الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: حُكْمُ النِّكاح بنِيَّةِ الطَّلاقِ


الزَّواجُ بنيَّةِ الطَّلاقِ صَحيحٌ [17] لكِنَّه يَحرُمُ؛ لِما فيه من الغِشِّ. قال مالكٌ: (ليس هذا من أخلاقِ النَّاسِ). ((شرح النووي على مسلم)) (9/182). وقال ابنُ عثيمين: (عندي أنَّ هذا حرامٌ مِن وجهٍ آخَرَ، أي: أنَّ الإنسانَ إذا تزوَّج بنيَّة أنَّه يُطَلِّقُها إذا غادر البلدَ، حرامٌ مِن جهةِ أنَّه غِشٌّ وخِداعٌ للزَّوجةِ وأهلِها؛ فإنَّ الزَّوجةَ وأهلَها لو عَلِموا أنَّ هذا الرجُلَ إنَّما تزوَّجَها بنيَّةِ الطَّلاقِ إذا أراد السَّفَرِ، ما زوَّجوه في الغالِبِ، فيكونُ في ذلك خِداعٌ وغِشٌّ لهم، وقد قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «من غشَّ فليس منَّا»... وحينئذٍ إمَّا أن يُعلِمَهم أو يَكتُمَ عنهم؛ فإن أعلَمَهم فهو نِكاحُ مُتعةٍ، وإن كتَمَه كان غِشًّا وخِداعًا). ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (10/233)، ويُنظر: ((لقاء الباب المفتوح))  اللقاء رقم (151). وقال ابنُ باز: ((إذا تزوَّج في بلادِ غُربةٍ ونيَّتُه أنَّه متى انتهى مِن دراستِه، أو مِن كَونِه مُوظَّفًا، وما أشبه ذلك: أن يُطَلِّقَ؛ فلا بأسَ بهذا عند جُمهورِ العُلَماءِ، وهذه النيَّةُ تكونُ بينه وبينَ اللهِ سُبحانَه، وليست شَرطًا، والفَرقُ بينه وبين المُتعةِ: أنَّ نِكاحَ المُتعةِ يكونُ فيه شَرطُ مُدَّةٍ مَعلومةٍ، كشَهرٍ أو شهرينِ، أو سنةٍ أو سنتينِ، ونحوِ ذلك، فإذا انقَضَت المدَّةُ المذكورةُ انفَسَخ النِّكاحُ، هذا هو نِكاحُ المتعةِ الباطِلُ، أمَّا كَونهُ تزوَّجَها على سُنَّةِ الله ورسولِه، ولكِنْ في قَلبِه أنَّه متى انتهى مِن البلدِ فسوف يطَلِّقُها، فهذا لا يَضُرُّه، وهذه النيَّةُ قد تتغيَّرُ وليست معلومةً، وليست شرطًا، بل هي بينه وبين اللهِ؛ فلا يضُرُّه ذلك، وهذا مِن أسبابِ عِفَّتِه عن الزِّنا والفواحِشِ، وهذا قَولُ جُمهورِ أهلِ العِلمِ، حكاه عنهم صاحِبُ المغني: موفَّقُ الدين ابنُ قدامةَ رحمه الله). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/30). وقال: (ولكِنْ تَركُ هذه النيَّةِ أَولى؛ احتياطًا للدِّينِ، وخُروجًا مِن خِلافِ العُلَماءِ، ولأنَّه ليس هناك حاجةٌ إلى هذه النيَّةِ؛ لأنَّ الزَّوجَ ليس ممنوعًا مِن الطَّلاقِ إذا رأى المصلحةَ في ذلك، ولو لم ينْوِه عند النِّكاحِ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (5/43). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [18] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/115)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/116). ، والمالِكيَّةِ [19] ((التاج والإكليل)) للمواق (3/446)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/239)، ((منح الجليل)) لعليش (3/304). ، والشَّافِعيَّةِ [20] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/312)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/183). ، وهو قَولٌ للحنابلةِ اختاره ابنُ قُدامة [21] قال ابن قدامة: (إنْ تزوَّجَها بغيرِ شَرطٍ إلَّا أنَّ في نيتِه طَلاقَها بعد شَهرٍ، أو إذا انقَضَت حاجتُه في هذا البلَدِ؛ فالنِّكاحُ صَحيحٌ في قَولِ عامَّةِ أهلِ العِلمِ، إلَّا الأوزاعي قال: هو نكاحُ متعةٍ. والصحيحُ أنَّه لا بأس به، ولا تضُرُّ نيَّتُه). ((المغني)) (7/179). ، وهو قولُ عامَّة أهل العِلم [22] قال ابن قدامة: (إنْ تزوَّجَها بغيرِ شَرطٍ إلَّا أنَّ في نيتِه طَلاقَها بعد شَهرٍ، أو إذا انقَضَت حاجتُه في هذا البلَدِ؛ فالنِّكاحُ صَحيحٌ في قَولِ عامَّةِ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (7/179). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [23] قال النووي: (قال القاضي: وأجمعوا على أنَّ من نكح نكاحًا مُطلَقًا ونيَّتُه ألَّا يمكُثَ معها إلَّا مُدَّةً نواها، فنِكاحُه صحيحٌ حلالٌ، وليس نكاحَ متعةٍ، وإنما نكاحُ المتعةِ ما وقع بالشَّرطِ المذكورِ، ولكِنْ قال مالكٌ: ليس هذا من أخلاقِ النَّاسِ. وشَذَّ الأوزاعيُّ فقال: هو نِكاحُ مُتعةٍ ولا خيرَ فيه. والله أعلم). ((شرح النووي على مسلم)) (9/182).
وذلك للآتي:
أنَّ التوقيتَ إنَّما يكونُ باللَّفظِ [24] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/116).
أنَّ هذه النيَّة تكونُ بينه وبينَ اللهِ سُبحانَه، وليست شَرطًا [25] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/30).

انظر أيضا: