الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الأوَّلُ: حُكمُ النِّكاحِ إذا أسلَمَت الزَّوجةُ قبل أن يَدخُلَ بها


إذا أسلمت الزَّوجةُ وهي تحت كافرٍ ولم يدخُلْ بها، فُرِّقَ بينهما ما لم يُسلِمْ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [1059]   ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/404)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/269)، ((منح الجليل)) لعليش (3/364). ، والشَّافِعيَّةِ [1060]   ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/329)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/295). ، والحَنابِلةِ [1061]   ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/119)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/160). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1062]   قال ابن المنذر: (أجمع كلُّ من نحفظ عنه من أهلِ العلمِ على أنَّ الوثنيَّينِ الزوجَينِ إذا أسلم أحدُهما قبل صاحِبِه، ولم يدخُلِ الزَّوجُ بامرأته؛ أنَّ الفرقةَ تقع بينهما). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (5/252). وقال القرطبي: (فإن كانت غيرَ مدخولٍ بها، فلا نعلَمُ اختلافًا في انقِطاعِ العِصمةِ بينهما). ((تفسير القرطبي)) (18/67). وقال المرداوي: (قوله: «وإن أسلَمَت الكتابيَّةُ أو أحَدُ الزوجَين غيرِ الكتابيَّينِ قبل الدخول: انفسَخَ النِّكاحُ» بلا نزاع). ((الإنصاف)) (8/210). لكِنْ مذهبُ الحَنَفيَّة أنَّ الفُرقةَ لا تقع بنَفسِ الإسلامِ، بل يُعرَضُ الإسلامُ عليها أو عليه، فإن أبى أو أبَت فَرَّق القاضي بينهما. قال الكاساني: (إن أسلَمَت المرأةُ لا تقَعُ الفُرقةُ بنفس الإسلامِ عندنا، ولكن يُعرَضُ الإسلامُ على زوجها: فإن أسلم بَقِيَا على النِّكاحِ، وإن أبى الإسلامَ فَرَّق القاضي بينهما؛ لأنه لا يجوزُ أن تكون المُسلِمةُ تحت نكاحِ الكافِرِ؛ ولهذا لم يَجُزْ نكاحُ الكافِرِ المسلمةَ ابتداءً، فكذا في البقاء عليه، وإن كانا مُشرِكينِ أو مجوسيَّينِ فأسلم أحدُهما أيَّهما كان، يُعرَضُ الإسلامُ على الآخَرِ، ولا تقَعُ الفرقةُ بنفسِ الإسلامِ عندنا). ((بدائع الصنائع)) (2/336).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ [الممتحنة: 10]
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ نَصٌّ في حُرمةِ المُسلِمةِ على الكافِرِ، فتَجِبُ الفُرقةُ ويُمنَعُ الاستِئنافُ [1063]   ((تفسير البغوي)) (8/98)، ((تفسير البيضاوي)) (5/206).
ثانيًا: يُفَرَّقُ بينهما حالًا؛ لعَدَمِ تأكُّدِ النِّكاحِ بالدُّخولِ [1064]   ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/191).

انظر أيضا: