الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّل: ذبحُ الهَدْي


المطلب الأوَّل: جنس الهدي وما يُجْزِئُ مِنَه
الفرع الأول: جِنسُ الهَدْيِ 
يكونُ الهَديُ من: الإبلِ، والبَقرِ، والضَّأنِ، والمَعْزِ.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك الجصاص [2668] قال الجَصَّاص: (اتَّفق الفقهاء على أنَّ ما عدا هذه الأصنافَ الثلاثة من الإبل والبقر   والغنم، ليس من الهَدْي المراد بقولِه فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196] ). ((أحكام القرآن)) (1/339). ، وابن حزم [2669] قال ابنُ حزم: (وأجمَعوا أنَّ الهَدي يكون من الإبل والبَقر الثنيِّ فصاعدًا من الإبل، والبقر، والضَّأن والمعز). ((مراتب الإجماع)) (ص: 42). ، وابن عبد البر [2670]  قال ابن عبد البَرِّ: (إجماعُهم أنَّها لا تكون إلَّا من الأزواج الثَّمانية). ((الاستذكار)) (4/217). ، وابن رشد [2671] قال ابنُ رُشد: (فأمَّا جِنس الهَدي، فإنَّ العلماء متَّفقون على أنَّه لا يكون الهديُ إلَّا مِن الأزواج الثمانية، التي نصَّ الله عليها). ((بداية المجتهد)) (1/376).
الفرع الثاني: ما يجزئ من الهدي
الهَدْيُ شاةٌ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ، أو سُبْعُ بَقَرَةٍ، فإنْ نَحَرَ بَدَنةً، أو ذَبَحَ بقرةً، فقد زاد خيرًا، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/185)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/223). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/52)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/515). ، والحَنابِلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/ 407)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/240)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/421). ، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ ((المحلى)) لابْن حَزْمٍ (7/149، 150). وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ قال ابنُ حزم: (وأمَّا الشِّرْكُ في الدَّمِ؛ فبه يقول أبو حنيفة, والشافعي, والأوزاعي, وسفيان الثوري, وأحمد بن حنبل, وإسحاق, وأبو ثور, وأبو سليمان). ((المحلى)) (7/149، 150).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قولُه سبحانه وتعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اسمَ الهَدْيِ يقعُ على الشَّاةِ, والبَقَرةِ, والبَدَنةِ ((المحلى)) لابْن حَزْمٍ (7/149)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/223).
ثانيًا: مِنَ الآثار
عن أبي جَمْرةَ قال: ((سألتُ ابنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما عن المُتعةِ، فأمَرَني بها، وسَأَلْتُه عن الهَدْيِ، فقال: فيها جَزُورٌ, أو بَقَرةٌ, أو شاةٌ, أو شِرْكٌ في دَمٍ )) رواه البخاري (1688) واللفظ له، ومسلم (1242)
الفرع الثالث: السِّنُّ التي تُجزِئ في الهَديِ 
يُجزِئُ في الهَدْيِ الثَّنيُّ [2679] الثَّني: الذي يُلقي ثَنيَّتَه، يكون من ذوات الظَّلف (الضأن والمعز)، ومن الحافر (البقر) في السَّنة الثالثة، ومن ذوات الخُفِّ (الإبل) في السَّنة السَّادسة. ينظر: ((المصباح المنير)) للفيومي (1/85). فما فوقَه.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُغلِّس [2680] قال ابنُ المُغلِّس: (واتَّفقوا أنَّ الثني من البَقر والغَنم والمعز يَجزي في الهَدْي والأضاحي). ((الموضح)) لابن المغلِّس نقلًا عن ((الإقناع في مسائل الإجماع)) لابن القطان (2/856). ، وابنُ حزْمٍ [2681] قال ابنُ حزم: (وأجمَعوا أنَّ الهَدي يكون من الإبل والبقر الثنيِّ فصاعدًا، من الإبل، والبقر، والضَّأن والمعز). ((مراتب الإجماع)) (ص: 42). ، وابنُ عبد البر [2682] قال ابن عبد البَرِّ: (وأجمَعوا أنَّ الثنيَّ فما فوقَه يُجزئ منها كلِّها). ((الاستذكار)) (4/250). ، وابنُ رُشْد [2683] قال ابنُ رُشد: (وأمَّا الأسنان، فإنَّهم أجمَعوا أن الثنيَّ فما فوقه يَجزي منها). ((بداية المجتهد)) (1/376).
الفرع الرابع: أيُّ الهَديِ أفضلُ؟ 
الإبلُ أفضلُ مِن البَقرِ، والبقرُ أفضلُ من الغنمِ في الهَدايا.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر [2684] قال ابن عبد البَرِّ: (إجماعُهم على أنَّ أفضل الهدايا الإبل). ((الاستذكار)) (2/10). ، وابن رشد [2685] قال ابنُ رُشد: (فأمَّا جِنس الهَدي، فإنَّ العلماء متَّفقون على...أنَّ الأفضل في الهدايا هي الإبلُ، ثمَّ البقر، ثمَّ الغنم، ثمَّ المَعْز). ((بداية المجتهد)) (1/376). ، والنووي [2686] قال النوويُّ: (وقد أجمع العلماءُ على أنَّ الإبل أفضلُ من البَقر في الهدايا). ((شرح النووي على مسلم)) (6/137). ، والمرداوي [2687] قال المَرداويُّ: (قوله: والأفضلُ فيهما الإبل، ثمَّ البقر، ثم الغَنم، يعني إذا خرج كاملًا، وهذا بلا نِزاع). ((الإنصاف)) (4/53).
المطلب الثَّاني: حُكْمُ الاشتراكِ في الهَدْيِ
الفرع الأول: الاشتراك في الإبل والبقر 
يجوزُ الاشتراكُ في الهَدْيِ في الإبِلِ والبَقَرِ إلى حَدِّ سبعةِ أشْخاصٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/185)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/223). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/52)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/515). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 532)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/240)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/421).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ (مِن) للتَّبعيضِ، فجاز الاشتراكُ في الهَدْيِ بظاهِرِ الآيةِ ((المحلى)) لابْن حَزْمٍ (7/154).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((نَحَرْنا مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الحُدَيبِيَةِ البَدَنةَ عن سَبْعةٍ, والبَقَرةَ عن سَبْعةٍ )) رواه مسلم (1318)
2- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((فنَحَرَ عليه السلامُ ثلاثًا وستينَ, فأعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَر, وأشرَكَه في هَدْيِه )) رواه مسلم (1218)
3- عن أبي جَمْرة قال: ((سألتُ ابنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن المُتعةِ فأمَرَني بها، وسأَلْتُه عن الهَدْيِ، فقال: فيها جَزورٌ, أو بقَرَةٌ, أو شاةٌ, أو شِرْكٌ في دَمٍ )) رواه البخاري (1688) واللفظ له، ومسلم (1242)
ثالثًا: أنَّه وَرَدَ ذلك عن طائفةٍ كبيرةٍ مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم؛ منهم: عليٌّ، وابن مسعود، وعائشة، وأنس، وإليه رجع ابنُ عمر- رَضِيَ اللهُ عنهم أجمعينَ قال ابنُ حزم: (فصحَّ هذا عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو إجماعٌ مِنَ الصَّحابةِ)) ((المحلى)) (7/151).
رابعًا: القياسُ على اشتراكِ أهلِ البَيتِ في الأضْحِيَّةِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/354).
الفرع الثاني: الاشتراكُ في الشَّاةِ 
لا يجوزُ الاشتراكُ في الشَّاةِ لِمَن لزِمَه دمٌ.
 الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر [2697] قال ابن عبد البَرِّ: (وأجمَع العلماءُ أنَّه لا يجوزُ الاشتراكُ في الشاةٍ لِمَن لزِمه دمٌ). ((التمهيد)) (12/140). ، وأبو العبَّاس القُرْطبي [2698] قال أبو العبَّاس القرطبيُّ: (وأمَّا الغنم، فلا يجوز الاشتراكُ فيها اتفاقًا). ((المفهم)) (3/419). ، والنوويُّ [2699] قال النوويُّ: (وأجمَعوا على أنَّ الشاةَ لا يجوزُ الاشتراك فيها). ((شرح النووي على مسلم)) (9/67).
الفرعٌ الثالث: حُكْمُ التصَدُّقِ بقيمةِ الهَدْيِ
لا يجوزُ أن يُستعاضَ عن ذَبْحِ الهَدْي بالتصدُّقِ بِقِيمَتِه، وهو قرارُ المَجْمَعِ الفِقهيِّ قرار هيئة كبار العُلَماء رقم (43) وتاريخ 13 \ 4 \ 1396 هـ في الدورة الدورة الثامنة. وبعد تداول الرأي تقرر بالإجماع ما يلي: 1- لا يجوزُ أن يُستعاضَ عن ذَبحِ هَدْيِ التمتُّعِ والقِرانِ بالتصدُّقِ بقيمته؛ لدلالة الكتاب والسنَّة والإجماع على منع ذلك، مع أنَّ المقصودَ الأوَّلَ مِن ذَبْحِ الهَدْي هو التقرُّبُ إلى الله تعالى بإراقةِ الدِّماءِ، كما قال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ (1)؛ ولأنَّ مِنَ القواعد المقرَّرة في الشريعة سدُّ الذرائع، والقولُ بإخراج القيمة يُفضِي إلى التلاعب بالشريعةِ، فيقال- مثلًا-: تُخْرِجُ نفقةَ الحجِّ بدلًا مِنَ الحجِّ؛ لصعوبته في هذا العصر، ولأنَّ المصالح ثلاثةُ أقسام: مصلحةٌ مُعتَبَرة بالإجماع، ومصلحةٌ ملغاة بالإجماع، ومصلحةٌ مُرْسَلةٌ، والقولُ بإخراجِ القيمةِ مَصلحةٌ مُلغاةٌ؛ لمعارَضَتِها للأدِلَّة، فلا يجوز اعتبارُها ((أبحاث هيئة كبار العُلَماء)) (2/308) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/213). ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ جاء في فتوى اللجنة الدائمة: (ولا يجوزُ إخراجُ قيمةِ الدَّمِ نقودًا؛ لأنَّ إخراجَ النُّقودِ يخالفُ ما أمَرَ اللهُ به). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (11 / 342). ، وهو قولُ ابنِ باز قال ابنُ باز: (لا يجوزُ إخراجُ قيمة الهَدْيِ، وإنما الواجِبُ ذَبْحُه، والقولُ بجوازِ إخراج القيمة تشريعٌ جديدٌ ومُنكَرٌ؛ قال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (18 / 24)
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 196]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ جلَّ وعلا أوجَبَ على المتمَتِّعِ الهَدْيُ في حالِ القُدرَةِ عليه، فإذا لم يَجِدْ هَدْيًا أو ثمَنَه، فإنَّه ينتقِلُ إلى الصِّيامِ، ولم يجعَلِ اللهُ واسطةً بين الهَدْيِ والصِّيامِ، ولا بدلًا عن الصِّيامِ عند العَجْزِ عنه ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/208).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
 عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((ثُمَّ لْيُهِلَّ بالحَجِّ ويُهْدِي, فمَن لم يجِدْ فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ، وسَبعةً إذا رَجَعَ إلى أهلِه )) رواه البخاري (1691) واللفظ له، ومسلم (1227)
ثالثًا: أنَّ المقصودَ مِن هذه العبادةِ إراقةُ الدَّمِ، وأمَّا اللُّحومُ فهي مقصودةٌ بالقَصْدِ الثَّاني؛ قال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: 37] ، وفي الاكتفاءِ بالتصدُّقِ بالثَّمَنِ دون إراقةِ الدَّمِ إضاعةٌ للقَصْدِ الأوَّلِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/209)، ويُنْظَر: ((تحفة المودود)) لابن القيم (ص: 65).
رابعًا: أنَّ النُّسُكَ عبادةٌ مبنيَّةٌ على التَّوقيتِ، فلا يجوز العُدولُ عن المَشروعِ إلَّا بدليلٍ شَرعيٍّ موجِبٍ للعُدولِ عنه, وكلُّ تَشريعٍ مَبنيٍّ على التوقيتِ فإنَّه لا يدخُلُه الاجتهادُ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/210).
المطلب الثالث: سَوْقُ الهَدْي وتَقليده
الفرع الأول:  سَوْقُ الهَدْي
يُستحبُّ سوقُ الهَديِ، والأفضلُ أن يَسوقَه مِن الحِلِّ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن تيميَّة [2707] قال ابنُ تيميَّة: (ومعلومٌ أنَّ الهَدي الذي يسوقه من الحِلِّ أفضلُ باتِّفاق المسلمين ممَّا يشتريه من الحرَم). ((مجموع الفتاوى)) (26/91-92). ، والعراقيُّ [2708] قال العراقيُّ: (وقد اتَّفق العلماءُ على استحبابِ سَوقِ الهدي). ((طرح التثريب)) (5/34).                     ، والمرداويُّ [2709] قال المَرداويُّ: («سَوقُ الهَدي مسنونٌ، ولا يجب إلَّا بالنذر، ويستحبُّ أن يَقِفه بعرفة، ويجمع فيه بين الحِلِّ والحرم» بلا نزاعٍ). ((الإنصاف)) (4/73).
الفرع الثاني: تَقليدُ الهَديِ [2710]  هو أن يُجعَلَ في عُنُقِه ما يُستَدَلُّ به على أنَّه هَدْيٌ. ((طرح التثريب)) للعراقي (5/129).   
يُستحبُّ تقليدُ الإبلِ والبَقرِ.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر [2711] قال ابن عبد البَرِّ: (وجماعةُ العُلَماءِ كُلُّهم لا يختلفونَ في تقليدِ الهَديِ، ويُجزِئُ عند جميعِهم نَعلٌ واحدةٌ، والذي أجمَعوا عليه مِن تقليدِ الهَدْيِ الإبِلَ والبَقرَ). ((التمهيد)) (22/264). ، وابن بطال [2712] قال ابنُ بطَّال: (وأجمَع العلماءُ على تقليدِ الهَدي، والتَّقليدُ إنَّما هو علامةٌ للهَديِ). ((شرح صحيح البخاري)) (4/381). ، وابن رشد [2713] قال ابنُ رُشد: (وإذا كان الهديُ من الإبل والبقر، فلا خِلافَ أنه يُقلَّد نعلًا، أو نعلين، أو ما أشبه ذلك لِمَن لم يجِد النِّعال). ((بداية المجتهد)) (1/377). ، والنووي [2714] قال النووي: (وقوله صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((لبَّدْتُ رأسي وقلَّدْتُ هَدْيي)) فيه استحبابُ التلبيدِ وتَقْليد الهَدْيِ، وهما سُنَّتان بالاتفاق). ((شرح النووي على مسلم)) (8/212). ، والعراقي [2715] قال العراقيُّ: (وقد اتَّفَقَ العُلَماءُ على... استِحبابِ تقليدِ الإبِلِ والبَقَرِ). ((طرح التثريب)) (5/34).
المطلب الرابع: زَمَنُ الذَّبحِ
الفرع الأول: أوَّلُ زَمَنِ الذَّبحِ
يبتدِئُ وَقْتُ ذَبحِ الهَدْيِ يومَ النَّحْرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة لكن يجوز عند الحنفيَّة: ذبحُ دمِ التطوُّعِ قبل يومِ النَّحر؛ لأنها هدايا، وذلك يتحقَّق بتبليغها إلى الحَرَم، وإن كان ذبحُها في أيَّامِ النَّحر أفضل؛ لأنَّ معنى القُربة في إراقةِ الدَّمِ فيها أظهَرُ. ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (4/73)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/162). ، والمالِكيَّة ((مواهب الجليل)) الحطاب (4/273)، ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عَبْدِ البَرِّ (5/243). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 414)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/245)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/456).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه جاء في الآيةِ الكريمةِ أنَّ الحَلْقَ لا يكونُ إلَّا بعد أن يبلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه، ومعلومٌ أنَّ الحَلقَ لا يكونُ إلَّا يومَ النَّحرِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/187، 195).
2- قولُه تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ [الحج: 28-29]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قَضاءَ التَّفَثِ يختَصُّ بيومِ النَّحرِ، وقد جاء مرتَّبًا على النَّحرِ والأكْلِ منه ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/186).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن حَفصةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((يا رسولَ اللهِ، ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحلل أنت مِن عُمْرَتِك؟ فقال: إنِّي لبَّدْتُ رأسِي، وقلَّدْتُ هَدْيي، فلا أحِلُّ حتى أنحَرَ )) رواه البخاري (1566) واللفظ له، ومسلم (1229)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه علَّقَ الحِلَّ على النَّحر، ومعلومٌ أنَّ الحِلَّ لا يكونُ إلَّا يومَ النَّحرِ وانظر أيضًا: ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/187). :
2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه قَدِموا في عَشْرِ ذي الحِجَّة، وقد بَقِيَتِ الغَنَمُ والإبلُ التي معهم موقوفةً حتى جاء يومُ النَّحرِ، فلو كان ذبحُها جائزًا قبل ذلك لبادَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه إليه في الأيَّامِ الأربعةِ التي أقاموها قبل خُرُوجِهم إلى عَرَفاتٍ؛ لأنَّ النَّاسَ بحاجةٍ إلى اللُّحومِ في ذلك الوقتِ، فلمَّا لم يفعَلْ ذلك دلَّ ذلك على عَدَمِ الإجزاءِ، وأنَّ الذي ذبحَ قبلَ يومِ النَّحرِ قد خالَفَ السنَّة، وأتى بشرعٍ جديدٍ؛ فلا يُجْزِئُ؛ كمن صلَّى أو صام قبل الوقتِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/516)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/192)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (18/29).
3- أنَّه لو كان ذبحُ الهَدْيِ جائزًا قبل يوم العيدِ؛ لفَعَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينما أمَرَ أصحابَه أن يَحِلُّوا مِنَ العُمْرةِ مَنْ لم يكن معه هَدْيٌ؛ لأجلِ أن يطمئِنَّ أصحابُه في التحلُّلِ مِنَ العُمْرةِ، فدلَّ امتناعُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ذَبْحِ هَدْيِه قبل يوم النَّحرِ مع دعاءِ الحاجةِ إليه على أنَّه لا يجوزُ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (25/90).
ثالثًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ، فلا يجوزُ قبل يومِ النَّحرِ، كالأضْحِيَّة ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/186)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/192).
الفرع الثاني: آخِرُ زَمَنِ الذَّبْحِ
اختلفَ أهلُ العِلمِ في آخِرِ زَمَنِ الذَّبحِ على أقوال، أشهَرُها قولانِ:
القول الأوّل: أنَّ زَمَنَ الذَّبحِ يستمِرُّ إلى يومينِ بعد يوم النَّحرِ، فيكون مجموعُ أيَّامِ النَّحرِ ثلاثةَ أيَّامٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (4/73)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/162). ، والمالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/273)، ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عَبْدِ البَرِّ (5/243). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/63)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/245). ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ ((الاستذكار)) لابن عَبْدِ البَرِّ (5/244).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأيَّامَ المعلوماتِ هي يومُ النَّحرِ ويومانِ بعده، ويدلُّ على ذلك أنَّ لفظ: (المعلومات) جمعُ قلَّةٍ، والمتيقَّنُ منه الثلاثةُ، وما بعد الثَّلاثةِ غيرُ متيقَّنٍ، فلا يُعمَل به ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/436)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/201).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن تُؤكَلَ لُحومُ الأضاحيِّ بعدَ ثلاثٍ )) رواه البخاري (5574)، ومسلم (1970) واللفظ له.
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه أباح الأكَلَ منها في أيَّامِ الذَّبحِ، ولو كان اليومُ الرَّابِعُ منها لكان قد حَرَّمَ على من ذَبَحَ في ذلك اليومِ أن يأكُلَ مِن أضْحِيَّتِه، وليس هناك فرقٌ بين الأضْحِيَّة والهَدْيِ بالنسبةِ لزَمَن الذَّبح ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/201).
ثالثًا: أنَّه وَرَدَ عن الصحابة رَضِيَ اللهُ عنهم تخصيصُه بالعيدِ ويومينِ بعده، منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس، وابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا يُعرَف لهم مِنَ الصَّحابةِ مخالِفٌ, ومثلُ هذا لا يُقالُ بالرأي ((المحلى)) لابْن حَزْمٍ (7/377، 378 رقم 982)، ((الاستذكار)) لابن عَبْدِ البَرِّ (5/243).
رابعًا: أنَّه قد ثبَتَ الفَرْقُ بين أيَّامِ النَّحْرِ وأيَّامِ التَّشريقِ؛ ولو كانت أيامُ النَّحرِ أيَّامِ التَّشريقِ لَمَا كان بينهما فرقٌ، وكان ذِكْرُ أحَدِ العَدَدينِ ينوبُ عن الآخَرِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/202).
القول الثاني: أنَّ وَقتَ الذَّبحِ ينتهي بغُروبِ شَمْسِ اليومِ الثَّالثِ مِن أيَّامِ التَّشريقِ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيِّ ((المجموع)) للنووي (8/380). ، وقولٌ للحَنابِلة ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّة (5/385)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/63). ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ قال ابنُ القيم: (وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أيامُ النَّحر يومُ الأضحى، وثلاثة أيام بعده، وهو مذهبُ إمامِ أهلِ البصرة: الحَسَنِ، وإمامِ أهلِ مكَّةَ: عطاءِ بنِ أبي رَباحٍ، وإمامِ أهلِ الشامِ: الأوزاعيِّ، وإمامِ فقهاءِ أهلِ الحديثِ: الشَّافعيِّ رحمه الله، واختاره ابن المُنْذِر) ((زاد المعاد)) (2/291)، ويُنْظَر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/204). ، واختارَه ابنُ المُنْذِر ((زاد المعاد)) (2/291). ، وابنُ تيميَّة ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيميَّة (5/385)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/63). ، وابنُ باز ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/78). ، وابنُ عُثيمين ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (25/90). ، وبه صدَرَ قرارُ هيئةِ كبارِ العُلَماءِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/213).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
 قولُه تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ هَدْيَه يومَ النَّحْرِ أخرجه البخاري (1691)، ومسلم (1227) مطولًا.
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لَمَّا لم يَحْظُر على النَّاسِ أن ينحَرُوا بعدَ يومِ النَّحر بيومٍ أو يومينِ؛ لم نَجِدِ اليومَ الثَّالثَ مفارِقًا لليومينِ قَبْلَه؛ لأنَّه يُنْسَكُ فيه ويُرمَى، كما يُنْسَكُ ويُرمَى فيهما ((الأم)) (2/248).
2- عن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((كلُّ مِنًى مَنحَرٌ، وكلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْحٌ)) رواه أحمد (16797)، وابن حبان (3854)، والطبراني (2/138) (1583)، والبيهقي (10525). قال ابنُ القيِّم في ((زاد المعاد)) (2/291): رُوِيَ من وجهين مختلفينِ يَشُدُّ أحدُهما الآخَرَ، ورُوِيَ من حديثِ جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ، وفيه انقطاعٌ، ووثَّق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/27)، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/211): له شاهد، وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4537).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ نَصٌّ في الدَّلالةِ على أنَّ كُلَّ أيَّامِ مِنًى أيامُ نَحرٍ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/203).
ثالثًا: أنَّ الثَّلاثةَ أيَّامٍ تختَصُّ بكونها أيامَ مِنًى، وأيامَ الرَّمْيِ، وأيَّامَ التَّشريقِ، وأيَّامَ تَكبيرٍ وإفطارٍ، ويحرُمُ صيامُها؛ فهى إخْوةٌ في هذه الأحكامِ، فكيف تَفْتَرِقُ في جوازِ الذَّبحِ بغيرِ نَصٍّ ولا إجماعٍ؟! ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/319)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/204).
فرعٌ:
السنَّة في وقتِ النَّحرِ أن يكون يومَ العيدِ بعد أن يُفْرَغَ مِنَ الرَّمْيِ وقبل الحَلْقِ أو التَّقْصيرِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى سَبْعَ حَصَياتٍ مِن بطنِ الوادي، ثم انصَرَفَ إلى المَنْحَرِ فنَحَرَ )) رواه مسلم (1218).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عبد البر: (وأجمعَ العُلَماءُ أنَّ هذه سنَّةُ الحاجِّ: أن يرمِيَ جَمْرةَ العَقبةِ يومَ النَّحرِ ثمَّ ينحَر هديًا إن كان معه، ثم يحْلِق رأسَه) ((الاستذكار)) (4/394). وقال أيضًا: (فلا خلافَ بين العُلَماءِ أنَّ سُنَّة الحاجِّ أن يرمِيَ جَمْرةَ العَقَبةِ يومَ النَّحرِ, ثم ينحَرَ هديًا إن كان معه ثم يحلِقَ رأسَه) ((التمهيد)) (7/267). وابنُ رُشْدٍ قال ابنُ رشد: (ثبت أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى في حَجَّتِه الجَمْرةَ يومَ النَّحرِ، ثمَّ نَحَرَ بُدُنَه، ثمَّ حلق رأسَه، ثم طاف طوافَ الإفاضةِ، وأجمع العُلَماءُ على أنَّ هذا سُنَّةُ الحجِّ) ((بداية المجتهد)) (1/352). ، وابنُ حَجَرٍ قال ابنُ حجر: (قد أجمع العُلَماءُ على مطلوبيَّةِ هذا الترتيب، إلَّا أنَّ ابنَ الجهْمِ المالكيَّ استثنى القارِنَ، فقال: لا يحلِق حتى يطوفَ، كأنَّه لاحَظَ أنَّه في عملِ العُمْرةِ، والعُمْرةُ يتأخَّرُ فيها الحلقُ عن الطَّواف، وردَّ عليه النوويُّ بالإجماع، ونازعه ابنُ دقيق العيد في ذلك) ((فتح الباري)) (3/571).
المطلب الخامس: مكانُ الذَّبْحِ
يجب أن يكونَ ذَبْحُ الهَدْيِ في الحَرَمِ، ولا يختصُّ بمِنًى، وإن كان الأفضَلُ أن يكون بمِنًى، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/186)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/224). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/187، 191)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/187). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/376)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/416).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مَحِلَّ الهَدْيِ الحَرَمُ عند القُدرةِ على إيصالِه ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/207).
2- قال اللهُ تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 33]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النصَّ جاء بأنَّ شعائِرَ اللهِ تعالى مَحِلُّها إلى البيتِ العَتيقِ، وهذا عامٌّ في الهدايا ((المحلى)) لابْن حَزْمٍ (7/156 رقم 836)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/207).
3- قال تعالى في جزاءِ الصَّيدِ: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لو جاز ذَبحُه في غيرِ الحَرَمِ لم يكُنْ لذِكْرِ بلوغِه الكعبةَ معنًى، وهذا الحكمُ وإن كان في كفَّارةِ الصَّيدِ إلَّا أنَّه صار أصْلًا في دماءِ النُّسُكِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/224)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/186).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نَحَرْتُ ها هنا، ومِنًى كلُّها مَنْحَرٌ )) رواه مسلم (1218)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
يدلُّ على أنَّه حيثما نُحِرَتِ البُدُنُ, والهَدايا- مِن فجاجِ مكَّةَ ومِنًى والحَرَمِ كُلِّه- فقد أصاب النَّاحِرُ ((المحلى)) (7/156 رقم 836).
2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ هَدْيَه في مِنًى، وقال: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم )) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/226). والحديث رواه مسلم (1297) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
ثالثًا: أنَّ الهَدْي اسمٌ لِمَا يُهدَى إلى مكانِ الهدايا، ومكانُ الهدايا الحَرَمُ، وإضافةُ الهدايا إلى الحرمِ ثابتةٌ بالإجماعِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/224)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/163).
رابعًا: أنَّ هذا دمٌ يجبُ للنُّسُكِ، فوجب أن يكونَ في مكانِه، وهو الحَرَمُ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/226).
المطلب السادس: التطوُّعُ في الهَدْيِ
يُسَنُّ التطوُّعُ بالهَدْيِ للمُفْرِد والمتمَتِّع والقارِن تقدَّمَ الكلامُ عن وجوبِ الهَدْيِ على القارِنِ والمتمَتِّعِ إذا لم يكونا مِن حاضِرِي المسجِدِ الحرام. وللحاجِّ ولغيرِ الحاجِّ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثم انصَرَفَ إلى المنحَرِ، فنَحَرَ ثلاثًا وستِّينَ بِيَدِه، ثم أعطى عليًّا، فنحر ما غَبَر، وأشْرَكَه في هَدْيِه، ثم أمَرَ مِن كُلِّ بدَنةٍ ببَضْعَةٍ، فجُعِلَتْ في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكَلا مِن لَحْمِها وشَرِبَا مِن مَرَقِها )) رواه مسلم (1218)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه معلومٌ أنَّ ما زاد على الواحِدةِ منها تطوُّعٌ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/197)، ويُنْظَر: ((التمهيد)) لابن عَبْدِ البَرِّ (2/113).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أهْدَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّةً غَنمًا )) رواه البخاري (1701) واللفظ له، ومسلم (1321)
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((فَتَلْتُ قلائِدَ هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ أشْعَرَها وقَلَّدَها، أو قَلَّدْتُها، ثم بعَثَ بها إلى البيتِ، وأقامَ بالمدينةِ، فما حَرُمَ عليه شيءٌ كان له حِلٌّ )) رواه البخاري (1699) واللفظ له، ومسلم (1321)
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَلَ القرافيُّ الإجماعَ على ذلك قال القرافي: (لا أعلم في التطوُّع بالهَدْيِ خلافًا، وقد بعث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالهدايا تطوعًا مع ناجية الأسلميِّ ومع غيره، وما زال السَّلَف على ذلك) ((الذخيرة)) (3/354).
المطلب السابع: الأكلُ مِنَ الهَدْيِ
الفرع الأوَّل: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ التطوُّعِ
يُسَنُّ لِمَن أهدى هدْيًا تطوُّعًا أن يأكُلَ منه إذا بلغ مَحِلَّه في الحَرَمِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قال اللهُ عزَّ وجلَّ: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 27]
2- وقال عزَّ وجلَّ: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا [الحج: 36]
وَجْهُ الدَّلالة مِنَ الآيتينِ:
أنَّ فيهما الأمْرَ بالأكلِ مِنَ الهَدْيِ، وأقلُّ أحوالِ الأمرِ الاستحبابُ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: ((في قولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ما يُغني عن قَولِ كُلِّ قائلٍ إلَّا أنِّي أقولُ: الأكلُ مِنَ الهَدْي بالقرآنِ، ومِنَ الضَّحِيَّةِ بالسُّنَّة)) ((التمهيد)) (10/267)، ويُنْظَر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/579).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثمَّ انصَرَف إلى المَنْحَر، فنَحَر ثلاثًا وسِتِّينَ بِيَدِه، ثم أعطى عليًّا، فنَحَر ما غَبَرَ، وأشْرَكَه في هَدْيِه، ثم أمَرَ مِن كُلِّ بَدَنةٍ ببَضْعةٍ، فجُعِلَت في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكَلا مِن لَحْمِها وشَرِبا مِنْ مَرَقِها )) رواه مسلم (1218)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه معلومٌ أنَّ ما زاد على الواحِدةِ منها تطوُّعٌ، وقد أكل منها وشَرِبَ مِن مَرَقِها جميعًا ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/197)، ويُنْظَر: ((التمهيد)) لابن عَبْدِ البَرِّ (2/113).
2- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((كنَّا لا نأكُلُ مِن لحوم بُدُنِنا فوق ثلاث منى فرَخَّصَ لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلُوا وتزَوَّدوا، فأكَلْنا وتَزَوَّدْنا )) رواه البخاري (1719) واللفظ له، ومسلم (1972)
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على جوازِ الأكْلِ مِن هَدْيِ التطوُّعِ: النوويُّ قال النووي: (أجمع العُلَماءُ على أنَّ الأكلَ مِنْ هَدْي التطوُّع وأضْحِيَتِه سنَّةٌ ليس بواجبٍ) ((شرح النووي على مسلم)) (8/192). ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (أجمع العُلَماءُ على جوازِ الأكلِ مِنَ التطوُّعِ إذا بَلَغ مِحِلَّه) ((التمهيد)) (2/113). ، وابنُ حَجَرٍ ((فتح الباري)) لابن حجر (3/556). ، والشنقيطيُّ قال الشنقيطي: (الأكلُ مِن هَدْيِ التطوُّعِ لا خلافَ فيه بين العُلَماءِ بعد بُلوغِه مَحِلَّه، وإنَّما خلافُهم في استحبابِ الأكلِ منه، أو وُجوبِه) ((أضواء البيان)) (5/197).
رابعًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ، ولا يتعَيَّن صَرْفُه إلى الفقراءِ، والقاعدةُ أنَّ ما لم يجِبْ صَرْفُه على الفُقَراءِ جاز الأكلُ منه ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/162).
الفرع الثَّاني: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ التمتُّعِ والقِرانِ
يجوزُ لصَاحِبِ الهَدْي أن يأكُلَ مِنْ هَدْيِ التمَتُّعِ والقِرانِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة وذهب الحنفية إلى استحبابه. ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/186)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/161). ، والمالِكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (2/89)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/855). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/75)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/579).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قال اللهُ عزَّ وجلَّ: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 28]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه سبحانه أمَرَ بالأكلِ مِنَ الهَدْيِ، فعَمَّ ولم يخُصَّ واجبًا مِن تطوُّعٍ، وهي مِن شعائِرِ اللهِ، فلا يجبُ أن يُمتَنَع مِن أكْلِ شيءٍ منها إلَّا بدليلٍ لا مُعارِضَ له أو بإجماعٍ ((التمهيد)) لابن عَبْدِ البَرِّ (2/113).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((فدُخِلَ علينا يومَ النَّحرِ بلَحْمِ بَقَرٍ، فقلتُ: ما هذا؟ فقيل: ذَبَحَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أزواجِه )) رواه البخاري (1709)، ومسلم (1211) واللفظ له.
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ أزواجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَبَحَ عنهُنَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَقرًا، ودُخِلَ عليهِنَّ بلَحْمِه وهنَّ متمَتِّعاتٌ، وعائشةُ منهُنَّ قارِنَةٌ، وقد أكَلْنَ جميعًا مِمَّا ذُبِحَ عَنهُنَّ في تمتُّعِهِنَّ وقرانهن بأمْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في جوازِ الأكلِ مِنْ هَدْيِ التمتُّعِ والقِرانِ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/197).
ثالثًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ وشُكْرانٍ، وسَبَبُه غيرُ محظورٍ، ولم يُسَمَّ للمساكينِ، ولا مَدْخَلَ للإطعامِ فيه، فأشبَهَ هَدْيَ التطوُّعِ ((المغني)) لابن قُدامة (3/465).
الفرع الثَّالث: الأكلُ مِنَ الهَدْيِ الذي وجَبَ لتَرْكِ نُسُكٍ أو تأخيرِه، أو كان بسبَبِ فَسْخِ النُّسُكِ
لا يجوز الأكلُ مِنَ الهَدْيِ الذي وجب لتَرْكِ نُسُكٍ أو تأخيرٍ، أو كان بسبَبِ فَسْخِ النُّسُكِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/186)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/161). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/221)، ((المجموع)) للنووي (8/417). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/75)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/579). وذلك لأنَّه وقع الإجماعُ على أنَّ ما ألزَمَه اللهُ من ذلك فإنَّما ألزَمَه لغَيرِه، فغيرُ جائزٍ له أكْلُ ما عليه أن يتصَدَّقَ به, كما لو لَزِمَتْه زكاةٌ في مالِه لم يكُنْ له أن يأكُلَ منها, بل كان عليه أن يُعْطِيَها أهلَها الذين جَعَلَها اللهُ لهم ((تفسير الطبري)) (3/409).
الفرع الرابع: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ الكفَّاراتِ
لا يجوز الأكلُ مِن هَدْيِ الكفَّاراتِ الذي وجب لفعلِ محظورٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/186)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/161، 162). ، والمالِكيَّة ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/89)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/855). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/221)، ((المجموع)) للنووي (8/417).. ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/75)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لابن قُدامة (3/579). ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ منهم: عطاء، وطاووس، ومجاهد. يُنْظَر: ((الاستذكار)) لابن عَبْدِ البَرِّ (4/255)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/557). ؛ وذلك لأنَّها عِوَضٌ عنِ الترَفُّه، فالجمْعُ بين الأكلِ منها والتَّرَفُّه، كالجَمْعِ بين العِوَضِ والمُعَوَّضِ ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/89).
المطلب الثامن: مَنْ لم يقْدِرْ على الهَدْيِ
الفرع الأوَّل: حُكْمُ مَن لم يقدِرْ على الهَدْيِ
إذا لم يقدِرِ المتمَتِّعُ والقارِنُ على الهَدْيِ بأنْ لم يجِدْ هَدْيًا في السُّوقِ، أو وَجَدَه لكن لم يجِدْ معه ثَمَنَه- فإنِّه يصومُ عَشَرَةَ أيَّامٍ: ثلاثةً في الحَجِّ، وسَبْعةً إذا رَجَعَ ((مغني المحتاج)) للشربيني(1/516)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/176).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة: 196]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((تمتَّعَ النَّاسُ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالعُمرةِ إلى الحجِّ، فكان من النَّاسِ من أهدَى فساقَ الهَدْيَ، ومنهم من لم يَهْدِ، فلمَّا قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مكَّةَ، قال للنَّاسِ: من كان منكم أهدى، فإنَّه لا يَحِلُّ لشَيءٍ حَرُمَ منه حتى يقضِيَ حَجَّه، ومن لم يكُن منكم أهدى فلْيَطُفْ بالبيتِ، وبالصَّفَا والمروةِ، ولْيُقَصِّرْ، وليَحْلِلْ، ثمَّ لْيُهِلَّ بالحجِّ، فمن لم يجِدْ هدْيًا فلْيصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه )) رواه البخاري (1691) واللفظ له، ومسلم (1227).
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِر: (أجمعوا على أنَّ مَن أهَلَّ بعُمْرةٍ في أشهُرِ الحَجِّ مِن أهلِ الآفاقِ، وقَدِمَ مكَّة ففَرَغَ منها، فأقام بها فحَجَّ مِن عامِه أنَّه متمَتِّعٌ، وعليه الهَدْيُ إذا وجد، وإلَّا فالصِّيامُ) ((الإجماع)) (ص: 56). وابنُ قُدامة قال ابنُ قُدامة: (لا نعلمُ بين أهل العِلمِ خلافًا، في أنَّ المتمتِّعَ إذا لم يجِدِ الهَدْيَ، ينتقِلُ إلى صيام ثلاثةِ أيَّامٍ في الحج، وسبعةٍ إذا رجع؛ تلك عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) ((المغني)) (3/417).
الفرع الثَّاني: وقْتُ صيامِ الأيَّامِ الثَلاثةِ في الحَجِّ لِمَنْ لم يَجِدِ الهَدْيَ
مَن لم يجِدِ الهَدْيَ فإنَّه يبتدئُ الصِّيامَ مِن زَمَنِ إحرامِه، سواءٌ كان بإحرامِه بالعُمْرةِ إذا كان متمتِّعًا، أو كان بإحرامِه بالحَجِّ والعُمْرةِ إذا كان قارِنًا، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (4/327)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/157). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/453)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/417). ، واختارَه ابنُ عُثيمين ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/481)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/42).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قال الله تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: 196]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه جَعَلَ الحجَّ ظرفًا للصَّومِ، وأفعالُ الحَجِّ لا يُصامُ فيها، وإنَّما يُصامُ في أشْهُرِها أو وَقْتِها، فعَرَفْنا أنَّ المرادَ به وَقْتُ الحَجِّ، كما قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ((المبسوط)) للسرخسي (4/327)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/418). [البقرة: 197]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((دَخَلَتِ العُمْرةُ في الحَجِّ )) رواه مسلم (1218).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه يدلُّ على جوازِ الصِّيامِ مِنَ الإحرامِ بالعُمْرةِ؛ وذلك لأنَّ العُمْرةَ دَخَلَتْ في الحجِّ إلى يومِ القيامةِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/481)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/42).
ثالثًا: أنَّه لا بدَّ مِنَ الحُكْمِ بجوازِ الصَّومِ بعد الإحرامِ بالعُمْرةِ، وقبل الشُّروعِ في الحجِّ؛ إذ لو كان لا يجوزُ إلَّا بعد إحرامِه بالحَجِّ لَمَا أمكَنَه صيامُ الثَّلاثةِ أيَّامٍ؛ لأنَّه إنَّما يُشرَع له الإحرامُ بالحَجِّ يومَ التَّرْوِيةِ، فلا يتبقَّى له ما يَسَعُ الصِّيامَ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/172).
رابعًا: أنَّ صيامَ المتمَتِّعِ قبل إحرامِه بالحَجِّ هو من بابِ تقديمِ الواجِبِ على وقتِ وُجوبِه إذا وُجِدَ سَبَبُه، وهو جائزٌ؛ كتقديمِ الكفَّارةِ على الحِنْثِ بعد اليَمينِ ((المغني)) لابن قُدامة (3/418)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/453).
خامسًا: أنَّ إحرامَ العُمْرةِ أحَدُ إحرامَيِ التمتُّعِ، فجاز الصَّومُ بعده كإحرامِ الحَجِّ ((الذخيرة)) للقرافي (3/352، 352).
مسألةٌ:
الأفضَلُ أن يُقَدِّمَ صيامَ الأيام الثلاثة على يومِ عَرَفة، ليكونَ يومَ عَرَفةَ مُفْطرًا، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/185)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/517). ، ورُوِيَ عن مالك ((تفسير القرطبي)) (2/399). ، وهو قولٌ للحَنابِلة ((المغني)) لابن قُدامة (3/417). ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ قال ابنُ قُدامة: (وروى ابن عمر، وعائشة، أن يصومهن ما بين إهلاله بالحج ويوم عَرَفة. وظاهر هذا أن يجعل آخرها يوم التَّرْوِية. وهو قول الشافعي). ((المغني)) (3/417). ، واختارَه ابنُ باز ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/88). ، وابنُ عُثيمين ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/376).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفطَرَ بعَرَفةَ، وأرسَلَتْ إليه أمُّ الفَضْلِ بلَبَنٍ فشَرِبَ )) رواه الترمذي (750)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (2815)، وأحمد (2517) قال الترمذي: حسن صحيح، وصحَّحه الطبري في ((مسند عمر)) (1/350)، وابن دقيق في ((الاقتراح)) (106)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (4/178)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (750)
ثانيًا: أنَّ الفِطْرَ في هذا اليومِ أقوى على العبادةِ، وأنشَطُ له على الذِّكْرِ والدُّعاءِ ((تفسير القرطبي)) (2/399)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/88).
الفرع الثَّالث: صيامُ أيَّامِ التَّشريقِ لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ
يجوزُ صَوْمُ أيَّامِ التَّشريقِ أيام التشريق: هي أيَّامُ مِنًى الثلاثةُ التي تلي يومَ النَّحرِ. قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (لا خلافَ بين العُلَماء أنَّ أيَّامَ التشريقِ هي الأيامُ المعدوداتِ، وهي أيامُ مِنًى، وهي ثلاثةُ أيَّامٍ بعد يوم النَّحر، كلُّ هذه الأسماءِ واقعةٌ على هذه الأيَّامِ، ولم يختلفوا في ذلك). ((التمهيد)) (12/129)، ويُنْظَر:((فتح الباري)) لابن حجر (4/243). لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ، ولم يكُنْ قد صامَها قبلَ يومِ النَّحرِ، وهذا مذهب المالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/346)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/558). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/249)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/111). ، وقولٌ للشافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/455)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/517). ،وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ فهو قول: ابن عمر، وعائشة رضي الله عنهما، والزهري، وعروة، والأوزاعي، وإسحاق. ((التمهيد)) لابن عَبْدِ البَرِّ (12/128)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/434). ، واختاره البخاريُّ ((فتح الباري)) لابن حجر (4/242). ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ في صيامِها لِمَن لم يجدِ الهَدْيَ: (وهو الأَولى؛ لأنَّها مِن أيَّامِ الحَجِّ، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/347). ، وابنُ حجرٍ قال ابنُ حجر: (تعارَضَ عمومُ الآيةِ المُشْعِرُ بالإذنِ، وعُمومُ الحَديثِ المُشْعِرُ بالنَّهيِ، وفي تخصيصِ عُمومِ المتواتِر بعمومِ الآحادِ نَظَرٌ لو كان الحديثُ مرفوعًا، فكيف وفي كونِه مرفوعًا نَظَرٌ؟ فعلى هذا يترجَّحُ القَولُ بالجوازِ، وإلى هذا جنح البخاريُّ. واللهُ أعلم) ((فتح الباري)) (4/243). ، وابنُ باز ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/88). ، والألبانيُّ ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) للألباني (12/382 رقم 5664). ، وابنُ عُثيمين ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/481).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: 196]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عمومَ قَولِه: فِي الْحَجِّ يعمُّ ما قبلَ يومِ النَّحرِ وما بَعْدَه، فتدخُلُ أيَّامُ التَّشريقِ ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (3/472).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عنِ ابنِ عُمَرَ وعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنهما قالا: ((لم يُرخَّصْ في أيَّامِ التَّشريقِ أنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَن لا يجِدُ الهَدْيَ )) رواه البخاري (1997، 1998)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قولَ الصَّحابيِّ: لم يُرخَّصْ أو رُخِّصَ لنا، أو ما أشبه ذلك؛ يُعتَبَر مرفوعًا حُكمًا ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/481، 7/179).
ثالثًا: أنَّ صَوْمَها في أيَّامِ التَّشريقِ صَوْمٌ لها في أيَّامِ الحَجِّ؛ لأنَّ أيَّامَ التشريقِ أيَّامٌ للحَجِّ، ففيها رميُ الجَمَراتِ في الحادِيَ عَشَر والثَّاني عَشَر، وكذلك الثَّالثَ عَشَر ((الاستذكار)) للنووي (4/414)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمن(7/179).             
الفرع الرابع: حُكْمُ مَن فاتَه الصِّيامُ في الحَجِّ
مَن لم يَصُمِ ثلاثةَ الأيَّامِ في الحَجِّ؛ فإنَّه لا يَسقُطُ الصِّيامُ عنه، ويلزَمُه بعد ذلك القضاءُ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/84)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/351). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/186)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/517). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/364)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/369). ؛ وذلك استدراكًا للواجِبِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/454).
الفرع الخامس: ما يلْزَمُ مَن أخَّرَ صيامَ الأيامِ الثَّلاثةِ التي في الحَجِّ حتى انتهى حَجُّه
مَن أخَّرَ صيامَ الأيَّامِ الثَّلاثةِ التي في الحَجِّ حتى انتهى حجُّه، فلا تلزَمُه الفِدْيةُ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/84)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/351). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/53)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/517). ، واختارَه ابنُ عُثيمين ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/180).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه لَمَّا عَدِمَ الهَدْيَ صار الصِّيامُ واجبًا في حقِّه، فإذا تأخَّرَ عن أدائِه فإنَّه يُقضَى كرمضانَ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/180).
ثانيًا: أنَّ الصَّومَ بَدَلٌ عن الهَدْيِ، فلو وجَبَ الدَّمُ لاجتمَعَ البَدَلُ والمُبدَلُ معه، وهو خلافُ الأصلِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/352).
الفرع السادس: حُكْمُ صيامِ الأيَّامِ السبْعةِ بمكَّةَ بعد فراغِه مِنَ الحَجِّ
يجوزُ صِيامُ الأيام السبعة بمكَّةَ بعد فراغِه مِنَ الحجِّ، وإن كان الأفضَلُ تأخيرَه إلى أن يرجِعَ إلى أهْلِه، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/155)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/173). ، والمالِكيَّة ((مواهب الجليل)) لحطاب (4/270)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/85). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/454)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/418). ، وهو قولٌ للشافعي ((المجموع)) للنووي (7/187)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/54).
الأدِلَّة:
أدِلَّة جوازِ الصِّيامِ بعد فراغِه مِنَ الحَجِّ
أولًا: مِنَ الكِتابِ
 قولُه تعالى: وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 197]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المرادَ مِنَ الرُّجوعِ الفَراغُ مِنَ الحجِّ؛ لأنَّ الفراغَ منه سبَبُ الرُّجوعِ إلى أهلِه، فكان الأداءُ بعد حصولِ السَّبَب، فيجوزُ ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/155).
ثانيًا: أنَّ كُلَّ صَومٍ لَزِمَه، وجاز في وَطَنِه، جاز قبل ذلك، كسائِرِ الفُروضِ ((المغني)) لابن قُدامة (3/418).
ثالثًا: أنَّه صومٌ وُجِدَ مِن أهْلِه بعد وجودِ سَبَبِه، فأجزَأَه، كصومِ المُسافِرِ والمريضِ ((المغني)) لابن قُدامة (3/418).
أفضليَّةُ الصِّيامِ بعد رجوعِه إلى أهلِه:
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فمَنْ لم يجِدْ هَدْيًا فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ، وسَبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه )) رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227).
الفرع السابع: حُكْمُ التَّتابُعِ في صيامِ هذه الأيَّامِ
يجوز صَوْمُ الثلاثةِ أيَّامِ في الحَجِّ، والسَّبعةِ إذا رجَعَ إلى أهلِه؛ متتابعةً ومتفَرِّقةً، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (3/148)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/76). ، والمالِكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (2/413)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/267). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/189)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/517).       ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/365)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/336). ، وحُكِيَ في ذلك الإجماعُ قال ابنُ قُدامة: (لا يجب التتابعُ، وذلك لا يقتضي جمعًا ولا تفريقًا. وهذا قول الثوري، وإسحاق، وغيرهما. ولا نعلم فيه مخالِفًا). ((المغني)) (3/418).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 196] ((المبسوط)) للسرخسي (3/148).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (( فمَنْ لم يَجِدْ هَدْيًا فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ، وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه )) رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227).
وَجْهُ الدَّلالة مِنَ الدَّليلينِ:
أنَّ الشَّارِعَ أطلَقَ الصِّيامَ ولم يَشْتَرِطْ فيه التَّتابُعَ، والواجِبُ إطلاقُ ما أطلَقَه اللهُ ورسولُه ((المبسوط)) للسرخسي (3/148)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/376).

انظر أيضا: