعْ إلينا غدًا، فيُبَيِّتُهم اللهُ، ويَضَعُ العَلَمَ، ويَمسَخُ آخرينَ قِرَدةً وخنازيرَ إلى يومِ القيامةِ )) [1394]   أخرجه البخاري مُعلَّقًا (5590) واللفظ له، وأخرجه موصولًا أبو داود (4039) مختصرًا. صحَّحه ابن القيم في ((تهذيب السنن)) (10/153)، وابن رجب في ((نزهة الأسماع)) (2/449)، والعراقي في ((التقييد والإيضاح)) (89)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/79)، وابن حجر في ((تغليق التعليق)) (5/17)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (21/152)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4039).
أوجُهُ الدَّلالةِ:
1- قَولُه: ((يَسْتَحِلُّونَ...)) بمعنى: يجعَلونَ الحرامَ حلالًا [1395]   ((سبل السلام)) (1/465). ويُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (11/535)، ((الكلام على مسألة السماع)) لابن القيم (1/221).
2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكَرَ الذين يَستَحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخَمرَ والمعازِفَ على وَجهِ الذَّمِّ لهم، وأنَّ اللهَ مُعاقِبُهم؛ فدَلَّ على تحريمِ المعازِفِ [1396]   ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (11/535).

انظر أيضا: