الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّاني: الاشتِراكُ في العَقيقةِ مِنَ الإبلِ والبقرِ


لا يَصِحُّ أنْ يَشترِكَ اثنانِ أو أكثرُ في العَقيقةِ، وإنْ كانت مِنَ الإبلِ أو البقرِ، وهو مذهبُ المالِكيَّةِ [154] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/255)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/126).   ، والحنابلةِ [155] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (4/80)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (3/25).   ، واختارَه ابنُ القيِّمِ [156] قال ابنُ القيِّم: (لا يُجزِئُ الرَّأسُ إلَّا عن رأسٍ، هذا ممَّا تُخالِفُ فيه العَقيقةُ الهَدْيَ والأُضحيَّةَ). ((تحفة المودود)) (ص 82).   ، وابنُ عُثيمين [157] قال ابنُ عُثيمين: (العَقيقةُ لا يُجزِئُ فيها شِرْكُ دَمٍ؛ فلا يُجزئُ البعيرُ عنِ اثنين، ولا البقرةُ عنِ اثنين، ولا تُجزِئُ عن ثلاثةٍ، ولا عن أربعةٍ مِن بابِ أَوْلى). ((الشرح الممتع)) (7/500).  
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
1 - عن سَلْمانَ بنِ عامرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((مع الغلامِ عَقيقةٌ، فأَهْريقوا عنه دَمًا، وأَمِيطوا عنه الأذَى )) [158] أخرجه البُخاريُّ مُعلَّقًا بصِيغة الجَزم (5472)، وأخرَجه موصولًا: أبو داودَ (2839)، والتِّرمِذيُّ (1515)، وابنُ ماجَهْ (3164) واللَّفظُ لهم، والنَّسائيُّ (4214)، وأحمدُ (16238) باختلافٍ يسيرٍ. وقال التِّرمِذي: حسَنٌ صحيحٌ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (4/306)، وابنُ العربيِّ في ((القبس)) (2/649): ثابتٌ. وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3164).  
2 - عن الحَسنِ، عن سَمُرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الغُلامُ مُرتَهَنٌ بعَقيقتِه، يُذبَحُ عنه يومَ السَّابعِ، ويُسمَّى، ويُحلَقُ رأسُه )) [159] أخرجه أبو داودَ (2837) بلفظ: ((ويُدَمَّى)) بدلًا مِن: ((ويُسمَّى))، والتِّرمِذيُّ (1522) واللَّفظُ له، والنَّسائيُّ (4220)، وابنُ ماجَهْ (3165)، وأحمدُ (20139). وقال ابنُ العربيِّ في ((عارضة الأحوذي)) (5/431): (أَصحُّ ما يُروَى). وصحَّح إسنادَه النَّوويُّ في ((المجموع)) (8/435)، وصحَّحه ابنُ دقيقِ العيدِ في ((الاقتراح)) (121)، وابنُ المُلقِّن في ((البدر المنير)) (9/333). ووَثَّق رجالَه ابنُ حَجَرٍ في ((فتح الباري)) (9/507). وقال الشَّوْكانيُّ في ((السَّيل الجَرَّار)) (4/89): (لا عِلَّةَ فيه). وصحَّح إسنادَه ابنُ بازٍ في ((مجموع الفتاوى)) (18/49). وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن التِّرمذي)) (1522)، والوادِعيُّ في ((الصحيح المسند)) (455).  
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه أَمَر أنْ تَكونَ مع كلِّ غُلامٍ عقيقةٌ تُذبحُ عنه، وهذا يُفيدُ أنَّه لا يَصِحُّ أنْ يَشترِكَ غيرُه معه فيها.
ثانيًا: عَدَمُ وُرودِ الدَّليلِ، ولم يَرِدِ الاجتِزاءُ فيها بشِرْكٍ، ولم يَفعَلْه الصَّحابةُ ولا التَّابِعون [160] ((حاشية الرَّوض المُرْبِع)) لابن قاسم (4/251).  
ثالثًا: أنَّ العَقيقةَ فِدْيةٌ عنِ النَّفْسِ؛ فلا بدَّ أنْ تَكونَ ذبيحةً كاملةً؛ لأنَّ الفِداءَ لا يَتبعَّضُ [161] ((تحفة المودود)) لابن القيِّم (ص 82).  
رابعًا: أنَّه لو صَحَّ فيها الاشتِراكُ لَمَا حَصَل المقصودُ مِن إراقةِ الدَّمِ عنِ الولدِ؛ فإنَّ إراقةَ الدَّمِ تَقعُ عن واحدٍ ويَحصُلُ لباقي الأولادِ إخراجُ اللَّحمِ فقط، والمقصودُ نفْسُ الإراقةِ عنِ الولدِ [162] ((تحفة المودود)) لابن القيِّم (ص 82).  

انظر أيضا: