الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثالث: من ضوابط اختيار الزوجة: أن تكونَ المرأةُ بِكرًا


يُستحَبُّ أن يتزوَّجَ الرَّجُلُ امرأةً بِكرًا [90] واستثنى بعضُ الفقهاء من ذلك: إذا كان في نكاحِ الثيِّبِ مَصلحةٌ، أو كان له سبَبٌ. يُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/185)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/9). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [91] قال ابن نجيم: (نِكاحُ البكرِ أحسَنُ). ((البحر الرائق)) (3/86). ويُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (3/8). ، والمالِكيَّةِ [92] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/288)، ((منح الجليل)) لعليش (3/255). ، والشَّافِعيَّةِ [93] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 204)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/188). ، والحَنابِلةِ [94] ((الفروع)) لابن مفلح (8/179)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/9).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غَزاةٍ، فأبطأ بي جَملي وأعيا، فأتى عليَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: جابِرٌ؟ فقلتُ: نعم، قال: ما شأنُك؟ قلت: أبطأ عليَّ جملي وأعيا، فتخلَّفْتُ، فنزل يَحجُنُه بمِحْجَنِه [95] يحجنُه بمحجنِه: أي: يَضرِبُه بالْمِحْجَنِ: وهي عصًا محنيَّةُ الرأسِ. يُنظر: ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)) لابن الملقن (14/ 207). ثمَّ قال: اركَبْ، فركبتُ، فلقد رأيتُه أكُفُّه عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: تزوَّجْتَ؟ قلتُ: نعمْ، قال: بِكرًا أم ثيِّبًا؟ قلتُ: بل ثيِّبًا، قال: أفلا جاريةً تُلاعِبُها وتلاعِبُك! قلتُ: إنَّ لي أخواتٍ، فأحببتُ أن أتزوَّجَ امرأةً تجمَعُهنَّ وتُمشِّطُهنَّ وتقومُ عليهنَّ، قال: أمَا إنَّك قادِمٌ، فإذا قَدِمتَ فالكَيْسَ الكَيْسَ [96] قال ابنُ حجر: (قَولُه: «فالكَيسَ الكيسَ» بالفتحِ فيهما، على الإغراءِ، وقيل: على التحذيرِ مِن تَركِ الجِماعِ. قال الخطَّابي: الكَيسُ هنا بمعنى الحَذَرِ، وقد يكونُ الكَيسُ بمعنى الرِّفقِ وحُسنِ التأنِّي. وقال ابن الأعرابي: الكَيسُ: العَقلُ، كأنَّه جعل طلَبَ الولَدِ عَقلًا. وقال غيرُه: أراد الحذَرَ مِن العَجزِ عن الجِماعِ، فكأنَّه حَثَّ على الجِماعِ ). ((فتح الباري)) (9/342). ) [97] أخرجه البخاري (2097) واللفظ له، ومسلم (715).
ثانيًا: لأنَّ البِكرَ لم تجَرِّبِ الرِّجالَ، فلا تقيسُ أحوالَه بأحوالِ غَيرِه [98] ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/165). قال الغزالي: (في البَكارةِ ثلاثُ فوائِدَ: إحداها: أن تحِبَّ الزَّوجَ وتألَفَه... والطِّباعُ مجبولةٌ على الأُنسِ بأوَّلِ مألوفٍ، وأمَّا التي اختَبَرت الرِّجالَ، ومارست الأحوالَ، فربَّما لا ترضى بعضَ الأوصافِ التي تخالِفُ ما ألِفَتْه فتَقْلي الزوجَ. الثانيةُ: أنَّ ذلك أكمَلُ في مودَّتِه لها؛ فإنَّ الطبعَ ينفِرُ عن التي مسَّها غيرُ الزَّوجِ نفرةً ما، وذلك يثقُلُ على الطبعِ مهما يُذكرُ، وبعضُ الطباعِ في هذا أشَدُّ نفورًا. الثالثةُ: أنَّها لا تحِنُّ إلى الزَّوجِ الأوَّلِ، وآكَدُ الحبِّ ما يقعُ مع الحبيبِ الأوَّلِ غالبًا). ((إحياء علوم الدين)) (2/41).
مسْألةٌ أولى: إعلامُ الخاطِبِ بتمَزُّقِ غِشاءِ البَكارةِ
لا يجِبُ إعلامُ الخاطِبِ بتمَزُّقِ غِشاءِ بَكارةِ المخطوبةِ قَبلَ الدُّخولِ بها إن كان بسبَبِ حادثٍ أو نحوِ ذلك، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [99] ورد على اللَّجنةِ الدائمة سؤالٌ، ونصُّه: مُسلِمةٌ تعرَّضت لحادثةٍ في الصِّغَرِ فُقِدَ منها غِشاءُ البَكارةِ، وقد تمَّ عَقدُ زواجِها ولم يتمَّ البناءُ بعدُ، وحالةٌ أخرى تعرَّضت لنفس الحادثِ، والآن يتقدَّمُ لها إخوة ملتزمون للخطبةِ والزواج، وهما في حيرةٍ مِن أمرهما: أيُّهما أفضَلُ: المتزوِّجةُ تخبِرُ زوجَها قبلَ البناء أو تكتُمُ هذا الخبر، والتي لم تتزوَّج بعدُ هل تستُرُ هذا الأمر خشيةَ أن ينتشِرَ عنها ويُظَنَّ بها سوءٌ، وهذا كان في الصِّغَرِ، وكانت غيرَ مكلَّفة، أم هذا يعتبر من الغِشِّ والخيانةِ، هل تخبرُ مَن تقدَّم إليها أم لا؛ لأجلِ العقدِ؟ فكانت الإجابة: (لا مانِعَ شَرعًا من الكتمانِ، ثمَّ إذا سألها بعد الدُّخولِ أخبرَتْه بالحقيقةِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (19/5).
مسْألةٌ ثانية: رَتْقُ غِشاءِ البَكارةِ
يجوزُ رَتْقُ غِشاءِ البَكارةِ الذي تمزَّق بسَبَبِ حادثٍ أو اغتصابٍ أو إكراهٍ، ولا يجوزُ شَرعًا رَتْقُ الغشاءِ المتمَزِّقِ بسَبَبِ ارتكابِ الفاحِشةِ، وبه صدرَ قرارُ مَجمَعِ الفِقهِ الإسلاميِّ [100]     جاء في قراراتِ مجمَعِ الفقه الإسلاميِّ: (يجوزُ رَتْقُ غِشاءِ البَكارةِ الذي تمزَّق بسببِ حادثٍ أو اغتصابٍ أو إكراهٍ، ولا يجوزُ شَرعًا رَتْقُ الغشاءِ المتمَزِّقِ بسَبَبِ ارتكابِ الفاحِشةِ؛ سَدًّا لذريعةِ الفَسادِ والتَّدليسِ، والأَولى أن يتولى ذلك الطَّبيباتُ). ((قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي 1 - 174)) (ص: 333). ؛ سَدًّا لذريعةِ الفَسادِ والتَّدليسِ [101]     ((قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي 1 - 174)) (ص: 333).

انظر أيضا: