الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثَّامن: حكم إذا زَوَّجَ المرأة وليَّانِ لرَجُلَينِ


المَسألةُ الأُولى: إذا زوَّجَها وليَّانِ لرجُلَينِ، وعُلِمَ السابقُ منهما
إذا زوَّجَها وليَّانِ لرَجُلَينِ، وعُلِمَ السابقُ منهما؛ صحَّ عَقْدُ الأوَّلِ وبطَلَ عَقْدُ الثاني، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ [560]     قال الترمذي: (العملُ على هذا عند أهلِ العِلمِ لا نعلَمُ بينهم في ذلك اختلافًا: إذا زوَّج أحدُ الوليَّينِ قبلَ الآخَرِ، فنكاحُ الأوَّلِ جائزٌ، ونكاحُ الآخَرِ مَفسوخٌ، وإذا زوَّجا جميعًا فنِكاحُهما جميعًا مَفسوخٌ، وهو قولُ الثوري، وأحمد، وإسحاق). ((سنن الترمذي)) (1110). : الحَنفيَّة [561]     ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/305)، ((المبسوط)) للسرخسي (4/207). ، والمالكيَّة [562]     ((مختصر خليل)) (ص: 98)، (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (2/233)، ((منح الجليل)) لعليش (3/295، 296). ، والشافعيَّة [563]     ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص 208)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/269). ، والحنابِلة [564]     ((المبدع)) لبرهان الدين بن مفلح (7/37، 38)، ((الإنصاف)) للمرداوي (8/67).
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنةِ
عن سَمُرَةَ بنِ جُندُبٍ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((أيُّما امرأةٍ زوَّجَها وليَّانِ فهي للأوَّلِ منهما، ومَن باعَ بَيعًا مِن رجُلَينِ فهو للأوَّلِ منهما)) [565]     أخرجه أبو داود (2088) باختلاف يسير، والترمذي (1110)، والنسائي (4682)، وأحمد (20085) واللفظ لهم، وابن ماجه (2190) آخره. صحَّحه أبو زُرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي كما في ((البدر المنير)) لابن الملقن (7/590)، وحسَّنه الترمذي، وصحَّحه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/140)، وقال ابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (2/633): من يَحتَجُّ بالحَسَنِ عن سَمُرةَ يلزَمُه تصحيحُه. وجَوَّده ابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/589).
ثانيًا: لأنَّ الأوَّلَ خلَا عن مُبطِلٍ، والثَّاني تزوَّجَ زَوجةَ غيرِه؛ فكان باطلًا كما لو عَلِمَ [566]     ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/59).
ثالثًا: لأنَّ الأوَّلَ صادَفَ عقْدُه مَحلَّه، وعقْدُ الثاني لم يُصادِفْ مَحلَّه؛ لأنَّها بالعَقدِ الأوَّلِ صارتْ مَشغولةً [567]     ((المبسوط)) للسرخسي (4/207).
المسألةُ الثانيةُ: إذا زوَّجَها وليَّانِ لرجُلَينِ، وجُهِلَ السابقُ منهما، أو وقَعَ العقدانِ في وقتٍ واحدٍ
إذا زوَّجَها وليَّانِ لرجُلَينِ، وجُهِلَ السابقُ منهما، أو وقَعَ العَقدانِ في وقتٍ واحدٍ؛ فالعَقدانِ باطلانِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّةِ [568]     ((المبسوط)) للسرخسي (4/207). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/251). ، والمالكيَّةِ [569]     ((مختصر خليل)) (ص: 98)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (2/233)، ((منح الجليل)) لعليش (3/297، 298). ، والشَّافعيَّةِ [570]     ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص 208)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/269). ، والحنابِلةِ [571]     ((الفروع)) لمحمد بن مفلح (8/226)، ((المبدع)) لبرهان الدين بن مفلح (7/37، 38)، ((الإنصاف)) للمرداوي (8/67)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/60).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّهما إذا وقعَا معًا، أو جُهِلَ السَّبْقُ والمعيَّةُ؛ تعذَّرَ الإمضاءُ، والأصلُ في الأبضاعِ الحُرمةُ حتَّى يتحقَّقَ السَّببُ المبيحُ [572]     ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/269).
ثانيًا: لأنَّه لا وَجهَ لتَصحيحِهما، وليس أحدُهما بأَوْلَى مِن الآخَرِ؛ فتَعيَّنت جِهةُ البُطلانِ فيهما [573]     ((المبسوط)) للسرخسي (4/207).
ثالثًا: لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَحتمِلُ أنْ يَكونَ نِكاحُه هو الصَّحيحَ، والجمْعُ مُتعذِّرٌ هنا؛ فلُجِئَ إلى الفَسخِ لإزالةِ الزَّوجيَّةِ [574]     ((المبدع)) لابن مفلح (7/38).

انظر أيضا: