الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثَّاني: من الشُروط الفاسِدة غيرُ المُفسِدة في النكاح: اشتِراطُ الطَّلاقِ بيَدِ المَرأةِ


إذا اشتُرِطَ في عَقدِ النِّكاحِ جَعْلُ الطَّلاقِ بيَدِ المرأةِ، فالشَّرطُ باطِلٌ والنِّكاحُ صَحيحٌ [930]     نصَّ الحَنَفيَّةُ على أنَّ الزَّوجَ إذا نكَحَها على أنَّ أمْرَها بيَدِها صَحَّ، فإذا ابتدأت المرأةُ وقالت: زوَّجتُ نفسي منك على أنَّ أمري بيَدي أُطَلِّقُ نفسي كلَّما شِئتُ، فقال الزَّوجُ: قَبِلْتُ؛ جاز النِّكاحُ، ويكونُ أمرُها بيَدِها. أمَّا لو بدأ الزَّوجُ فقال: تزوَّجتُك على أنَّ أمرَكِ بيَدِكِ، فإنَّه يَصِحُّ النِّكاحُ عندهم ويَبطُلُ الشَّرطُ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (3/329). ، نصَّ على هذا المالِكيَّةُ في المشهورِ [931]     ويُفسَخُ عندهم قبل البناءِ. ((التاج والإكليل)) للمواق (3/444)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/84)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/383). ، وهو قَولُ ابنِ باز [932]     قال ابن باز: (هذا الشرطُ ليس بصحيحٍ، له أن يطَلِّقَها متى شاء، ولا يجوزُ شَرطُ الطَّلاقِ بيَدِها). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (21/47). ، وابنِ عثيمين [933]     سئل ابن عثيمين: ما حُكمُ لو شَرَطت المرأةُ أن تكون العِصمةُ بيَدِها عند عَقدِ النِّكاحِ؟ فأجاب: (لا يصِحُّ هذا الشرطُ، لكن ممكِن أن يكونَ بَلَغها أنَّ أهلَ الزوجِ أهلُ سُوءٍ، فتَشتَرِطُ الخيارَ: إن طاب لها المقامُ وإلَّا فلها الفَسخُ). ((الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين)) (ص: 143). ، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائمةُ [934]     جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (أمَّا جَعلُ الزوج العِصمةَ بيدِ الزوجة بشَرطٍ في العقدِ متى شاءت طلَّقَت نفسها- فهذا الشرطُ باطِلٌ؛ لكَونِه يخالِفُ مقتضى العَقدِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (20/10).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ [الأحزاب: 49]
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه تعالى: ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ أضاف اللهُ الطَّلاقَ للنَّاكِحِ، وهو الزَّوجُ؛ فيكونُ بِيَدِه [935]     ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/490). ، وليس بيَدِ الزَّوجةِ.
ثانيًا: لأنَّ الزَّوجَ هو الذي بيَدِه عُقدةُ النِّكاحِ، فيَجِبُ أن يكونَ هو الذي بيَدِه حَلُّ هذه العُقدةِ [936]     ((فتاوى علماء البلد الحرام)) (ص: 299). ، وليس بيَدِ الزَّوجةِ.
ثالثًا: لأنَّ الزَّوجَ قائِمٌ على المرأةِ، كما قال تعالى : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ...، وإذا كان هو القائِمَ صار الأمرُ بيَدِه [937]     ((فتاوى علماء البلد الحرام)) (ص: 299). وليس بيَدِها.
رابعًا: لأنَّ المرأةَ أسرَعُ عاطِفةً وأقصَرُ نظَرًا، فلم يكُنِ الطَّلاقُ بيَدِها [938]     ((فتاوى علماء البلد الحرام)) (ص: 299).
خامسًا: لكَونِ الشَّرطِ يخالِفُ مُقتضى العَقدِ، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كُلُّ شَرطٍ ليس في كتابِ اللهِ فهو باطِلٌ [939]     ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (20/10).

انظر أيضا: