الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّل: حكمُ أكلِ المضطرِّ الآدميَّ الميتَ


يَحرُمُ على المُضطَرِّ أكْلُ الآدميِّ المَيِّتِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّةِ [623] ((حاشية ابن عابدين)) (6/338).   ، والمالكيَّةِ [624] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (2/254)، ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (3/49)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (1/532)، (2/457).   ، والحنابلةِ [625] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/283)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/415)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (9/421).   ، ووجْهٌ للشَّافِعيَّةِ [626] ((المجموع)) للنَّووي (9/44)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/307).   ، وهو مذهبُ الظَّاهريَّةِ [627] قال ابنُ حَزْم: (وكلُّ ما حَرَّم اللهُ عزَّ وجلَّ مِنَ المآكلِ والمَشاربِ مِن خِنزيرٍ أو صَيدٍ حرامٍ، أو مَيْتةٍ، أو دَمٍ، أو لحمِ سَبُعٍ أو طائرٍ، أو ذي أربعٍ، أو حشرةٍ، أو خَمْرٍ، أو غيرِ ذلك: فهو كلُّه عِندَ الضَّرورةِ حلالٌ، حاشا لحومَ بَني آدمَ، وما يَقتُلُ مَن تناوله؛ فلا يَحِلُّ مِن ذلك شيْءٌ أصلًا، لا بضرورةٍ ولا بغيرِها). ((المحلى)) (6/105). وقال القُرطُبيُّ: (ولا يَأكُلُ ابنَ آدمَ ولو مات. قالَه علماؤُنا، وبه قال أحمدُ وداودُ). ((تفسير القُرطُبي)) (2/229).  
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قولُه تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [الإسراء: 70]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مِن إكرامِ بَني آدَمَ حمايةَ جسدِه مِنَ الاعتِداءِ حَيًّا ومَيِّتًا؛ فلا يُباحُ لأحدٍ أكْلُه [628] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (2/254).  
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ ككَسْرِه حَيًّا )) [629] أخرجه أبو داودَ (3207)، وابنُ ماجَهْ (1616)، وأحمدُ (24739). وأخرجه ابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (3167). وقال ابنُ عَديٍّ في ((الكامل في الضُّعفاء)) (4/389): مَدارُه على سعد بن سعيدٍ، لا أَرى بحديثِه بأسًا. وصحَّحه ابنُ حَزْمٍ في ((المحلى)) (5/166)، وقال البَيْهَقيُّ في ((السنن الكبرى)) (4/58): مَوصولٌ مرفوعٌ. وحسَّنه ابنُ القطَّانِ في ((الوهم والإيهام)) (4/212). وصحَّح إسنادَه النَّوويُّ في ((المجموع)) (5/300). وصحَّحه ابنُ دقيق في ((الاقتراح)) (98).  
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الميِّتَ كالحيِّ في الحُرمةِ؛ فيَحرُمُ أذيَّتُه في جِسمِه كعظْمِه [630] ((الفروع)) لابن مُفلِح (1/148).  
ثالثًا: أنَّ الآدميَّ لا يُسمَّى مَيْتةً؛ فلمْ يَجُزْ للمُضطَرِّ أنْ يَأكُلَه بإباحةِ اللهِ تعالى له أكْلَ المَيْتةِ [631] ((البيان والتحصيل)) لابن رُشْد الجد (2/208).  
رابعًا: أنَّه لا تُنتهَكُ حُرمةُ آدميٍّ لآخَرَ [632] ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (1/532).  

انظر أيضا: