الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الثَّالث: نِكاحُ الكُفَّارِ مِن غيرِ أهلِ الكتابِ


يَحرُمُ نِكاحُ النِّساءِ الكافِراتِ [1018]   حكى الباجي في ((المنتقى شرح الموطأ)) (3/329)، والقرطبي  في ((تفسيره)) (6/77)  الإجماعَ على تحريمِ المجوسيَّةِ، وخالفَ في ذلك أبو ثَورٍ والظاهريَّةُ، وقالوا بإباحةِ نكاحِها، ورُوِي ذلك عن حذيفة، وعَدَّها بعضُهم كتابيَّةً. مِن غَيرِ أهلِ الكِتابِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة: 221]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذه الآيةَ عامَّةٌ في كُلِّ النِّساءِ المُشرِكاتِ، وقد خُصَّ منها حرائرُ أهلِ الكتابِ؛ لِقَولِه تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [المائدة: 5] [1019]   قال السعدي: (أي: وَلَا تَنْكِحُوا النِّساءَ الْمُشْرِكَاتِ ما دُمنَ على شِركِهنَّ حَتَّى يُؤْمِنَّ لأنَّ المؤمنةَ ولو بلغت من الدَّمامةِ ما بلغت خيرٌ من المشركة ولو بلَغَت من الحُسنِ ما بلغت، وهذه عامَّةٌ في جميع النساءِ المُشرِكات، وخصَّصَتْها آية المائدة في إباحةِ نساءِ أهلِ الكتابِ، كما قال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ). ((تفسير السعدي)) (ص: 99).
2- قال تعالى: وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ [الممتحنة: 10]
وَجهُ الدَّلالةِ:
نهى اللهُ عن إمساكِ الكافِراتِ، فمَنْعُ نكاحِهنَّ ابتداءً مِن بابِ الأَولى [1020]   ((تفسير السعدي)) (ص: 857).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: الشَّافعيُّ [1021]   قال الشَّافعي: (لا اختلافَ بين أحدٍ مِن أهل العلمِ في تحريمِ الوَثَنياتِ، عفائِفَ كُنَّ أو زوانيَ). ((الأم)) (6/385). ، والماوَرديُّ [1022]   قال الماوردي: (الموضِعُ الذي قال: إنَّهم غيرُ أهلِ الكتاب، يعني: في ألَّا تؤكَلَ ذبائِحُهم ولا تُنكَحَ نِساؤُهم، وهذا قَولُ سائر الصَّحابة والتابعين والفُقهاء... رواه عن سبعةَ عشَرَ صحابيًّا لا يَعرِفُ لهم مخالفًا؛ فصار إجماعًا). ((الحاوي الكبير)) (9/225). ، وابنُ حَزمٍ [1023]   قال ابن حزم: (أمَّا نكاحُ الكافرةِ غيرِ الكتابيَّةِ فلا يخالِفُنا الحاضرون في أنَّه لا يحِلُّ وَطؤُهنَّ بزواجٍ ولا بمِلكٍ يمينٍ). ((المحلى بالآثار)) (9/17). ، وابنُ عبدِ البَرِّ [1024]   قال ابن عبد البر: (أجمعوا أنَّه لا يجوزُ لمُسلمٍ نِكاحُ مجوسية ولا وثنيَّة، ولا خِلافَ بين العلماء في ذلك). ((الاستذكار)) (5/495). ، وابنُ رُشدٍ [1025]   قال ابن رشد: (اتَّفَقوا على أنَّه لا يجوزُ للمُسلِمِ أن ينكِحَ الوثنيَّةَ؛ لِقَولِه تعالى: وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ [الممتحنة: 10] ). ((بداية المجتهد)) (3/67). ، وابنُ قُدامةَ [1026]   قال ابن قدامة: (سائرُ الكُفَّارِ غيرُ أهلِ الكتاب، كمن عبد ما استَحسَن من الأصنامِ والأحجارِ والشَّجَر والحيوانِ، فلا خلافَ بين أهلِ العلمِ في تحريمِ نِسائِهم وذبائِحِهم). ((المغني)) (7/131).

انظر أيضا: