الموسوعة الفقهية

المبحث الثالث: حُكمُ الإسبالِ للمَرأةِ


يجوزُ للمرأةِ أن تُسْبِل ثَوبَها [319] على ألَّا يزيدَ ذلك عن الذِّراعِ كما جاء في الحديث.
الأدِلَّة:
أولًا: مِن الكِتاب
قَولُه تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الآيةَ نصٌّ على أنَّ الرِّجْلَينِ والسَّاقينِ ممَّا يُخْفَى، ولا يحِلُّ إبداؤُه [320] ((المحلى)) لابن حزم (3/216 ). ، ولا يتأتَّى هذا إلَّا بإطالةِ الثَّوبِ.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن جَرَّ ثَوبَه خُيَلاءَ لم ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامةِ، فقالت أمُّ سَلَمةَ: فكيف يَصنَعْنَ النِّساءُ بذُيولهِنَّ؟ قال: يُرخِينَ شِبرًا، فقالت: إذًا تنكَشِفُ أقدامُهنَّ، قال: فيُرخينَه ذِراعًا، لا يَزِدنَ عليه )) [321] أخرجه التِّرمذي (1731)، والنَّسائي (5336)، وأحمد (5173). قال التِّرمذي: حسنٌ صحيحٌ، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (7/140)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح التِّرمذي)) (1731).
ثالثًا: من الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: النَّوويُّ [322] قال النووي: (وأجمع العلماءُ على جوازِ الإسبالِ للنِّساءِ، وقد صحَّ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإذنُ لهن في إرخاءِ ذُيولِهنَّ ذِراعًا). ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/62). والطِّيبيُّ [323] قال الطيبي: (أجمعوا على جوازِ الإسبالِ للنِّساءِ). ((شرح المشكاة)) (9/2893). ، والهَرَويُّ [324] قال الهَرَوي: (أجمعوا على جوازِ الإسبالِ للنِّساءِ، وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإذنُ لهنَّ في إرخاءِ ذُيولِهنَّ). ((مرقاة المفاتيح)) (7/2767). ، والمناويُّ [325] قال المُناويُّ: (أجمعوا على حِلِّ الإسبالِ للمرأة). ((فيض القدير)) (2/278). ، وابنُ رسلانَ ووافقه الشوكانيُّ [326] قال الشوكاني: (أجمع المُسْلِمونَ على جواز الإسبالِ للنِّساءِ، كَمَا صرَّحَ بذلك ابنُ رسلان في شرح السُّنَنِ). ((نيل الأوطار)) (2/132)، ويُنظر: ((عون المعبود)) للعظيم آبادي (11/96).
مطلب: إطالةُ ذَيلِ الفُستانِ للعَروسِ
يَجوزُ للعَروسِ إطالةُ ذَيلِ الفُستانِ، على ألَّا يزيدَ ذلك عن الذِّراعِ، وعلى ألَّا يكونَ فيه تشَبُّهٌ بالكافراتِ، وهو قولُ ابنِ باز [327] سئِلَ ابنُ باز: (ما رأيُكم بفستانِ الفرَحِ الذي تسحبُه العروسُ وراءَها بطولِ ثلاثةِ أمتار تقريبًا؟ فأجاب: أمَّا ما يتعلَّقُ بالمرأة، فالسُّنَّة أن تضفيَ ثوبَها شِبرًا، ولا تزيد على ذراعٍ؛ لأجلِ السِّترِ وعدمِ إظهار القَدَمين، وأمَّا الزيادةُ على ذراعٍ، فمُنكَرٌ للعروسِ أو غيرها، لا يجوزُ، وهذا إضاعةٌ للأموالِ بغيرِ حَقٍّ في الملابسِ ذاتِ الأثمانِ الغالية، فينبغي التوسُّطُ في الملابسِ، لا حاجةَ إلى ترصيعِها بأشياءَ تُهدِرُ الأموالَ العظيمةَ التي تنفَعُ الأمَّةَ في دينِها ودنياها). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/121).
الأدِلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن جَرَّ ثَوبَه خُيَلاءَ لم ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامةِ، فقالت أمُّ سَلَمةَ: فكيف يَصنَعْنَ النِّساءُ بذُيولهِنَّ؟ قال: يُرخِينَ شِبرًا، فقالت: إذًا تنكَشِفُ أقدامُهنَّ، قال: فيُرخينَه ذِراعًا، لا يَزِدنَ عليه )) [328]  أخرجه التِّرمذي (1731)، والنَّسائي (5336)، وأحمد (5173). قال التِّرمذي: حسنٌ صحيحٌ، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (7/140)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح التِّرمذي)) (1731). قال الباجيُّ: (قَول أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ الله عنها حين ذكَرَ الإزارَ- يعني ما أسفَلَ من ذلك ففي النَّارِ: والمرأةُ يا رسولَ اللهِ؟- يعني: أن المرأة تحتاجُ إلى أن تُرخيَ إزارَها أسفَلَ مِن الكَعبَينِ؛ لتستُرَ بذلك قدَميها وأسفَلَ ساقَيها-؛ لأنَّ ذلك عورةٌ منها، فقال: «تُرخيه شِبْرًا» يريدُ: تُرخيه على الأرضِ شبرًا ليستُرَ قَدَميها وما فوق ذلك من ساقَيها، وهذا يقتضي أنَّ نِساءَ العرَبِ لم يكُنْ مِن زيِّهنَّ خُفٌّ ولا جَورَبٌ، كُنَّ يلبَسنَ النِّعالَ، أو يَمشِينَ بغيرِ شَيءٍ، ويقتَصِرنَ مِن سَترِ أرجُلِهنَّ على إرخاءِ الذَّيلِ. والله أعلم. وقولُها- رضي الله عنها- في إرخاءِ الذَّيلِ شِبرًا: إذًا ينكَشِفُ عنها، تريدُ: أنَّه لا يكفيها فيما تستَتِرُ به؛ لأنَّ تحريكَ رِجلَيها له في سرعةِ مَشيِها وقِصَر الذَّيلِ يَكشِفُه عنها، فلمَّا تبيَّنَ ذلك للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «فذِراعًا، لا تزيدُ عليه»، وهذا يقتضي أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنما أباح منه ما أباح للضَّرورةِ إليه، وهذا لفظُ افعَلْ وأراد بعد الحَظرِ، ومع ذلك فإنَّه يقتضي الوجوبَ؛ لأنَّه نهى عن إرخاءِ الذَّيلِ، ثمَّ أمر المرأةَ بإسبالِ ما يستُرُها منه، وذلك على الوجوبِ، ولا يحِلُّ للمرأةِ أن تترُكَ ما تستَتِرُ به). ((المنتقى شرح الموطَّا)) (7/226، 227).
ثانيًا: لأنَّ ما زاد عن ذراعٍ فيه إضاعةٌ للأموالِ بغيرِ حَقٍّ في الملابسِ ذاتِ الأثمانِ الغاليةِ [329] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/121).

انظر أيضا: