الموسوعة الفقهية

الفصل الثاني: الإحصارُ


تمهيدٌ: في تعريفِ الإحصارِ:
الإحصارُ لغةً: المنعُ والحَبسُ ((لسان العرب)) لابن منظور (4/ 195).
الإحصارُ اصطلاحًا: هو مَنْعُ المُحْرِمِ مِن إتمامِ أركانِ الحَجِّ أو العُمرةِ ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/362).
المبحث الأوَّل: ما يكونُ به الإحصارُ
المطلب الأوَّل: الإحصارُ بالعَدُوِّ
الإحصارُ يحصُلُ بالعَدُوِّ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ سَببَ نُزولِ الآيةِ هو صدُّ المشركينَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه عن البيتِ، وقد تقرَّرَ في الأصولِ أنَّ صورةَ سَببِ النُّزولِ قطعيَّةُ الدُّخولِ، فلا يُمكِنُ إخراجُها بمخَصِّصٍ.
كذلك فإنَّ قولَه تعالى بعد هذا: فَإِذَا أَمِنْتُمْ يشيرُ إلى أنَّ المرادَ بالإحصارِ هنا صَدُّ العدُوِّ المُحْرِمَ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/75)
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
أمْرُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه حين أُحْصِرُوا في الحُدَيبِيَةِ أن ينحَرُوا ويَحِلُّوا رواه البخاري (2731) بلفظ: ((قوموا فانحروا، ثم احلقوا))
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ قُدامة قال ابن قُدامة: (أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ المُحْرِمَ إذا حَصَرَه عدوٌّ من المشركين، أو غيرِهم، فمنعوه الوصولَ إلى البيتِ، ولم يجد طريقًا آمِنًا، فله التحلُّلُ) ((المغني)) (3/326). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (فالمُحْصَر بعَدُوٍّ له أن يتحلَّلَ باتِّفاقِ العلماء) ((مجموع الفتاوى)) (26/227). وابنُ جُزَيٍّ قال ابن جزي: ( "السَّابِعُ الإحصارُ بعَدُوٍّ بعد الإحرامِ" وهو مُبيحٌ للتحلُّلِ إجماعًا). ((القوانين الفقهية)) (1/ 151).
المطلب الثاني: الإحصارُ بالمَرَضِ وغَيرِه
الإحصارُ يكونُ بالمَرَضِ وذَهابِ النَّفَقةِ وغيرِ ذلك، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/58)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/175). ، وروايةٌ عن أحمَدَ ((الإنصاف)) للمرداوي (4/52)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/331). ، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ قال ابن قُدامة: (روي عن ابنِ مسعود، وهو قول عطاء، والنخعي، والثوري، وأبي ثور) ((المغني)) (3/331) ، وهو قولُ ابنِ حَزمٍ قال ابن حزم: (وأمَّا الإحصارُ، فإنَّ كُلَّ مَن عَرَضَ له ما يمنَعُه من إتمامِ حَجِّه أو عُمرَتِه, قارنًا كان, أو متمتِّعًا, مِن عدُوٍّ, أو مرَضٍ, أو كسْرٍ, أو خطأِ طريقٍ, أو خطأٍ في رؤيةِ الهلالِ, أو سَجْنٍ, أو أيِّ شيءٍ كان- فهو مُحصَرٌ) ((المحلى)) (7/203). ، واختيارُ ابنِ تيميَّة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/52). ، وابنِ القَيِّم ((حاشية ابن القَيِّم على سنن أبي داود)) (5/317). ، وابنِ باز قال ابن باز: (إنَّ الإحصارَ يكون بالعدُوِّ، ويكون بغيرِ العدُوِّ كالمرض) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (18/7). , وابنِ عُثيمين قال ابن عُثيمين: (والصحيحُ في هذه المسألة أنَّه إذا حُصِرَ بغيرِ عدُوٍّ، فكما لو حُصِرَ بعدُوٍّ؛ لعمومِ قولِ الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ **البقرة: 196** أي عن إتمامِهما، ولم يقيِّدِ اللهُ تعالى الحصرَ بعدُوٍّ) ((الشرح الممتع)) (7/418).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قولُه تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ لفظَ الإحصارِ عامٌّ يدخُلُ فيه العدوُّ والمَرَضُ ونحوه ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي)) (4/202)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/452).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن عِكرمةَ قال: سمعْتُ الحجَّاجَ بنَ عَمْرٍو الأنصاريَّ، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فقد حَلَّ، وعليه الحَجُّ مِن قابلٍ )) قال عِكرمةُ: سألتُ ابنَ عبَّاسٍ وأبا هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهما عن ذلك، فقالا: صَدَقَ رواه أبو داود (1862)، والترمذي (940)، والنسائي (2861)، وابن ماجه (3078)، وأحمد (15769)، والدارمي (1894)  قال الترمذي: (حسن صحيح)، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (2/347)، وابن دقيق في ((الاقتراح)) (102)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (8/309).
ثالثا: أنَّ المعنى الذي لأجلِه ثبَتَ حَقُّ التحلُّلِ للمُحصَرِ بالعدُوّ؛ِ موجودٌ كذلك في المَرَضِ ((المبسوط)) للسرخسي 4/193.
المبحث الثاني: أنواعُ الإحصارِ
المطلب الأوَّل: الإحصارُ عن الوقوفِ بعَرَفةَ
اختلف الفقهاءُ فيمن أُحصِرَ عن الوقوفِ بعَرَفة دون البيتِ، على ثلاثةِ أقوالٍ:
القول الأوّل: أنَّه ليس بمُحصَرٍ، وهو مَذهَب الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/61)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغناني (1/182)، ويُنظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/454). وروايةٌ عن أحمد ((المغني)) لابن قُدامة (3/329).. ؛ لأنَّه إن قدَرَ على الطَّوافِ له أن يتحلَّلَ به، فلا حاجةَ إلى التحلُّلِ بالهَدْيِ، كفائِتِ الحجِّ ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/454).
القول الثاني: يُعتَبَرُ مُحصرًا، ويتحلَّلُ بأعمالِ العُمرةِ، وهو مذهَبُ المالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (2/95)، ((حاشية الدسوقي)) (2/95). ، والشَّافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/349). ؛ لأنَّه لَمَّا جاز أن يتحلَّلَ عن جميعِ الأركانِ، كان إحلالُه مِن بعضِها أَوْلى والفَرقُ بين هذا القولِ والذي قبله- وإن تشابهت الصورة بينهما- أن النتيجةَ تختلِفُ، فالحنفيةُ يَعتبرونه تحلُّلَ فائتِ حجٍّ، فلا يوجبون عليه دمًا، بينما يعتبره المالكيَّة والشافعية تحلُّلَ إحصارٍ، فعليه دمٌ. ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (2/200).
القول الثالث: يتحلَّلُ بعمرةٍ، ولا شيءَ عليه، إن كان قبل فَواتِ وقتِ الوُقوفِ، وهو مَذهَب الحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/52)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/400)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/329). ، واختارَه ابنُ عُثيمين ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (7/417). ؛ لأنه يجوزُ لِمَن أحرَمَ بالحجِّ أن يجعَلَه عمرةً، ولو بلا حصرٍ، ما لم يقِفْ بعَرَفةَ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (7/417).
المطلب الثاني: الإحصارُ عن طوافِ الإفاضةِ
اختلف الفقهاءُ فيمن وقَفَ بعَرَفةَ ثم أُحصِرَ عن البيتِ؛ على ثلاثةِ أقوالٍ:
القول الأوّل: لا يكون مُحصَرًا، وعليه التحلُّلُ بالحَلْقِ يومَ النَّحرِ، ويَحِلُّ له كلُّ شيءٍ إلَّا النساءَ، حتى يطوفَ طَوافَ الإفاضةِ في أيِّ وقتٍ قَدَرَ عليه، وهذا مَذهَب الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/60)، ويُنظر: ((فتح القدير)) لابن الهمام (3/134). قال ابن الهمام: (وإذا تحقَّقَ الإحصارُ بعد مجرَّدِ الوقوفِ، كان عليه دمٌ لوقوفِ المزدلفة، ودمُ الرَّميِ، ودَمَانِ لتأخيرِ الحَلْقِ عن المكانِ وتأخيرِ الطَّوافِ- عند أبي حنيفة- إن أخرَّهما، ودمٌ آخَرُ إنْ حَلَقَ في الحِلِّ). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق(3/199)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) للدردير (2/95). قال المواق: ("وعليه للرَّميِ، ومبيتِ ليالي مِنًى، ونزولِ مزدلفةَ... هَدْيٌ واحدٌ).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الحجُّ عَرَفةُ)) رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889، 2975)، والنسائي (3044)، وابن ماجه (3015)، وأحمد (18796) قال الترمذي: حسنٌ صحيح، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/209)، وقال ابنُ عَبْدِ البَرِّ في ((الاستذكار)) (3/638): (لا أشرَفَ ولا أحسَنَ من هذا)، وصحَّحه النووي في ((المجموع)) (8/95)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/230).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المرادَ بكونِ الحَجِّ عَرَفةَ أنَّه الرُّكنُ الذي إذا أدرَكَه، فقد أدرك الرُّكنَ الذي يفوتُ الحجُّ بفَواتِه، ويسقُطُ به الفَرضُ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/134)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (2/95).
ثانيًا: أنَّه لَمَّا وقف بعَرَفةَ فقد فعَلَ ما له حُكْمُ الكُلِّ، وأمكَنَه التحلُّلُ بالحَلْقِ يومَ النَّحرِ عن كلِّ محظورٍ سوى النِّساءِ، فلم يلزَمِ امتدادُ الإحرامِ الموجِبِ للحَرَج، ولم يبقَ عليه إلَّا الإفاضةُ التي يصِحُّ الإتيانُ بها في أيِّ وقتٍ مِنَ الزَّمانِ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/134)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/60).
القول الثاني: أنَّه يكونُ مُحصَرًا، ويتحَلَّلُ، وهذا مَذهَب الشَّافعيَّة في الأظهَرِ يُعتَبَر مُحصَرًا، فيجب عليه أن يقِفَ بعَرَفة ثم يتحلَّل، ويحصُل تحلُّله بما يتحلَّل به المُحصَر، وهو الذَّبحُ والحَلْق بنِيَّةِ التحلُّلِ فيهما، ولا قضاءَ عليه. ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/533)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/349).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
 قال تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عُمومَ الآيةِ يشمَلُ مَن أُحصِرَ عن عَرَفةَ أو أُحصِرَ عن البيتِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/349).
ثانيًا:أنَّه إحرامٌ تامٌّ، فجاز له التحلُّلُ منه؛ قياسًا على ما قَبْلَ الوقوفِ بعَرَفةَ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/349).
ثالثا:أنَّه لَمَّا جاز أن يتحَلَّلَ بالإحصارِ مِن جميعِ الأركانِ، كان تحلُّلُه مِن بعضِها أَوْلى ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/349).
القول الثالث: أنَّه إن أُحصِرَ عن البيتِ بعد الوقوفِ بعَرَفة قبل رَميِ الجمرةِ، فله التحلُّلُ، وإن أُحصِرَ عن طوافِ الإفاضةِ بعد رَمْيِ الجمرةِ، فليس له أن يتحَلَّلَ، وهذا مَذهَبُ الحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/50)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/329).
ودليلُهم في التَّفريقِ:
أنَّ الإحصارَ كما يفيدُ عن جميعِ أعمالِ الحجِّ، فإنَّه يفيدُ عن بعضِ أركانِه، لكِنْ لم يحصُلِ الإحصارُ بعد رميِ الجمرةِ؛ لأنَّ إحرامَه بعد الرَّميِ إنَّما هو عن النِّساءِ، والشَّرعُ إنَّما ورد بالتحلُّلِ مِنَ الإحرامِ التَّامِّ، الذي يحرُمُ جميعُ محظوراتِه، فلا يَثبُتُ بما ليس مثلَه، فمتى ما زالَ الحصْرُ أتى بالطَّوافِ، وقد تم حجُّه ((المغني)) لابن قُدامة (3/329).
المطلب الثالث: الإحصارُ عن واجبٍ مِن واجباتِ الحَجِّ
إذا أُحصِرَ عن واجبٍ فلا يتحَلَّلُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة ((حاشية بن عابدين)) (2/593)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/60). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) لحطاب (4/297). ، والشَّافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/533). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/528).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه يُمكِنُ جَبرُه بالدَّمِ، فلا حاجةَ إلى التحلُّلِ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (7/ 419).
ثانيًا: لأنَّ صِحَّةَ الحَجِّ لا تقِفُ على فِعلِ ذلك الواجِبِ ((المغني)) لابن قُدامة (3/ 329).
المطلب الرابع: الإحصارُ عن العُمرةِ
يجوزُ للمُحرِمِ بالعمرةِ التحلُّلُ عند الإحصارِ، وهو مَذهَب الحَنَفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (3/ 131)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/177). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/294)، ((فتح العزيز)) للرافعي (8/ 4)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/344). ، والحَنابِلَة ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (2/ 455)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/328). ، وبعضِ المالكيَّة كابن القاسم وابن الماجشون. ينظر ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/294). وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال النووي: (ويجوز للمُحرِمِ بالعمرةِ التحلُّلُ عند الإحصارِ، بلا خلافٍ، ودليلُ التحلُّلِ وإحصارِ العدُوِّ: نَصُّ القرآنِ والأحاديثِ الصحيحةِ المشهورةِ في تحلُّلِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه عامَ الحُدَيبيَةِ، وكانوا مُحرمينَ بعُمرةٍ، وإجماعُ المسلمينَ على ذلك) ((المجموع)) (8/294).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
- قال تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196] عقيبَ قَولِه عزَّ وجَلَّ وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196] فكان المرادُ منه: فإنْ أُحصِرتُم عن إتمامِهما فما استيسَرَ مِنَ الهَديِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/177).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
 ثبتَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه رَضِيَ اللهُ عنهم حُصِروا بالحُدَيبيَةِ، فحال كفَّارُ قريشٍ بينهم وبين البَيتِ، وكانوا مُعتمرينَ، فنَحَروا هَدْيَهم وحَلَقوا رُؤوسَهم ينظر ما رواه البخاري (2731)
ثالثًا: أنَّ التحلُّلَ بالهَدْيِ في الحجِّ لمعنًى هو موجودٌ في العُمرةِ: وهو التضرُّرُ بامتدادِ الإحرامِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/177).
المبحث الثالث: زوالُ الحَصرِ  
متَى زالَ الحصرُ قَبلَ تحلُّلِه، فعليه إتمامُ نُسكِه، إلَّا أن يكونَ الحجُّ قد فاتَ، فإنَّه يَتحلَّلُ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنْذِر [3563] قال ابنُ المُنذر: (وأجمَعوا على أنَّ مَن يئِس أن يصِلَ إلى البيت، فجاز له أن يحلَّ، فلم يفعلْ حتى خُلِّي سبيلُه، أنَّ عليه أن يَمضي إلى البيتِ، وليتمَّ نُسكَه). ((الإجماع)) (ص: 59). ، وابن قُدامَة [3564] قال ابنُ قُدامة: (وإذا قلنا بجواز التحلُّل قبل يوم النَّحر، فالمستحبُّ له مع ذلك الإقامةُ مع إحرامه؛ رجاءَ زوال الحصر، فمتَى زال قبل تحلُّله، فعليه المُضيُّ لإتمام نُسكه، بغير خِلاف نعلمه). ((المغني)) (3/329).

انظر أيضا: